السفارة السعودية في إسطنبول تطلق تحذير لمواطنيها المتواجدين في تركيا بعد تعرض اثنين منهم لاعتداء مسلح
طالبت السفارة السعودية في إسطنبول، الأحد، مواطنيها المتواجدين في تركيا بأخذ الحيطة والحذر بعد تعرض اثنين منهم لاعتداء مسلح أسفر عن إصابة أحدهما. ومع تكرار حوادث استهداف المواطنين السعوديين في تركيا، بات يُنظر إلى الأمر من زاوية أنّ له أبعادا تتجاوز الجانب الأمني لتتّصل بالحملة الشرسة التي شنّتها السلطات التركية والإعلام المحسوب على حزب العدالة والتنمية وعناصر جماعة الإخوان الفارّين من بلدانهم إلى تركيا، على المملكة العربية السعودية إثر مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول.
وأدّت تلك الحملات إلى خلق رأي عام تركي مُعاد للسعودية ومواطنيها، وانزلقت في بعض الأحيان إلى التحريض لتتخذ أبعادا خطرة على أمن السعوديين الموجودين على الأراضي التركية وهو ما تعكسه عمليات استهدافهم.
وقالت السفارة، في بيان، إن مواطنيْن سعودييْن تعرضا لاعتداء مسلح أثناء وجودهما في أحد المقاهي بمنطقة شيشلي في مدينة إسطنبول، نتج عنه إصابة أحدهما بطلق ناري، فضلا عن سرقة أمتعتهما الشخصية. وأضاف البيان أن السفارة تود من مواطنيها من الجنسين أخذ الحيطة والحذر، وعدم ارتياد منطقتي تقسيم وشيشلي اللتين تستقطبان عددا كبيرا من السياح السعوديين الذين يزورون المدينة.
وسبق أن أصدرت السفارة السعودية في تركيا وجهات حكومية أخرى في المملكة خلال الأشهر الماضية تحذيرات للسعوديين الذين يزورون تركيا أو يستثمرون أموالهم فيها بوجوب ملازمة الحيطة والحذر.
وعمليا بدأت تداعيات قضية مقتل خاشقجي تتخطى نطاق الدبلوماسية والسياسة، إلى مجال الاقتصاد بالتأثير على وتيرة زيارات السياح السعوديين لتركيا بعد صدور دعوات إلى مقاطعة منتجعات الدولة التي كانت تشكل مقصدا سنويا لعدد كبير من السعوديين.
وساهمت الجريمة، التي حدثت خلال شهر أكتوبر الماضي في قنصلية المملكة بإسطنبول، في تأزيم العلاقات بين أنقرة والرياض، بسبب الحملة الشرسة التي شنتها الحكومة التركية على مدى أشهر متواصلة ضدّ السعودية في محاولة لاستثمار الجريمة سياسيا في عملية تصفية حسابات ضدّ الرياض.
وبينما لم تترتّب أي نتائج ملموسة على محاولة أنقرة تحميل القيادة السعودية مسؤولية مباشرة عن مقتل الصحافي، يبدو أن النتائج العكسية أوضح على الجانب التركي.
ويقصد مئات الآلاف من السعوديين تركيا سنويا هربا من الطقس الحار، وبحثا عن الشواطئ والمنتجعات السياحية المشهورة في منطقة تعتبر همزة وصل بين الشرق والغرب. إلا أنّ تعامل تركيا مع قضية مقتل خاشقجي أثار في المملكة ردود فعل سلبية ودعوات إلى مقاطعتها على اعتبار أنّها غير آمنة.
وأظهرت أرقام لوزارة السياحة التركية تراجع أعداد الزوار السعوديين لتركيا بنسبة ثلاثين بالمئة في الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.
وتشير دراسة سعودية تعود إلى عام 2018 إلى أنّ السعوديين ينفقون نحو 500 دولار يوميا خلال إجازاتهم الخارجية، وهو معدّل مرتفع نسبيا. ولا تنحصر دعوات المقاطعة في السياحة فقط، إنما أصبحت تطال أيضا المواد الاستهلاكية.
وبحسب الباحث في معهد دول الخليج العربية في واشنطن حسين ابيش “قد يواجه سوق العقارات التركي هروبا من المشترين السعوديين”. ويضيف “إنه سلاح مدمّر لم تستخدمه الرياض بعد”.
ولن تكون قضيّة مقتل خاشقجي المظهر الوحيد لتأثير القضايا السياسية على الاقتصاد التركي في زمن حكم حزب العدالة والتنمية بقيادة رجب طيب أردوغان المعروف باندفاعه وحدّة خطابه.
وسبق لأنقرة أن جنت الكثير من الخسائر جرّاء تفجّر الوضع في سوريا والذي ساهمت أنقرة بشكل مباشر في تأجيجه خصوصا من خلال فتحها الباب للآلاف من الإرهابيين الأجانب لعبور أراضيها إلى الأراضي السورية.
وخسرت تركيا استثمارات كثيرة في سوريا كما فقدت مبادلات تجارية هامّة مع لبنان والأردن عبر الأراضي السورية.
كذلك أدخلت سياسات أردوغان تركيا في مشاكل مع حلفاء غربيين كبار لها على رأسهم الولايات المتحدة التي سبق لها أن أقرت عقوبات اقتصادية ضدّها. ويمثّل تراجع قيمة الليرة التركية أحد أبرز عناوين تراجع الوضع الاقتصادي والمالي لتركيا.