الغنوشي يستثمر في مأساة مصرع أحد الأشخاص داخل مقر حركته
تصريحاته تثير موجة انتقادات واسعة في الشارع التونسي
وصف المتابعون للشأن السياسي التونسي، تفسير رئيس حركة النهضة الإخونجية راشد الغنوشي، لانتحار “مناضل” في الحركة، بـ”المخجل” و”الانتهازي”، ومحاولة للظهور في هيئة الضحية بدل الجاني.
وكان الغنوشي قد قال في تصريح صحافي، إنّ الكهل الذي أضرم النار في جسده ظهر الخميس 9 ديسمبر 2021 وتسبّب في اندلاع حريق في المقرّ المركزي للحزب ”هو شهيد آخر من شهداء النضال من أجل تحرير تونس من ظلم الدكتاتورية والفساد والتهميش وضحية أخرى من ضحايا الفقر”.
تصريحات الغنوشي أثارت موجة من التعليقات والانتقادات من قبل مئات التونسيين على مواقع التواصل، خلال الساعات الماضية.
واعتبر العديد من المنتقدين أن راشد الغنوشي، حاول استثمار مأساة مصرع أحد الأشخاص أمس داخل المقر المركزي للحركة في العاصمة تونس، عبر إلقاء اللوم على الآخرين، علماً أن الضحية أراد مقابلة الغنوشي قبل إحراق نفسه، ولم يستطع.
أحرقته الوعود الوهميّة
ووصف أحد المغردين تعليقات زعيم النهضة بالكذب والتمسكن. فيما قال آخرون: “يا سي راشد هذا المواطن التّونسي حرق روحه في مقرّكم من كثرة ما حرقتوه بالوعود الوهميّة”.
وقال معلق على فيسبوك “حركة النهضة على رأسها راشد الغنوشي لديها قدرة رهيبة جدا على ليّ عنق الحقيقة والتموقع في دور الضحية حتى في أكثر السياقات مهيبا (الموت)”.
الغنوشي رفض مقابلته
وأضاف “الرجل حسب روايات الصحافيين وقع طرده من المقر ورفض الغنوشي مقابلته، ليخرج بعد وفاته بخطاب أجوف مذكرا بشكل مستتر أن تعطل جبر الضرر هو سبب موت الهالك بينما زعيم الحركة وصهره (رفيق عبدالسلام وزير الخارجية السابق) ومن ولاه يعيشون حياة البذخ”.
وكثيرا ما أثار موضوع التعويضات لخصوم الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، الجدل في تونس. ففي حين تتمسك حركة النهضة بمنح قياداتها وأنصارها تعويضات يرى أغلب التونسيين أن الحديث عن التعويضات في الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد انتهازية وتعبر عن لامبالاة الحركة بمصير البلاد بقدر اهتمامها بإرضاء أنصارها.
فيديو الهاروني
وأثير الجدل آخر مرة في مطلع يوليو الماضي بعد انتشار مقطع فيديو لرئيس مجلس شورى حركة النهضة الإخونجية عبدالكريم الهاروني يطالب فيه خلال وقفة احتجاجية لأنصار حزبه تنادي بالتعويضات، رئيس الحكومة السابق هشام المشيشي بضرورة تفعيل “صندوق الكرامة” وصرف 3 مليار دينار تونسي (حوالي مليار دولار) لتعويض ما أسماهم بـ”ضحايا الاستبداد والمناضلين السياسيين” المنتمين للحركة قبل 25 يوليو.
وحذر الهاروني من أن حركة النهضة لن تسكت عن مطالب أنصارها، مهدّدا باستخدام القوة في حالة عدم الحصول على هذه التعويضات، حيث قال “في حال عدم الالتزام بالتاريخ المحدد، فإن الشباب الجديد لحركة النهضة سيأتي على الأخضر واليابس”.
وأثارت هذه التصريحات حينئذ مخاوف أوساط تونسية من أن يقوم المشيشي الذي كان حينئذ مدعوما من النهضة بتلبية هذا المطلب للنهضة.
واعتبر كثيرون أن إعلان الرئيس قيس سعيد تجميد البرلمان وإقالة المشيشي جاء للتصدي لهذا الإجراء الخطير على اقتصاد البلاد الذي يشهد انهيارا مستمرا.
الفوارق الطبقية داخل الحركة
وسلّطت حادثة الانتحار الضوء على الفوارق الطبقية داخل الحركة حيث تنعم أغلب القيادات بالرفاهية في حين يغرق الأنصار في المعاناة.
وأعادت هذه الحادثة إلى الأذهان إحراق محمد البوعزيزي لنفسه والذي أشعل فتيل ما يسمّى بـ”الثورة” في تونس التي أنهت نظام بن علي. وقال معلقون “قبل 10 سنوات أحرق البوعزيزي نفسه وأوصلكم للحكم و’بوعزيزي’ من أهل النهضة يحرق نفسه ليخرجكم من لعبة السياسة”.
وقال الديوان الوطني للحماية المدنية في تونس والسلطات القضائية إن شخصا توفي بعد أن أضرم النار في جسده في المقر الرئيسي لحزب النهضة في العاصمة التونسية مما تسبب في إصابة 12 من بينهم رئيس الحكومة السابق علي العريض.
وأعلنت حركة النهضة الإخونجية إن أحد أعضائها لقي حتفه في الحريق. وقالت السلطات القضائية إن الشخص الذي توفي هو الذي أضرم النار في جسده بمقر الحركة.
وقال شهود وأعضاء في النهضة إن اثنين من كبار المسؤولين بالحركة من بين المصابين في الحريق أحدهما العريض الذي أصيب بعد أن قفز من إحدى نوافذ الطابق الثاني بالمبنى التماسا للنجاة، والثاني هو عبدالكريم الهاروني.
وكانت النيران اندلعت في المقر الرئيسي للنهضة في منطقة مونبليزير في العاصمة، أمس بعد أن عمد الناشط الحزبي سامي السيفي، (51 عاما) إلى إحراق نفسه.
فيما أظهرت المعطيات الأولية أن سامي، الذي وجد لاحقاً جثة متفحمة، طرد مؤخراً من عمله داخل مقر الحركة، فطلب أمس الخميس لقاء الغنوشي، إلا أنه منع من ذلك، ليقوم بسكب البنزين وحرق نفسه، متسبباً باندلاع النيران في المقر.