اللاجئون الفلسطينيون في عين الحلوة تحت تهديد السلاح
و”عين الحلوة”، واحد من بين 12 مخيما للفلسطينيين في لبنان، بحسب وكالة غوث وإعانة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، حيث هناك نحو 50 ألف لاجئ مسجل في المخيم، إلا أن عدد السكان الحقيقيين يفوق ذلك بكثير.
وكحال معظم مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، يعاني أغلب سكانه ظروفا إنسانية صعبة من حيث نقص الموارد وضعف الخدمات، إلا أن عين الحلوة، الذي تم تأسيسه عام 1948، عرف الاضطرابات الأمنية منذ عقود، وظل على حاله حتى يومنا هذا.
وتعرض “عين الحلوة” لأشد أعمال العنف بين عامي 1982 و1991، إبان الحرب الأهلية اللبنانية، الأمر الذي نتج عنه تدمير شبه كامل للمخيم.
إلا أن المنطقة المضطربة العامرة بالمسلحين، باتت مسرحا لاقتتال داخلي بين فصائل فلسطينية مختلفة على مدار سنوات، حتى أصبح سماع صوت الرصاص بل وحتى إطلاق القذائف أمرا معتادا بالنسبة للسكان، في حين ينال بعضهم نصيبا من النيران الطائشة أحيانا، ويروحون ضحية نزاع الفرقاء.
وفي الداخل لا وجود لقوات لبنانية، حيث لا تخضع المخيمات الفلسطينية في لبنان، للسلطة القانونية لحكومة بيروت على الإطلاق.
ومع مقتل المتشدد بلال العرقوب مؤخرا، على يد القوة الأمنية الفلسطينية المشتركة، يأمل سكان عين الحلوة أن تطوى صفحة دامية من تاريخ المخيم.
فالعضو البارز في مجموعة بلال بدر المتشددة، التي كانت تشكل واحدة من مجموعات متطرفة تنضوي في عين الحلوة تحت ما يسمى بـ”الشباب المسلم”، كان وراء إشكالات عدة مع الفصائل الفلسطينية على مدار سنوات، وهو وجماعته ضالعون في عمليات اغتيال وتهجير الكثيرين.
إلا أن مجموعة “الشباب المسلم” لا تحمل السلاح وحدها في “عين الحلوة”، المخيم الذي يعرف 3 كتل مسلحة رئيسية، هي فصائل منظمة التحرير وقوى التحالف والقوى الإسلامية، فيما تنضوي تحتها مجموعات أصغر، فضلا عن جماعات أخرى.
وتضم فصائل منطمة التحرير، حركة فتح الجناح العسكري، والأمن الوطني، والجبهة الديقراطية لتحرير فلسطين، والجبهة الشعبية، وجبهة التحرير الفلسطينية، والجبهة العربية، وجبهة النضال الشعبي، وحزب الشعب.
ويقود مجموعة مسلحة اللواء محمود عيسى الملقب بـ”اللينو”، تتبع التيار الإصلاحي في حركة فتح.
أما قوى التحالف، فتضم جبهة النضال وجبهة التحرير، وهما تنظيمان منشقان عن حركة فتح، وحركة الجهاد الإسلامي وحركة حماس، والقيادة العامة التي يرأسها أحمد جبريل وتتبع بشكل مباشر للنظام السوري.
وفي المقابل، تتألف القوى الإسلامية، إضافة إلى حماس والجهاد الإسلامي، من الحركة الإسلامية المجاهدة التي يرأسها الشيخ جمال الخطاب، وهو بدوره يرأس تحالف القوى الإسلامية ويتحدث باسمهم، وعصبة الأنصار التي يتحدث باسمها الشيخ أبو شريف عقل.
وتأتي خارج هذه التحالفات تنظيمات مسلحة أخرى، أبرزها حركة المقاومة الإسلامية – أنصار الله، بزعامة جمال سليمان الذي تقول الفصائل الفلسطينية إنه ينفذ أجندة سورية ويتلقى تعليمات من حزب الله، وإن الأخير أمن له منفذا للهروب من مخيم المية ومية بعد اشتباكات دامية استمرت أياما عدة السنة الماضية، وتم تهريبه إلى سوريا في الأيام الأولى، في حين ترجح بعض المعلومات أنه عاد إلى لبنان ويقيم في الضاحية الجنوبية حاليا تحت حماية حزب الله.
كما تضاف إلى المجموعات السابقة مجموعات صغيرة توحدت في السنوات الماضية تحت اسم الشباب المسلم، قبل أن تتفرق مجددا وتتحول إلى مجموعات بزعامات فردية لمطلوبين عدة بينهم أسامة الشهابي المتواري عن المشهد حاليا، وعماد ياسين المقبوض عليه من قبل الجيش اللبناني، وبلال بدر الذي فر من المخيم قبل أكثر من عام عقب اشتباكات دامية وعاد إليه لكنه متخف عن الأنظار، وهيثم الشعبي.
وبعد انفراط عقد هذا التجمع برز اسم بلال العرقوب الذي كان واحدا من عناصر مجموعة بلال بدر، وكان ينفذ عمليات اغتيال في المخيم “حسب الطلب”، قبل أن يرفع عنه الغطاء بشكل تام ويقتل على يد مسلحي من القوى الإسلامية (عصبة الأنصار والحركة الإسلامية المجاهدة).
ومعظم الأسماء الواردة في مجموعة الشباب المسلم مطلوبة للقوى الأمنية اللبنانية بتهم إرهابية.
وتعود الاشتباكات، التي شهدها المخيم في السنوات الأخيرة الماضية إلى تنافس على النفوذ بين القوى الوطنية ومجموعات الشباب المسلم بشكل عام، وكانت الأخيرة اتخدت من عدد من أحياء المخيم مربعات أمنية تتحصن فيها وتمنع العبور فيها.
وخلال اشتباكات عدة، كانت القوى الإسلامية تتعهد، خلال الاجتماعات التي تعقد بين الفصائل الرئيسية لبحث سبل وقف أي اشتباك، بأنها ستتدخل لتضبط المتورطين من الشباب المسلم في الأحداث، وتنتهي الأحداث باتفاق لوقف إطلاق النار دون أي محاسبة.
لكن الأشهر الماضية بينت وجود نية لدى القوى الإسلامية برفع الغطاء عن كل المتورطين في قضايا إرهاب، والمطلوبين للأجهزة الأمنية اللبنانية بجرائم كبرى، وهو ما ساعد على تصفية عدد منهم، آخرهم بلال بدر وعماد ياسين وبلال العرقوب.