العدل الدولية تأمر إسرائيل بوقف الهجوم العسكري على مدينة رفح

"الشروط مستوفاة لاتهام تل أبيب بالإبادة الجماعية"

أمرت محكمة العدل الدولية، الجمعة، إسرائيل بوقف الهجوم العسكري على مدينة رفح جنوبي قطاع غزة “فوراً”، واصفة الوضع في المدينة بأنه “مصنف حالياً على أنه كارثي”، مؤكدة أن الشروط مستوفاة لاتخاذ إجراءات طارئة جديدة في قضية اتهام إسرائيل بالإبادة الجماعية.

وجاء هذا القرار، بعد أن صوت 13 من قضاة المحكمة لصالح وقف العمليات العسكرية الإسرائيلية في رفح؛ مقابل معارضة اثنين أحدهما القاضي الإسرائيلي أهارون باراك.

وقالت المحكمة، إنه يتعين على إسرائيل “أن توقف فوراً هجومها العسكري وأي أعمال أخرى في محافظة رفح قد تفرض على السكان الفلسطينيين في غزة ظروفاً معيشية يمكن أن تؤدي إلى تدميرهم جسدياً كمجموعة، أو على نحو جزئي”، مشيرةً إلى أنها ترى “أنه من المثير للقلق العميق أن العديد من الرهائن (الإسرائيليين) ما زالوا محتجزين، وتكرر دعوتها إلى إطلاق سراحهم الفوري وغير المشروط”.

وأشار رئيس محكمة العدل الدولية نواف سلام، في جلسة للنظر في طلب جنوب إفريقيا توجيه أمر لإسرائيل بوقف الهجوم العسكري في غزة، إلى تأكيد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، بأن التطورات في قطاع غزة ورفح “ستزداد بشكل متفاقم، وتزيد من حجم المعاناة الإنسانية”.

ودعا سلام، إسرائيل إلى “ضمان وصول بعثة تقصي الحقائق من أجل التحقيق بمزاعم الإبادة الجماعية وأي بعثة أممية أخرى إلى قطاع غزة من دون عراقيل”، مضيفاً، أن على إسرائيل “أن تبقي معبر رفح مفتوحاً للسماح بتقديم الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها من دون عوائق وبكميات كبيرة”.

وأوضح أن “المحكمة لاحظت أن الظروف المأساوية للفلسطينيين في قطاع غزة تدهورت منذ يناير الماضي، لا سيما مع استمرار وانتشار المعارك، والحرمان من الغذاء”، واصفاً بيئة القطاع بـ”الكارثية”.

وأضاف أن “إسرائيل بدأت في 7 من مايو الجاري، عملية عسكرية في رفح بعد أسابيع من القصف المتزايد، ونتيجة لذلك ما يقارب 800 ألف فلسطيني تم تهجيرهم من رفح، ومسؤولين الأمم المتحدة شددوا على أن المخاطر المرتبطة بهذه العملية العسكرية في هذه المدينة”.

خطر تدهور إضافي

ولفت سلام إلى أن وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) قالت خلال الشهر الجاري، إن “المناطق التي يهرب إليها الفلسطينيون الآن ليست مجهزة بالخدمات الصحية، ولا يوجد بها مياه عذبة”.

واعتبر أن “القطاع معرض لخطر تدهور إضافي للظروف المعيشية”، موضحاً أن “التدابير المؤقتة المتخذة لا تعالج بشكل كامل تبعات الوضع المتغير”.

وأعرب سلام، عن “عدم قناعة المحكمة بأن عمليات الإجلاء والإجراءات الإسرائيلية الأخرى، كافية لتخفيف معاناة الفلسطينيين”، معتبراً أن الهجوم الإسرائيلي على رفح “وخيم بشكل استثنائي”.

