السلطة الفلسطينية تبحث مع جهات إسرائيلية خطط اليوم التالي للحرب على غزة
تبحث الدوائر الفلسطينية الرسمية بشقيها السياسي والأمني في رام الله مع جهات إسرائيلية وعربية آليات التعامل مع مسألة اليوم التالي لتوقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وتتشارك لجان رسمية وغير رسمية في بحث تصورات وعروض بشأن إدارة ملفي الأمن وإعادة الإعمار في القطاع، بدعم عربي، وكذلك، شكل الحكومة الفلسطينية القادمة، وطبيعة عملها ومرجعياتها السياسية.
وذكرت مصادر فلسطينية لوكالة أنباء العالم العربي، أن السلطة الفلسطينية تبحث هذه الخطط أيضاً، بصورة غير رسمية مع جهات إسرائيلية، تعتقد السلطة الفلسطينية أنها ستكون المحرك الرئيسي لليوم التالي للحرب، وتتجنب السلطة وتلك اللجان التعامل المباشر مع الحكومة الإسرائيلية الحالية، رغم تعاون وثيق وتنسيق مستمر مع منسق المناطق الإسرائيلية غسان عليان، وهو ممثل حكومة إسرائيل لشؤون الضفة وقطاع غزة.
وصرّحت مصادر فلسطينية رفيعة بأن الفلسطينيين يتطلعون لدور عربي محوري في إدارة قطاع غزة، سواءً من الناحية الأمنية أو الاقتصادية وإعادة الإعمار.
وكشفت وثيقة “الرؤية الفلسطينية”، التي نشرت “وكالة أنباء العالم العربي”، بعض تفاصيلها في مطلع الأسبوع، بنوداً تتعلق بتعاون فلسطيني مع دول إقليمية ودولية في الملف الأمني، وهو الملف الأكثر تعقيداً في مرحلة ما يُطلق عليه “اليوم التالي”.
حكومة جديدة
وكانت مصادر مطلعة، قد قالت، إن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يُعد لتشكيل حكومة جديدة، استعداداً لليوم التالي للحرب على غزة، تكون أولويتها أمن غزة وإعادة إعمارها. وقالت المصادر إن الحكومة الجديدة ستكون حكومة خبراء (تكنوقراط)، وليس حكومة سياسية، وأن رئيس صندوق الاستثمار الفلسطيني الدكتور محمد مصطفى هو مرشح الرئيس الفلسطيني لرئاستها.
وقالت المصادر إن فريقاً من الخبراء أعد خطة لإعادة إعمار قطاع غزة، بطلب من الرئيس، وأن أبرز ملامح هذه الخطة هو تأسيس هيئة لإعادة الإعمار، تعمل تحت إشراف البنك الدولي، وتخضع لشركة محاسبة دولية.
نواة للأجهزة الأمنية الفلسطينية
وأفادت المصادر بأن السلطة الفلسطينية تسعى لتفعيل اللجنة العربية التي تم التوافق عليها في اتفاق الشاطئ عام 2014، والتي ترأسها مصر، وتضم تركيا وقطر ودولاً عربية أخرى، وكانت مهمتها حينها العمل على دمج أجهزة الأمن التي كانت تابعة للسلطة الفلسطينية قبل عام 2007، وتلك التي شكلتها حماس بعدما سيطرت على غزة عام 2007.
لكن هذه اللجنة لم تعمل ولم تجتمع، ولو مرة واحدة عقب اتفاق تشكيلها. ويدور الحديث داخل أروقة اللجان الفلسطينية، عن قوة عربية أمنية قوامها خمسة آلاف عنصر ستشكل نواة للأجهزة الأمنية الفلسطينية الجديدة في غزة، والتي قد تضم عدداً من عناصر الأمن السابقة التي عملت بالقطاع قبل عام 2007 وعناصر حالية وظفتها حماس بعد 2007، وذلك بتدريب عربي وبشكل خاص مصري.
