السلطات التونسية تواصل ملاحقة “شبكات التسفير الإرهابية” المرتبطة بالإخونجية
تواصل السلطات التونسية المكلفة بمكافحة الإرهاب، النظر في ملف تسفير الشباب إلى سوريا ومناطق التوتر خلال عامي 2012 و2013، عبر توقيفات طالت مسؤولين ونوابا سابقين ورجال أعمال من حركة النهضة الإخونجية والجمعيات التي تشرف عليها، الأمر الذي اعتبره محللون “بداية لمفاجآت خطيرة ستكشف من أمّن لهم الطريق وأخفى آثار المتورطين”.
وقررت “النيابة العامة بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب (محكمة مختصة)، حبس المدير العام السابق للحدود والأجانب والمحال على التقاعد الوجوبي لطفي الصغير، وذلك على ذمة التحقيق في قضية شبكات التسفير إلى بؤر التوتر والإرهاب”.
ومنذ أيام، اعتقلت السلطات التونسية، في إطار قضية تسفير الإرهابيين إلى بؤر النزاع، الكثير من الأسماء الإخونجية البارزة، مثل فتحي البلدي وعبد الكريم العبيدي، وفتحي بوصيدة، والنواب التابعين للإخونجية محمد فريخة، ورضا الجوادي، ومحمد العفاس، إضافة إلى البشير بلحسن (إمام)، ووزير الشؤون الدينية الأسبق نور الدين الخادمي، وآخرهم القيادي الإخونجي التونسي الحبيب اللوز، الذي أكدت مصادر أمنية توقيفه، صباح الأربعاء، في منزله بمدينة صفاقس جنوبي تونس.
تورط إخونجية تونس وجمعياتهم
وتتورط في عملية تسفير الشباب إلى بؤر الإرهاب، مئات الجمعيات الدينية بتونس والمرتبطة بحركة النهضة الإخونجية، حيث تم حل العشرات منها، بعد ثبوت علاقتها بأعمال إرهابية وإرهابيين.
ويعود فتح الملف إلى شكوى تقدمت بها النائبة السابقة بالبرلمان وعضو لجة التحقيق البرلمانية في شبكات التسفير فاطمة المسدي، في ديسمبر 2021 لدى القضاء العسكري، للكشف عن ملابسات ملف التسفير والأطراف المتورطة فيه، والذي يعدّ من أكثر الملفات الشائكة والغامضة في تونس.
وعلى مدار سنوات حكمهم، أجهض الإخونجية مساعيا عديدة للتعامل مع ملف تسفير الشباب، وتسببت ممارسات تنظيم الإخونجية في عرقلة عمل لجنة تحقيق برلمانية مخصصة لكشف شبكات التسفير، وتم إجبار رئيستها على الانسحاب من موقعها، بعد أن كشفت خيوط هذه الشبكات وعلاقتها بالنهضة.
تعطيل التحقيق
قال الصحفي التونسي، جمال بن عمر، إن إقالة القاضي بشير العكرمي قبل عام كانت بداية رفع الغطاء الذي حال دون فتح ملف تسفير الإرهابيين والعديد من الملفات الأخرى.
ابن عمر أكد، أن العكرمي المعروف بـ”قاضي الإخونجية” عمل على تعطيل التحقيق في آلاف الملفات المتعلقة بالإرهاب وتمت إقالته من قبل رئيس محكمة التعقيب بتهمة التستر على ملفات متعلقة بالإرهاب، وبينها أيضا اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي.
وأشار إلى أن “السلطات التونسية نبشت في هذا الملف الأسود، وقادم الأيام سيشهد مفاجآت خطيرة ستميط اللثام عن العديد من الأسماء الإخوانية التي أمّنت لهم الطريق وأخفت آثار المتورطين في تسفير الشباب وقتلهم في بؤر التوتر، كل الملفات سيتم فتحها، زلزال كبير سيفضح سنوات العشرية السوداء”.
تجنيد الشباب
“كل متابع للشأن التونسي يعرف أن حركة النهضة الإخونجية على علاقة وثيقة بالإرهاب من عدة نواحٍ، فهي كانت مساهمة في نشأة السلفية الجهادية، خاصة جماعة أنصار الشريعة التي تفرعت منها منظمات مقاتلة ككتيبة عقبة بن نافع التابعة لتنظيم القاعدة، وكتيبة جند الخلافة المبايع لتنظيم داعش الإرهابي”، وفق بن عمر.
وأوضح أن “الحركة الإخونجية عندما تسلمت مقاليد الحكم حاولت استقطاب السلفية الجهادية بالمال وبالخطاب المتطرف؛ لاستغلالهم ضد خصومها السياسيين، وفي تلك الفترة انتشرت الخيام الدعوية التي تبث خطاب الكراهية العنيف”.
“تحولت هذه الخيمات إلى استقطاب الشباب لتجنيده للحرب في سوريا؛ خدمة لأجندات إقليمية بتعاون مع إخونجية ليبيا عبر حشد الإرهابيين من دول الربيع العربي وإرسالهم لسوريا”، وفق بن عمر.