الرئيس التونسي يتوعد بمحاسبة “الفاسدين والخونة”
“من يسعى إلى ضرب الدولة من الداخل سيتحمل مسؤوليته كاملة”
في ظل تفاقم الأزمة الاقتصادية في تونس بسبب تداعيات الحرب الروسية – الأوكرانية، وموجة الغلاء العالمي في أسعار المواد الأساسية مثل القمح والمحروقات وأثرت على العديد من البلدان، تحاول حركة النهضة الإخونجية والمتحالفين معها من جبهة الخلاص الوطني واتحاد الشغل، الضغط على الرئيس التونسي قيس سعيد بهدف إحراجه سياسياً تمهيداً لعودة حكم الإخونجية في البلاد.
في مقابل ذلك، أدلى الرئيس التونسي قيس سعيد بتصريحات صحافية، تعكس إصراه على استكمال المسار الديمقراطي ومحاربة الفساد والمتورطين في الإرهاب.
وقال خلال اجتماع وزاري في قصر قرطاج، الأربعاء الماضي، أن الانتخابات التشريعية التي “جرت في كنف احترام القانون”، وأن “الدولة قوية بمؤسساتها وليست غنيمة كما يدعي البعض”، مشددا على أن “هذه الأوضاع لا يمكن أن تستمر”، وأنه “لا يمكن للمتطاولين على الدولة ورموزها أن يبقوا دون جزاء في إطار القانون”.
ضرب الدولة من الداخل
وأضاف سعيد، في كلمته التي بثها التلفزيون الرسمي مساء الأربعاء، بأنه “لا مجال لأن يحل أحد محل الدولة ومؤسساتها”، وأن “السيادة خط أحمر ولن يتم التفريط في أي جزء منها مهما كانت الأهوال”.
وعن ضرورة تطبيق القانون للحفاظ على الوطن والدولة والمؤسسات والشعب، وقال سعيد، إن “من يسعى إلى ضرب الدولة من الداخل والسلم الأهلي سيتحمل مسؤوليته كاملة”.
ووصف الرئيس المعنيين بكلامه بـ”الفاسدين والخونة الذين يتعمدون كل يوم ضرب مؤسسات الدولة وخلق الأزمة تلو الأخرى”، مؤكدا أن “التطاول على الدولة ورموزها ومؤسساتها يرتقي إلى جريمة التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي”، وأنه لن يترك الشعب والدولة والوطن “لقمة سائغة على موائد اللئام”.
حادث جرجيس
وقال المحلل السياسي نبيل الرابحي إن “خطاب الرئيس لم يتغير منذ توليه منصب رئاسة الجمهورية، وخطابه الأخير فيه ردّ على حادث جرجيس (جنوب) وعلى القضاء الذي لم يتخلّص بعد من الدولة العميقة التي تحكمه”.
وذكر قيس سعيد الأربعاء خلال اجتماع مجلس الأمن القومي أن القارب الذي غرق في سواحل جرجيس وعلى متنه 18 ضحية لفظه البحر وكان مثقوبا ولا يتسع إلا لسبعة أشخاص.
وأضاف أنه تم دفن عدد من الضحايا وإعادة إخراج رفاتهم بهدف تأجيج الأوضاع في المنطقة، متهما أطرافا بتلقي أموال من الخارج تتراوح بين 100 ألف دينار (حوالي 30 ألف دولار) و400 ألف دينار تم تحويلها إليهم من فرنسا.
وكانت المدينة شهدت اضطرابات واحتجاجات على خلفية غرق قارب للهجرة غير الشرعية كان على متنه عدد من شباب المدينة.
وقال الرابحي، “يبدو أن الرئيس سعيد ينوي تطهير البلاد بالكامل، وهو يقصد بالخطاب كل الأشخاص الذين ساهموا في تشويه المشهد خلال السنوات العشر الأخيرة، ويدعو إلى محاسبتهم”. واستطرد قائلا “مضمون الرسائل الذي أراد قيس سعيد إبلاغه هو لا رجوع إلى الوراء”.
في المقابل اعتبر الناشط السياسي المنذر ثابت أن “خطاب الرئيس متشنّج بكل المقاييس، بقطع النظر عن تصعيد الإخونجية واتحاد الشغل، ويؤكد أن منهجية الفعل السياسي كانت منذ 25 يوليو 2021 مؤسسة على فكر انعزالي”.
لا عودة للخلف
وأضاف ثابت، أن “نقطة اللاعودة إلى ما قبل مسار 25 يوليو لا تسمح لقيس سعيد بالتراجع، وكل خطوة إلى الوراء أو تراجع يعتبران انتحارا سياسيا للرئيس، والموقف المؤسس هو موقف يشيطن الماضي ويتعالى على الواقع ويدّعي أنه الأسمى”.
وتابع ثابت “هذا التصعيد سيوصلنا إلى الصدام والمواجهة، والأحداث تتجه نحو سيناريو حسم عنيف، وكل جبهات المشهد السياسي تتّبع ذلك”.
وكان الاتحاد العام التونسي للشغل أعلن إضرابا عاما في قطاع النقل نهاية يناير المقبل، وهي الخطوة التي قد تعقبها إضربات واحتجاجات أخرى، إذ يلوح تحالف الإخونجية بالاحتجاج والتظاهر وسط شكوك في قدرتها على حشد الشارع.