السيناريو المرفوض.. مصر إذا استمر حكم الإخوان
كتبت مقالا سابقا فى «المصرى اليوم»، فى 30 يوليو 2021، تحت عنوان: الطريق إلى 30 يونيو، وطالبت فى هذا المقال بما سمّيته التدوين الشعبى للأحداث فى شأن ثورتى 25 يناير 2011 و30 يونيو 2013، أو ما أطلق عليه الربيع العربى، وكيف قفز الإخوان على الأحداث، وسرقوا الثورة، وصولًا إلى التحكم والسيطرة على السلطتين التشريعية (مجلسى الشعب والشورى)، والتنفيذية (رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء)، وبداية مرحلة جديدة من التمكين لكوادر الإسلام السياسى فى جميع مفاصل الدولة (النائب العام الملاكى، والتعديلات الوزارية فى 17 مايو 2013، وحركة المحافظين فى 16 يونيو 2013)، وإصدار الإعلانات الدستورية والقرارات الجمهورية التى ترسخ لمفهوم المغالبة والتمكين والسيطرة الكاملة على كل مقاليد البلاد، وبداية مرحلة جديدة من تجريد المواطنين من الحقوق السياسية (قانون العزل السياسى) وإصدار دساتير معيبة تصادر على مدنية الدولة (دستور 2013).
وقلت فى مقالى إننا يجب أن نقرأ لكل من شارك وشاهد ورصد أحداث هذه الفترة، سواء كان مسؤولًا أو إعلاميًا، أو كاتبًا، أو مفكرًا، أو صاحب رأى، حتى لا تتوه منا التفاصيل فى المستقبل، ليتم بذلك عرض تفاصيل هذه التجربة المريرة التى حلت بالبلاد كالكابوس، والذى انزاح فقط فى 30 يونيو مخلفًا أعمال عنف وإرهاب ممنهجين استمرت حتى وقت قريب، وهناك أمثلة لمجهودات تمت فى هذا الإطار منها ما قام به الكاتب الكبير ياسر رزق (سنوات الخماسين)، والنائب مصطفى بكرى (الدولة والفوضى) والتدوين الإلكترونى للدكتور على السلمى، بعنوان: بين ثورتين، وكتاب الوزير جودة عبد الخالق (من الميدان إلى الديوان)، وكتاب الجنزورى وجلال سعيد (الجنزورى وحكومة الأوقاف الصعبة).
وفى نفس سياق مطالبتى بالتدوين الشعبى للأحداث، فإننى أتطلع إلى أن نرى مجهودًا فنيًا ضخمًا، ليس لرصد ما حدث (حيث إن ذلك ظهر بالفعل فى أعمال متميزة، مثل الممر، والاختيار بجزأيه)، ولكن لرسم سيناريو محكم لما كان يمكن أن تسير إليه أوضاعنا إذا قدر أن يستمر الحكم الذى شاهدنا بداياته فى 2012، وقالوا وقتها إنهم باقون لخمسة قرون قادمة.
ماذا لو تصورنا كيف ستكون الأوضاع فى مصر بعد عشر سنوات من استمرار هذا الحكم البغيض، سياسيًا، واقتصاديًا، واجتماعيًا، وفى مؤسسات التعليم وحياة الجامعات، ومؤسسات الدولة الداخلية، وارتباطاتها الخارجية، وتوازنات القوى الإقليمية، وعلاقتنا مع إيران، وإسرائيل، وتركيا، وحماس، وإثيوبيا وغيرها من الأنظمة، التى لا تتمنى لنا الخير على الإطلاق.
كيف كان، وسيكون، شكل وسلوك الرئيس وهيئته، وشكل وسلوك حكومته ووزرائه، وشكل ومضمون الإعلام والبرامج والصحف، وطلاب المدارس والجامعات، وصلاة المساجد، والحياة الفنية فى السينما والمسرح والتليفزيون والباليه، والحياة الرياضية بكل مكوناتها، ماذا كان سيفعل بنا المرشد ونائبه خيرت الشاطر، وهل كنا سنرى تدشين الحرس الثورى المصرى، مثلًا، كقوة أمنية إضافية تزاحم مؤسسات الأمن الرسمية المصرية.
وإذا أردنا أمثلة لأحداث محتملة، فيمكننا مثلًا، تصور احتفالات نصر أكتوبر التى تلت احتفال أكتوبر المثير للجدل فى 2012، الذى حضره، قتلة السادات صاحب نصر أكتوبر العظيم، فى ضيافة الرئيس المعزول مرسى، الذى استقل خلاله سيارة القائد وظل يتجول فى أرجاء الاستاد بين أنصاره المغيبين.
يمكننا أيضًا إلقاء الضوء على مستقبل المتلونين الذين أكلوا على موائد مبارك، ثم انقلبوا عليه، وعلى موائد شباب الثورة، وانقلبوا عليهم، وعلى موائد الإخوان، وانقلبوا عليهم، ومازال البعض منهم على موائد كل نظام حتى الآن.
وإلامَ كانت ستؤول أوضاع السلفيين، ما بين التشدد الذى رأينا بدايته، والأفكار الرجعية التى عانينا منها، مع أنها الآن وعلى استحياء تطفو على السطح، إلا أن الأمر كان سيختلف تمامًا مع البيئة الحاضنة التى كان سيوفرها لهم النظام الإخوانى إذا استمر، وفى نفس السياق، إلامَ كان سيؤول مصير سيناء نفسها، فى ضوء الاستعداد الذى كان قائمًا لإعلان مولد دولة الخلافة الإسلامية من هناك، التى رأينا أعلامها السوداء ترفع فى شوارع القاهرة خلال فترة الإخوان وخصوصًا مع نهايتها؟.
ما هو المصير الذى كان ينتظر الشخصيات العامة ومنهم قادة جبهة الإنقاذ، وحركة تمرد، التى كانت تقود المشهد فى 2012، 2013، وإلامَ كان سيئول مصير البرادعى، وصباحى، وعمرو موسى، وما هو مآل ثوار يناير، بعد ما تم استنفاد مبرر وجودهم على الساحة بسيطرة الإخوان عليها تمامًا؟.
ولابد أن يتم التطرق إلى الافتراءات التى قالها البعض، من أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة، قد سلم البلد للإخوان، بينما الحقيقة أن القوات المسلحة سلمت الإخوان للشعب، ثم قامت هى بالدور المحورى الذى قامت به، انحيازًا لعشرات الملايين الذين خرجوا فى 30 يونيو، غضبًا وسخطًا، على هذا النظام وأنقذت البلاد من هذا السيناريو المرعب الذى يحاول هذا المقال تصور مفرداته.