السراج يستعين بمؤسسة “جونز” الأمريكية لإمداده بمزيد من المرتزقة في ليبيا
بالتزامن مع تزايد أعداد المرتزقة السوريين في ليبيا، اجتمع فايز السراج، الإثنين الماضي، مع وفد بمؤسسة “جونز” الأمريكية للاستشارات العسكرية والأمنية، بغية إمداده بمزيد من المرتزقة، وفق خبيرين.
وقالت حكومة السراج، في بيان لها الأربعاء، إن الاجتماع يهدف لـ”تطوير المؤسستين العسكرية والأمنية” و”تعزيز برامج الشراكة مع مؤسسات الدول الصديقة وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية”.
ورغم أن الاتفاق السياسي (2015) الذي نتج عنه تشكيل حكومة السراج- التي تعرف لدى الليبيين بحكومة الفرقاطة لدخولها ليبيا على متن فرقاطة إيطالية- دعا لحل المليشيات المنتشرة في البلاد، لكن “حكومة السراج” اعتمدت ومنذ اليوم الأول من تشكيلها على تلك المليشيات والتنظيمات المسلحة.
وأدمجت “حكومة الفرقاطة” ضمن وزارتي الدفاع والداخلية التابعتين لها، وأغدقت عليهما الكثير من الأموال والوظائف السياسية المرموقة، ما دفع الكثير من الليبيين إلى التشكيك في أي محاولة من قبل تلك الحكومة للتخلي عن تلك المليشيات أو حلها، كما دعا الاتفاق السياسي، الذي أبرم في الصخيرات المغربية أواخر عام 2015، برعاية الأمم المتحدة.
واشتبكت المليشيات التابعة السراج بين الحين والآخر مع بعضها، خاصة في العاصمة طرابلس، تنافسا على الأموال والمناصب. وكان أبرز تلك الاشتباكات في سبتمبر/أيلول عام ٢٠١٨.
ورغم ادعاء وزير الداخلية التابع لحكومة السراج فتحي باشا أغا بضرورة حل تلك المليشيات في أعقاب اشتباكات سبتمبر/أيلول ٢٠١٨، لكنه الآن يقود تلك المليشيات وغيرها من التنظيمات المسلحة المتطرفة للقتال في العاصمة طرابلس ضد عملية الجيش الوطني الهادفة لتطهير العاصمة من تلك المليشيات.
كما أن حكومة الفرقاطة لم تعتمد فقط على مليشياتها في الوقوف أمام تقدم الجيش الوطني في العاصمة لتعتمد على المرتزقة السوريين، الذين يرسلهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لدعم “السراج” وجماعة الإخوان.
ويبدو أن عناصر المرتزقة لم تتكيف على الأوضاع في ليبيا بعد، فضلا عن استنزاف قدرات المليشيات عسكريا وماليا خلال اشتباكاتها مع الجيش الوطني منذ أبريل/نيسان الماضي، وفق محلل سياسي ليبي.
يقول جمال شلوف، رئيس مؤسسة سليفيوم للأبحاث والدراسات في ليبيا، إن حكومة الوفاق تجلب المرتزقة منذ عام 2016 عبر شركة (تاجر الموت) لمالكها رامي غانم الأمريكي اللبناني.
وتابع شلوف، أن “تاجر الموت” أمدت حكومة السراج بأطقم طيران فنية وطيارين مرتزقة (قتل أحدهم وهو برتغالي الجنسية 2016 بينما أسر آخر بعد إسقاط طائرته قرب غريان في مايو/أيار الماضي وهو أمريكي الجنسية).
ورجح شلوف أن يكون لقاء السراج مع “جونز” يهدف إلى الاتفاق مع الأخيرة لتكون بديلة “تاجر الموت” للسراج، وذلك لجلب مزيد من المرتزقة والمعدات العسكرية.
ورغم أن حكومة السراج لم توضح في بيانها الشخصيات الممثلة لمؤسسة “جونز” الأمريكية، لكن بدا واضحا من الصور التي أرفقتها أنه كان من ضمن الوفد (لجونز) الجنرال المتقاعد بالجيش الأمريكي مايكل باربيرو.
وباربيرو شارك في حروب أفغانستان والعراق وبنما، ويصف نفسه في صفحته بموقع lnkedin بأنه يتمتع بخبرة واسعة في قيادة المنظمات الكبيرة والمؤسسات المعقدة التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات، وأنه يمتلك خبرة 4 سنوات في الشرق الأوسط في تنسيق العمليات السياسية والعسكرية الاستراتيجية على أعلى المستويات.
بعد تقاعده عام 2013، أنشأ باربيرو عدة شركات تعمل بمليارات الدولارات (حسب وصفه) في مجال الأمن والنفط والغاز ومشاريع البنية التحتية الكبيرة وعملية التعدين في الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا.
ولعمل باربيرو في مجال أمن النفط، يتوقع باحثون أن يسعى السراج لمحاولة طلب تلك الشركات الأمنية لتأمين حقول النفط، خلال المحادثات السياسية المقررة في جنيف بعد أسبوعين، أو في القاهرة الأحد المقبل.
من جانبه، يقول الباحث بمنتدى الشرق الأوسط أحمد عطا إن مؤسسة “جونز” تختص بتقديم استشارات وخبراء كما تتواصل مع وزارات الدفاع لكبرى الدول، ولديها تواصل بكل مصانع الأسلحة في العالم.
وتابع عطا، أن اتجاه السراج لمؤسسة “جونز” يهدف لرسم صورة ذهنية أمام العالم بأنه يتواصل مع المؤسسات العسكرية الدولية بهدف صناعة جيش ونفي اعتماده على المرتزقة.
وتابع عطا أن السراج يحاول التحرك خارج الحاضنة العسكرية التركية، خاصة أن أنقرة تبتز السراج للحصول على أكبر قدر ممكن من الأموال.
ولفت إلى أن تركيا طلبت من السراج الحصول على 2.7 مليار دولار كرشوة عسكرية لتمويل إرسال المرتزقة السورية وغيرها.
وأوضح أن أنقرة تسعى إلى تحقيق عملية طفو للمليشيات تحت أي مسمى لإرباك المشهد الليبي.
وكان المتحدث باسم الجيش الليبي اللواء أحمد المسماري قد قال، الثلاثاء، إن أردوغان نقل 1500 عنصر من تنظيم داعش في سوريا إلى ليبيا عبر مطار معيتيقة.
وكشف المسماري كذلك عن أن أردوغان يخطط لإرسال 18 ألفا آخرين لدعم مليشيات حكومة الوفاق.
وأكد أن الإرهابيين الذين تم نقلهم لطرابلس ينحدرون من سوريا والعراق وبعض الدول الأفريقية، وأن الرواتب تصل إلى 2000 دولار أمريكي.