وقالت هيئة البث الإسرائيلية الأسبوع الماضي، إن رسالة وصلت من مصر إلى إسرائيل أكدت فيها أن من سيدير قطاع غزة بعد انتهاء الحرب الإسرائيلية على القطاع هي السلطة الفلسطينية “المتجددة”، بعد إدخال إصلاحات في بنيتها.
ونقلت الهيئة عن مصدر إسرائيلي أن الرسالة التي وصلت من القاهرة تؤكد أن مصر لن تعترض على طلب فلسطيني، في حال تقديمه، يتضمن إرسال قوات شرطة إلى قطاع غزة لمساعدة السلطة في إدارة القطاع. وشددت الرسالة المصرية على أن القاهرة لن ترسل قوة شرطية إلى غزة بناءً على طلب إسرائيلي، وإنما فقط إذا ما طلبت السلطة الفلسطينية ذلك.
تفعيل السيطرة الأمنية
وكشف مصدر فلسطيني النقاب عن نقاشات لسيطرة أمنية فلسطينية بقيادة مصر ودول عربية أخرى على كل قطاع غزة، تبدأ من مناطق شمال القطاع التي تعاني حصاراً مطبقاً وشاملاً، والتي تمنع إسرائيل عودة أي من سكانها الذين نزحوا جنوباً.
وأبلغ المصدر وكالة أنباء العالم العربي بأن هذه النقاط التفصيلية بشأن تفعيل السيطرة الأمنية للسلطة في قطاع غزة، وبشكل خاص شمال قطاع غزة، وغيرها نوقشت خلال الاجتماع السداسي العربي الأخير الذي انعقد بالرياض الأسبوع الماضي، وضم كلا من السعودية والإمارات والأردن ومصر وقطر، إلى جانب السلطة الفلسطينية.
وأضاف المصدر أن تفاصيل أخرى نوقشت في اجتماعات ثلاثية ورباعية انعقدت في الآونة الأخيرة، وأن الإعداد لاجتماعات جديدة يجري على قدم وساق.
حضور عربي مصري في الملف الأمني
وقال المصدر الفلسطيني إن السلطة تعوّل على حضور عربي مصري في الملف الأمني، ومساندة عربية شاملة في الملف الاقتصادي وإعادة إعمار القطاع، وهو ما تبناه الاجتماع العربي السداسي الذي طرح نصاً واضحاً يتعلق بالملف الأمني في قطاع غزة في اليوم التالي.
وأضاف المصدر لوكالة أنباء العالم العربي: “هناك ابتعاث لبعض الضباط إلى أماكن مختلفة ودول مختلفة يتلقون تدريباً مكثفاً في الوقت الحالي ليكونوا نواة لقيادة الأمن الفلسطيني في قطاع غزة”.
وعن ملف الإصلاحات، قال إن خطوات “سحب الذرائع” أقرّها الرئيس الفلسطيني (محمود عباس) بالفعل، وهو ينتظر الوقت المناسب لإعلانها، وتتضمن ثلاثة ملفات.
وأوضح أن تلك الملفات هي الإصلاح الإداري؛ ويتعلق بالحكومة الفلسطينية القادمة وشكلها وطبيعة عملها ومرجعياتها السياسية والجانب الدبلوماسي والنفقات الحكومية، وملف الإصلاح القضائي، ويتعلق بإعادة هيكلة القضاء، والإصلاح الأمني ويتعلق بكيفية دمج وتفعيل السيطرة الأمنية في قطاع غزة في اليوم التالي للحرب.
وأكد المصدر أن قرارات كثيرة تم اتخاذ تصور واضح بشأنها، لكن ما يؤخر تنفيذها استمرار الحرب على غزة من جهة، واستمرار حكومة إسرائيل باتخاذ إجراءات وقرارات مالية تمنع تحصيل السلطة الفلسطينية لأموال الضرائب، التي تحصلها إسرائيل نيابة عنها مقابل نسبة تقدر بـ3% منها من جهة أخرى.