وأضاف، أن “المحكمة خلصت إلى أن إسرائيل لم تعالج بشكل كاف المخاوف التي تأتي بالتوازي مع العملية العسكرية في رفح”، مبيناً أن المحكمة استنتجت أن العملية العسكرية في رفح ستسبب “مخاطر لا يمكن السكوت عنها”.

الشروط اتهام إسرائيل بالإبادة الجماعية مستوفاة

وأكدت محكمة العدل الدولية، الجمعة، أن الشروط مستوفاة لاتخاذ إجراءات طارئة جديدة في قضية اتهام إسرائيل بالإبادة الجماعية، مشددة على ضرورة أن تتخذ إسرائيل التدابير اللازمة لضمان وصول المحققين دون عوائق إلى غزة، بهدف الحفاظ على الأدلة.

وأمرت المحكمة، إسرائيل بفتح معبر رفح أمام المساعدات الإنسانية، مشددة على ضرورة أن تقدم إسرائيل تقريراً بالإجراءات المتخذة في غضون شهر.

وقبل قليل أمرت المحكمة، إسرائيل بوقف الهجوم العسكري على مدينة رفح جنوب قطاع غزة، مؤكدة أن الوضع الإنساني في رفح، مصنف الآن على أنه كارثي، وأنه “تدهور أكثر” منذ أمر المحكمة الأخير، وينطوي على مخاطر أخرى بإلحاق أضرار لا يمكن إصلاحها بحقوق الناس في غزة.

أمر محكمة العدل الدولية يؤكد خطورة الوضع في غزة

وقالت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، الجمعة، إن أمر محكمة العدل الدولية، إسرائيل بوقف الهجوم على مدينة رفح جنوب قطاع غزة، يؤكد خطورة الوضع في القطاع حيث يواجه المدنيون “المجاعة”.

وأشارت المدير المساعد لبرنامج العدالة الدولية في المنظمة، بلقيس جراح، إلى أن الحكومة الإسرائيلية “تواصل انتهاك أوامر محكمة العدل الدولية بعرقلة دخول المساعدات إلى غزة”.

وأضافت أن أمر المحكمة “يفتح إمكانية تسهيل الوضع في غزة، لكن ذلك لن يحدث إلا إذا استخدمت الحكومات نفوذها للضغط على إسرائيل لتطبيقه بشكل عاجل”.

قرار “غير مسبوق “

وأعلنت وزارة العلاقات الخارجية بجنوب إفريقيا، الجمعة، عزمها التواصل مع مجلس الأمن الدولي لتنفيذ الأمر الصادر من محكمة العدل الدولية، في وقت سابق الجمعة، بوقف الهجوم الإسرائيلي على مدينة رفح جنوب قطاع غزة “فوراً”.

وأكدت الوزارة أن “هذا الأمر ملزم، ويتعين على إسرائيل الامتثال له”، وحثت الدول الأعضاء في هيئة الأمم المتحدة على دعمه.

وقالت وزيرة الخارجية، ناليدي باندور: “هذا حكم غير مسبوق.. أعتقد أنها مجموعة أكثر حزماً، من حيث الصياغة، من الإجراءات المؤقتة، ودعوة واضحة جداً لوقف إطلاق النار”.

الإرهابيان سموتريتش وبن غفير

وفي أول رد فعل إسرائيلي على القرار، قال وزير المالية الإرهابي بتسلئيل سموتريتش، إن “من يطالبون إسرائيل بوقف الحرب، يطلبون أن تقرر أن تختفي من الوجود وإسرائيل لن توافق على هذا”.

وأضاف وزير الأمن القومي الإسرائيلي الإرهابي إيتمار بن غفير: “الرد على المحكمة المعادية للسامية في لاهاي، يجب أن يكون له إجابة واحدة فقط: احتلال رفح وزيادة الضغط العسكري وسحق حماس بالكامل، حتى يتم تحقيق النصر الكامل في الحرب”.

واعتبر زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد، مسألة عدم ربط المحكمة بين وقف القتال في رفح وعودة المحتجزين، بأنه “انهيار أخلاقي وكارثة أخلاقية”.

