القاهرة لن تسمح بتهديد أمنها المائي
وترد على الاتهامات الإثيوبية أمام مجلس الأمن
قال سامح شكري وزير الخارجية المصري أن بلاده لن تسمح بتهديد أمنها المائي، و لجأت إلى مجلس الأمن الدولي لمنع تزايد الإضطرابات في المنطقة بعد التعنت الإثيوبي في مفاوضات سد النهضة .
وتابع شكري في كلمته أمام مجلس الأمن مساء الاثنين لمناقشة أزمة سد النهضة، إن هناك خطر وجودي يهدد بالافتئات على المصدر الوحيد لحياة أكثر من 100 مليون مصري، ألا وهو سد النهضة، مضيفا أن المشروع الضخم الذي شيدته إثيوبيا على النيل الأزرق، يمكن أن يعرض أمن وبقاء أمة بأسرها للخطر بتهديده لمصدر الحياة الوحيد لها.
وأضاف أن مصر تؤيد تحقيق الأهداف التنموية للشعب الإثيوبي، وهو هدف تسانده وتدعمه، لكن من الضروري إدراك أن مشروعاً بهذا الحجم، وهو أضخم مشروع لتوليد الطاقة الكهرومائية في أفريقيا، يهدد مقدرات ووجود ملايين المصريين والسودانيين.
وذكر أن ملء وتشغيل السد بشكل أحادي، ودون التوصل لاتفاق يتضمن الإجراءات الضرورية لحماية المجتمعات في دولتي المصب، ويمنع إلحاق ضرر جسيم بحقوقهم، سيزيد من التوتر ويمكن أن يثير الأزمات والصراعات التي تهدد الاستقرار في منطقة مضطربة بالفعل.
ودعا شكري مجلس الأمن إلى النظر في هذه القضية باعتباره المحفل الذي أوكل المجتمع الدولي إليه مسؤولية فريدة للحفاظ على السلم والأمن الدوليين، مطالبا أن يمارس المجلس مهامه بيقظة لتلافي تصاعد التوتر، ومنع اندلاع الصراعات، واحتواء الأزمات التي تهدد المساس بالسلام في إقليم يعاني قدراً من الهشاشة.
وأكد أن مصر كدولة مسئولة ارتأت عرض الأمر على مجلس الأمن لتجنب المزيد من التصعيد ولضمان ألا تتسبب الإجراءات الأحادية في تقويض فرص التوصل إلى اتفاق حول سد النهضة، أو المساس بحقوق ومصالح دولتي المصب، أو وهو الأمر الأكثر خطورة، تعريض حياة أكثر من 150 مليون مواطن مصري وسوداني للخطر، على نحو يُفاقم التوتر في منطقة غير مستقرة.
وقال إنه إذا تم ملء وتشغيل سد النهضة بشكل أحادي، وفي غياب اتفاق يحقق المنفعة للجميع ويحمي الأرواح وسُبل العيش لمجتمعات دولتي المصب، فإن ذلك قد يؤدي إلى تفاقم الواقع الهيدرولوجي الصعب ويعرض الملايين في مصر والسودان للخطر.
وأكد شكري أن مصر انخرطت خلال ما يقرب من عقد كامل من الزمان في مفاوضات مُضنية حول سد النهضة، وكان هدفها خلال هذه المفاوضات الشاقة هو الوصول إلى اتفاق عادل يمكن إثيوبيا من تحقيق أهدافها التنموية المشروعة وفي نفس الوقت يقلص من الآثار العكسية والضارة لهذا السد علي المجتمعات في دولتي المصب، مضيفا لقد عملنا وبذلنا الجهد للتوصل إلى هذا الاتفاق حتى تستفيد إثيوبيا من القدرات التنموية لهذا السد مع الحد من مخاطره على كل من مصر والسودان.
وأوضح أنه ومع قرب انتهاء عملية إنشاء سد النهضة، وبعدما ثبت عدم نجاح كافة الأطر التفاوضية السابقة، فقد دعت مصر الولايات المتحدة الأميركية والبنك الدولي، باعتبارهما شركاء دوليين لجميع الأطراف، للمشاركة في محادثاتنا للمعاونة في جسر الهوة بين دولنا الثلاث، مشيرا إلى أن هذا المسار، ولأول مرة منذ ما يقرب من عقد من المحادثات وبعد مفاوضات مكثفة شاركت فيها الدول الثلاث، تم التوصل إلى اتفاق تم إعداده برعاية الولايات المتحدة وبمساهمة فنية من قبل البنك الدولي، وهو الاتفاق الذي قبلته مصر ووقعته بالأحرف الأولى ورفضت إثيوبيا توقيعه في آخر لحظة، رغم أنه وفر حلاً عادلاً ومتوازناً يراعي مصالح كافة الأطراف ويحفظ حقوقها المائية.
