الغنوشي يواجه ضغوطاً داخل النهضة لدفعه إلى الاستقالة من رئاسة الحركة
بات رئيس حركة النهضة الإخونجية راشد الغنوشي في وضع صعب بسبب تحركات لإقالته من رئاسة البرلمان بعد زيارة غير مفهومة إلى تركيا ولقاء رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان في وقت ما يزال فيه غضب التونسيين على أوجه ضد زيارة الرئيس التركي الأخيرة لتونس دون تنسيق مسبق ومحاولة توريطها في سياسة المحاور.
وبالتوازي، يواجه الغنوشي ضغوطا داخل النهضة لدفعه إلى الاستقالة من رئاسة الحركة بسبب ازدواجية المهام التي تقود إلى تركيز جهده ووقته لرئاسة البرلمان وتهميش رئاسة الحركة في وقت تحتاج فيه إلى تفرّغ دائم من الغنوشي لتطويق أزمة الانسحابات والاستقالات الآخذة في التوسع.
وبرر الغنوشي زيارته المفاجئة والعاجلة إلى تركيا بعد ساعات من سقوط حكومة الحبيب الجملي، وفي أوج نقاشات واسعة بشأن موقف تونس تجاه الأزمة الليبية، بأنه ذهب إلى أنقرة بصفته رئيسا لحركة النهضة وليس رئيسا للبرلمان التونسي، وهو ما وسّع دائرة الاتهامات الموجهة إليه من داخل البرلمان وخارجه.
واتهم نواب مثل عبير موسي، رئيس الحزب الدستوري الحر، ومنجي الرحوي، عن الكتلة الديمقراطية، الغنوشي بإفشاء أسرار تونس للأتراك، وهي أسرار يحصل عليها بصفته رئيسا للبرلمان وعضوا في مجلس الأمن القومي، متسائلين عن سر اللقاء المغلق الذي جمعه بأردوغان وما إذا كانت له علاقة بتقديم تسهيلات للتدخل التركي في ليبيا.
وكانت الزيارة المفاجئة أثارت جدلا في تونس كونها جاءت بعد ساعات من تصويت البرلمان ضد منح الثقة للحكومة المقترحة من مرشح حركة النهضة، الحبيب الجملي كما تأتي بعد أسابيع قليلة من زيارة غير معلنة لأردوغان إلى تونس في ظل التحضير لتدخل عسكري في ليبيا آنذاك.
وفيما كان النواب، الذين فرضوا جلسة مساءلة مفتوحة بشأن الزيارة، ينتقدون ولاء رئيس حركة النهضة الإخونجية لتركيا، صب الغنوشي الزيت على النار من خلال تمجيد الحقبة العثمانية وقوله إن سنان باشا (1506 و1596) حرر تونس من الاستعمار الإسباني، وأن تونس ليست لها مشاكل مع العثمانيين.
وتذكر دراسات تاريخية أن سنان باشا قاد حملة لغزو تونس قادما من الجزائر، وإنه فيما كان المعلن هو طرد الإسبان منها، فإن ما جرى هو تثبيت الاحتلال العثماني بقوة السلاح وإغراق البلاد بالجباية. كما عرفت عن سنان باشا قبضته الحديدية خلال شغله منصب حاكم في مصر وحملته على اليمن.
ويعتقد مراقبون أن الغنوشي وجد نفسه مجبرا على اتباع أجندة تركيا في المنطقة دون مراعاة وضعه في تونس، وخاصة في ظل أحزاب ومجموعات مدنية وحقوقية قوية، وأن الأتراك لم يعطوه الوقت لإيجاد الغطاء للزيارة، خاصة أن الرجل ما عاد محركا للدمى من خلف الستار بل شخصية رسمية كل تحركاتها تحت الأضواء.
ومن بين المعارضين للزيارة نواب الحزب الدستوري الحر المعارض الذين دعوا للإمضاء على عريضة بين النواب تمهيدا لسحب الثقة، ورفعوا في الجلسة لافتات تدعو لسحب الثقة من الغنوشي.
وتوسعت دائرة الأزمة التي يعيشها راشد الغنوشي في ظل دعوات من داخل حركة النهضة إلى الاستقالة من رئاسة الحزب والتفرغ لدوره في البرلمان، وفسح المجال أمام قيادة جديدة، وذلك وسط استقالات لافتة طالت في الأيام الأخيرة قيادات شبابية في الحركة لم تخف نقدها اللاذع لسياسة التوافق.
وصرح عبداللطيف المكي أحد القياديين المخضرمين للحزب في وقت سابق، بأنه يجب التعجيل بتنظيم مؤتمر للحركة لأن رئيس الحركة لم يعد قادرا على تخصيص وقت لرئاسة الحزب.
وأوضح المكي “هناك وجهة نظر قانونية لأن هناك من يقول داخل الحزب إن القانون الداخلي للحركة ينص على أن يكون رئيسها متفرغا لقيادة الحركة”.