الصراع الخفي بين رئيس حكومة السراج في طرابلس وحلفائه الإسلاميين
حملة تشكيك وتخوين يشنها إخوان ليبيا على السراج
يتجه الصراع غير المعلن بين رئيس حكومة الوفاق الليبية فايز السراج وحلفائه الإسلاميين نحو المزيد من التعقيد بعد أن انضمت قيادات في الصف الأول إلى حملة التشكيك والتخوين التي يشنها إخوان ليبيا منذ أشهر على السراج ومستشاريه بخصوص طريقة إدارته لمعركة التصدي لدخول الجيش إلى طرابلس.
وبدأ الإسلاميون نقل تهديداتهم بشأن تشكيل “حكومة حرب” إلى خطوات فعلية حيث أعلن رئيس مجلس الدولة والقيادي في حزب العدالة والبناء الإخواني خالد المشري البدء في إجراء مشاورات مع أعضاء من مجلس النواب الموازي في طرابلس، من أجل اتخاذ الخطوات العملية لتقليص عدد أعضاء المجلس الرئاسي إلى رئيس ونائبين، ورئيس حكومة مستقل يترأس حكومة مصغرة مهمتها التمهيد للانتخابات وتقديم الخدمات اللازمة للمواطنين، وتفعيل الأجهزة الرقابية.
وأشار المشري في مؤتمر صحافي عقده، مساء الاثنين، إلى “وجود خلل في إدارة المعركة العسكرية لدى قوات حكومة الوفاق الوطني، جراء عدم وجود وزير ووكيل لوزارة الدفاع، إضافة إلى عدم وجود رئيس لجهاز المخابرات العامة”.
وأثارت تصريحات المشري التساؤلات بشأن مدى جديتها حيث ذهب البعض إلى اعتبار أنها تأتي في إطار الضغوط التي يمارسها الإسلاميون على فايز السراج لإجباره على مواصلة الحرب رغم الضغوط الدولية المتصاعدة الداعية إلى وقف القتال واستئناف العملية السياسية، في حين يرى آخرون أنها خطوة جدية لاسيما بعد ما تسرب من أنباء مؤخرا بخصوص موقف السراج الداعي إلى إنهاء الحرب والعودة إلى الحوار.
وصعد الإسلاميون من خطابهم ضد السراج من خلال اتهامه بعدم التحمس وغياب الجدية في التعاطي مع معركة التصدي للجيش، وذهب بعضهم إلى أبعد من ذلك حيث اتهموه بعقد صفقة مع القائد العام للجيش المشير خليفة حفتر لتسليم طرابلس.
وتتردد أنباء منذ انطلاق معركة تحرير طرابلس في أبريل الماضي عن استعداد السراج لإيقاف القتال وفتحه لقنوات اتصال مع القيادة العامة للجيش وهو ما قوبل بانتقادات حادة له وصلت حدّ التلويح باستبدال حكومته بـ”حكومة ثوار” أو “حكومة حرب”.
وتتهم شخصيات محسوبة على تيار الإسلاميين مستشاري السراج وفي مقدمتهم تاج الدين الرزاقي برفض التعامل مع الدول الداعمة لتيارهم على غرار قطر وتركيا وبعرقلة دعم جبهات القتال بالأموال.
وقال عضو مجلس الدولة عبدالرحمن الشاطر المقرب من الإسلاميين إن فايز السراج لا يملك القدرة والشجاعة على تسمية الدول التي يستقوي بها حفتر في هجومه على طرابلس، مضيفا “أكرر أن السراج يقود الدولة إلى كارثة بضعفه واكتفائه ببيانات الإدانة”.
ويسعى الإسلاميون منذ بدء الجيش هجومه على طرابلس لتوسيع نطاق المعارك لتشمل مختلف أقاليم ليبيا، وهي الخطوة التي تهدف إلى تخفيف الضغط على مقاتليهم في طرابلس، وهو ما قابله السراج بالتجاهل.
واستغرب المشري “عدم قيام المجلس الرئاسي بتعيين أمراء مناطق عسكرية في المناطق الخارجة عن سيطرة قوات الوفاق، تناط بهم مهام استعادة هذه المناطق تحت سيطرة حكومة الوفاق”.
وكان حزب العدالة والبناء الذراع السياسية لإخوان ليبيا قد حث، في يونيو الماضي، المجلس الرئاسي على تكليف منطقة عسكرية لسبها، وقوة لمكافحة الإرهاب، لبسط السيطرة على جميع مناطق الجنوب التي يسيطر عليها الجيش منذ فبراير الماضي.
وسرب الإسلاميون على لسان عضو مجلس الدولة أشرف الشح ما دار خلال اجتماع وزاري عقد منتصف أغسطس الماضي في طرابلس. ونقل الشح عن السراج قوله في مستهل الاجتماع “يجب أن نفكر في كيفية الوصول إلى السلام وإنهاء الحرب وتقديم تنازلات سلام مؤلمة”.
وأضاف قائلا “السراج تحدث وكأنه هو من بدأ الحرب وأنه هو من يملك قرار إنهائها كما أنه طلب من وزرائه طرح تصورات للسلام لأن الحرب طالت ويجب الخروج منها بأقل خسائر”.
ويرفض الإسلاميون وقف القتال والعودة إلى المفاوضات قبل انسحاب الجيش من مواقعه جنوب طرابلس ومن بعض مدن الغرب الليبي وهي الشروط التي توصف بغير الواقعية.
ويدرك الإسلاميون أن الجيش أفشل مخططهم للالتفاف على اتفاق أبوظبي بين السراج وحفتر والذي نص على إنهاء المرحلة الانتقالية وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية، عندما شن هجومه على طرابلس الذي ألغى المؤتمر الجامع.
وكان الإسلاميون يخططون للضغط عبر الملتقى الجامع من أجل إجراء انتخابات تشريعية وتأجيل الرئاسية ما يعني إطالة أمد المرحلة الانتقالية لسنوات أخرى وهو ما رفضه الجيش.
ويقول مراقبون إن الجيش رغم تمكنه من حسم الصراع لصالحه، إلا أن وقف إطلاق النار واستئناف العملية السياسية سيمنحانه فرصة التفاوض من موقع أفضل بكثير مما كان عليه قبل 4 أبريل تاريخ بدء عملية استعادة طرابلس.
ومع دخول المعركة شهرها الخامس لم ينجح أي طرف في حسم الأمور لصالحه وهو الأمر الذي بات يزعج المجتمع الدولي الذي كثف تحركاته لإحياء الحل السياسي.
وأعربت القيادة الجديدة للقوات الأميركية في أفريقيا “أفريكوم” الأسبوع الماضي عن دعم الولايات المتحدة لخطط البعثة الأممية الرامية لإنهاء النزاع في هذا البلد، فيما تتواتر الأنباء عن استعدادات تجريها برلين لاستضافة مؤتمر دولي حول ليبيا.