القضاء التونسي يكشف فساد حركة النهضة الإخونجية
كشفت محكمة المحاسبات، وهي أعلى هيئة قضائية رقابية في تونس، اليوم الثلاثاء، أن حركة النهضة الإخونجية الملاحقة بعدة قضايا فساد،، تتصدرّ قائمة الأحزاب السياسية، وأنها ارتكبت خروقات وتجاوزات قانونية، خلال الانتخابات البرلمانية والرئاسية 2019، أثّرت على إرادة الناخب وعلى النتائج، من أجل الوصول إلى أهدافها.
وأقرّت المحكمة المكلفة مراقبة حسن التصرف في المال العام، التهم التي لاحقت حركة النهضة بشأن تعاقدها مع شركة ضغط أميركية لتحسين صورتها بين عامي 2014 و2019، مقابل مبلغ يزيد على ربع مليون دولار.
وأكدت المحكمة في تقرير لها صدر الثلاثاء، أن حركة النهضة الإخونجية أبرمت عقدا مع شركة الدعاية والضغط “Burson Cohn & Wolfe”، للقيام بحملات دعاية وضغط وكسب التأييد في الانتخابات.
وأضافت أن التعاقد بدأ عام 2014 وانتهى عام 2018 بقيمة 285 ألف دولار أميركي، وتم تجديده بعقد تكميلي ليغطي الفترة الممتدة من 16 يوليو 2019 إلى 17 ديسمبر 2019، وهي فترة الحملة الانتخابية.
وأشارت المحكمة في تقريرها إلى أنها لم “يتسن لها كشف مصادر تمويل هذه العقود”.
وطالت اتهامات التعامل مع شركات ضغط أميركية حركة النهضة الإخونجية وحزب قلب تونس خلال الحملة الانتخابية العام الماضي، لكن الحركة نفت أي علاقة لها مع شركات أجنبية.
ودانت حينذاك بشدة ما اعتبرته “مساعي وترتيبات من بعض الأطراف (لم تسمها) للتأثير على سير الانتخابات والاعتداء على السيادة الوطنية وفتح الباب أمام التدخلات الخارجية”، من دون مزيد من التوضيح.
وقالت محكمة المحاسبات إن القيادي في حركة النهضة زياد العذاري “لم ينف وجود العقد، حيث جاء على لسانه أن الأمر يتعلق بقيام أنصار الحركة في الخارج بحملات للتعريف بصورة الحركة في إطار الدبلوماسية الشعبية والحزبية”، مشيرا إلى أن “قانون الأحزاب لا يمنع ذلك”.
وردت المحكمة بأن “أحكام المرسوم 87 لسنة 2011 المنظم للأحزاب السياسية في تونس لا يسمح للأحزاب بتكوين مكاتب لها بالخارج، وينحصر ما أباحه المرسوم في إقامة علاقات سياسية بأحزاب سياسية أخرى وطنية أو أجنبية أو باتحادات أحزاب سياسية دولية”.
وتابع التقرير: “كما يمنع المرسوم على الأحزاب السياسية قبول تمويل مباشر أو غير مباشر، نقدي أو عيني، صادر عن أي جهة أجنبية. فضلا عن قبول أي تمويل مباشر أو غير مباشر مجهول المصدر أو مساعدات وتبرعات وهبات صادرة عن الذوات المعنوية، خاصة كانت أو عمومية، باستثناء التمويل المحمول على ميزانية الدولة”.
يشار إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي تتهم فيها جهات قضائية ورسمية حركة النهضة الإخونجية بالتلاعب في تمويلاتها، حيث أحال وزير الدولة المكلف بالحوكمة ومكافحة الفساد محمد عبو في سبتمبر الماضي إلى النيابة العامة، ملفا ضد الحركة يتعلق بتبيض الأموال تحت غطاء محطات تلفزيونية.
وكشف الوزير التونسي عن أن الدعوى التي رفعها للقضاء تتعلق أيضا بـ”ممتلكات حركة النهضة وسياراتها ومقارها، وكذلك ما تعلق بها في تقرير محكمة المحاسبات من وجود أشخاص متبرعين للحركة بأموال تبين أنهم كانوا متوفين في تاريخ التبرع”.
وكانت محكمة المحاسبات، قد كشفت في تقريرها في العام الماضي بشأن الانتخابات البلدية، وجود تبرعات مالية بأسماء عشرات الأشخاص المتوفين لفائدة حركة النهضة الإخونجية.
وأضافت المحكمة أن “من بين 68 متبرعا متوفيا، 25 مرت على وفاتهم بين 3 سنوات و11 سنة قبل موعد التبرع”.
كما سجلت المحكمة في تقريرها ملاحظات أخرى، من بينها غياب إمضاء المتبرع في نحو 329 إيصالا، من بين نحو 13 ألف عملية تبرع. كما بينت أن حركة النهضة فتحت أكثر من 7 حسابات مالية، خلافا لما يفرضه القانون (حساب واحد)، قبل أن يتم إغلاقها.
وينص الفصل 22 من المرسوم المنظم للأحزاب السياسية في تونس، على أن “يفتح الحزب السياسي حسابا بريديا أو بنكيا وحيدا يخصص لكل معاملاته المصرفية”.
وقال عبو: “هؤلاء لم يتبرعوا، وإنما وضعت أسماؤهم على هذه التبرعات لمجرد تعليل مصدر هذه الأموال”.
وكان رئيس هيئة مكافحة الفساد شوقي الطبيب، قد كشف في يوليو الماضي عن وجود تمويلات غير قانونية لدى بعض الأحزاب السياسية، وأن العديد منها لا يتوخى الشفافية في التصريح بتمويلاته، خاصة خلال فترات الانتخابات.
وأكد وجود “تمويل خارجي”، متهما أطرافا خارجية بتوظيف أحزاب سياسية محلية عن طريق تمويلها.
ويفرض المرسوم المنظم لنشاط الأحزاب السياسية في تونس على كل حزب “تقديم تقرير سنوي يشمل وصفا مفصلا لمصادر تمويله ونفقاته إلى دائرة المحاسبات”، إلا أن أغلب الأحزاب لا تلتزم بذلك.
الأوبزرفر العربي