وأكد شكري أن مل سد النهضة بشكل أحادي ودون اتفاق مع مصر والسودان سوف يهدد مصالح دولتي المصب اللتين يعتمد وجودهما وبقاؤهما على نهر النيل، كما أن تشغيل هذا السد العملاق بشكل أحادي قد يكون له تأثيرات اجتماعية واقتصادية مدمرة سوف تؤثر على كافة مناحي الأمن الإنساني للمصريين، بما في ذلك الأمن الغذائي والأمن المائي والأمن البيئي والصحة العامة، مضيفا أن ذلك سيعرض الملايين لمخاطر اقتصادية وسؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة والجريمة والهجرة غير الشرعية، فضلاً عن التأثير على النُظم البيئية والتنوع البيولوچي وزيادة المخاطر الناجمة عن تغير المناخ.
وناشد وزير خارجية مصر مجلس الأمن حث الأطراف على التفاوض بحسن نية للتوصل إلى اتفاق حول السد، والامتناع عن أي إجراءات أحادية حتى إبرام هذا الاتفاق، مشيرا إلى أن مصر تقدمت بمشروع قرار لتداول مجلس الأمن بشأنه، وهو النص الذي يتسق مع مخرجات اجتماع هيئة مكتب الاتحاد الأفريقي، حيث يدعو الدول الثلاث للتوصل إلى اتفاق حول سد النهضة في غضون أسبوعين، ولعدم اتخاذ إجراءات أحادية، ويؤكد على الدور الحيوي لسكرتير عام الأمم المتحدة في هذا الصدد.
وأوضح أن مشروع القرار الذي تقدمت به مصر لا يرمي إلى الافتئات على أي عملية تفاوضية أو استباقها، وإنما يهدف إلى تأكيد اهتمام وحرص المجتمع الدولي، على أعلى مستوى، على التوصل إلى اتفاق بشأن سد النهضة، وإدراكه لخطورة اتخاذ أي إجراءات أحادية في هذا الشأن.
وفي كلمته أمام المجلس، انتقد مندوب إثيوبيا إحالة ملف سد النهضة لمجلس الأمن، متهما مصر باتخاذ إجراءات أحادية.
وقال إن أي نزاع حول مياه نهر النيل يمكن فضه بالوساطة وإحالته لرؤساء الدول
وحثت المندوب الإثيوبي، مجلس الأمن على إحالة ملف سد النهضة للاتحاد الأفريقي
واعتبر أن إحالة ملف سد النهضة إلى مجلس الأمن الدولي بمثابة تسييس للقضية.
وخلال الجلسة التي عقدها مجلس الأمن بشأن سد النهضة نشبت مشادة كلامية بين وزير الخارجية المصري، سامح شكري، ومندوب إثيوبيا في الأمم المتحدة، السفير تاي أسقي سلاسي.
وقال مندوب إثيوبيا إن المجلس عليه دعم الاتحاد الأفريقي في التفاوض بين مصر وإثيوبيا بشأن سد النهضة، معتبرا أن القاهرة لم تبد مرونة في المفاوضات مع أديس أبابا خلال الجلسات التي جمعت الجانبين.
ورد وزير الخارجية المصري، قائلا إن بلاده لم توجه أي اتهام لأي دولة مثلما فعلت إثيوبيا مع مصر التي اتهمتها بعدم المرونة والتصرف بشكل أحادي مسبقا، مشيرا إلى أن ذلك يعد تدخلا في الشأن الداخلي للبلاد.
وأضاف “أنا أرفض كل اتهامات الجانب الإثيوبي، تفاوضنا معكم خلال 10 سنوات. واحترمنا كل التعهدات من أجل التوصل لاتفاق”.
ليرد المندوب الإثيوبي قائلا: “لم نتدخل في أي شأن داخلي لمصر”، مضيفا “شكوى مجلس الأمن التي تقدمت بها مصر، تؤكد أنها تسير في طريق آخر غير طريق الاتحاد الأفريقي الذي اجتمعنا أمامه منذ أيام”.
الأوبزرفر العربي