مشاورات إسرائيلية عاجلة

قرر رئيس حكومة اليمين الإسرائيلي الفاشية بنيامين نتنياهو، الجمعة، عقد مشاورات عاجلة مع النائب العام، ووزير العدل، ووزراء آخرين بالحكومة للرد على قرار محكمة العدل الدولية، بوقف الهجوم على رفح.

ونقل موقع (واي نت) عن وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن جفير قوله رداً على قرار المحكمة “إن الرد الوحيد على القرار غير المهم الصادر عن المحكمة المعادية للسامية في لاهاي يجب أن يكون باحتلال رفح، وزيادة الضغط العسكري، وسحق (حماس) حتى تحقيق النصر الكامل في الحرب”.

حماس ترحب

وقد رحبت حركة “حماس” بالقرار، لكنها اعتبرته “غير كاف”، مشددةً على ضرورة أن توقف المحكمة “الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة بأكمله”، بحسب ما نقلته وكالة “رويترز” عن مسؤول لم تسمه.

وطالبت “حماس” مجلس الأمن الدولي، بتنفيذ قرار محكمة العدل الدولية، مرحبةً كذلك بـ”اعتزام المحكمة إرسال لجنة تحقيق إلى غزة”، وتعهدت بـ”التعاون”.

كولومبيا وبلجيكا وبوريل

وأكد الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو، أن قرار محكمة العدل الدولية بوقف الإبادة الجماعية من قبل حكومة نتنياهو يظهر طابع الهمجية التي أطلقت ضد فلسطين.

بدورها، دعت وزيرة الخارجية البلجيكية حاجة لحبيب إلى وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن ووقف العنف والمعاناة الإنسانية في غزة.

وأعربت وزيرة الخارجية ناليدي باندور، عن اعتقادها أنها “مجموعة أكثر حزماً، من حيث الصياغة، من الإجراءات المؤقتة، ودعوة واضحة جداً لوقف إطلاق النار”.

بدوره، قال مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، إن “الاتحاد سيضطر إلى الاختيار بين احترام دعم المؤسسات الدولية لحكم القانون ودعمنا لإسرائيل”.

وكانت إسرائيل تنتظر من المحكمة أن ترفض الطلب باعتبار أن وقف إطلاق النار سيسمح لمقاتلي “حماس” بإعادة تنظيم صفوفهم، ويجعل من المستحيل استعادة المحتجزين الذين تم احتجازهم خلال الهجوم الذي نفذته “حماس” في 7 أكتوبر.

وطالبت جنوب إفريقيا، المحكمة، بأن تأمر إسرائيل بـ”الوقف الفوري” لجميع العمليات العسكرية في غزة، بما يشمل مدينة رفح جنوب القطاع، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية.

وكانت المحكمة التي تلقت طلب جنوب إفريقيا في نهاية ديسمبر الماضي، أمرت إسرائيل في يناير ببذل كل ما في وسعها لمنع أي عمل من أعمال الإبادة الجماعية والسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.

لكنها لم تذهب إلى حد إصدار أمر بوقف إطلاق النار. وترى بريتوريا أن تطور الوضع على الأرض، وخصوصاً العمليات في رفح، يتطلب أمراً جديداً من محكمة العدل الدولية.

وتبت محكمة العدل الدولية في النزاعات بين الدول، وأحكامها ملزمة قانوناً، لكن ليست لديها آليات لتنفيذها، في حين يمكن أن يقبل القضاة طلب جنوب إفريقيا أو يرفضوه أو أن يصدروا سلسلة قرارات مختلفة تماماً.

يأتي قرار المحكمة بعد طلب تاريخي من المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، إصدار مذكرات توقيف في حق الفاشي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت، و3 من قادة “حماس” هم إسماعيل هنية ويحيى السنوار ومحمد الضيف، بتهمة ارتكاب جرائم في قطاع غزة وإسرائيل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى