المجاعة تفتك بالآلاف من الأطفال وكبار السن في شمال غزة
الأمم المتحدة تحمل إسرائيل مسؤولية تيسير العمليات الإنسانية داخل القطاع
أعلنت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، الأربعاء، إنها لم تتمكن من إيصال المساعدات الغذائية إلى شمال غزة منذ 23 يناير، فيما حمّلت إيري كانيكو المتحدثة باسم مكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة “الجيش الإسرائيلي مسؤولية تيسير العمليات الإنسانية داخل غزة.
كما أعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، الثلاثاء، وقف تسليم المساعدات الغذائية إلى شمال غزة “حتى تتوفر الظروف التي تسمح بالتوزيع الآمن”.
وأظهرت بيانات أممية، أن المساعدات التي تدخل غزة من مصر، “شبه متوقفة” في الأسبوعين الماضيين.
توقف تدفق المساعدات الإنسانية إلى شمال غزة، منذ ما يقرب الشهر، بسبب رفض إسرائيل تسهيل مرور الشاحنات إلى داخل القطاع، يفاقم من أخطار المجاعة التي يتعرض لها نحو نصف مليون فلسطيني موجودين في شمال قطاع غزة.
ومنذ التاسع من فبراير تظهر الأرقام اليومية، انخفاضاً حاداً في إمدادات المساعدات التي وصلت إلى غزة، حيث يواجه السكان البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة أزمة جوع.
ووفقاً لأرقام الأمم المتحدة انخفض المتوسط اليومي في الفترة من التاسع حتى 20 فبراير إلى 57 شاحنة فقط. وفي سبعة من تلك الأيام، تمكنت 20 شاحنة فقط أو أقل من العبور. ولم تنجح سوى أربع شاحنات في دخول قطاع غزة يوم 17 فبراير.
كما أن عمليات التسليم عبر معبر رفح بين مصر وغزة، متوقفة بشكل شبه كامل. وتصل من حين لآخر، شحنات عبر معبر كرم أبو سالم بين إسرائيل ومصر، وكثيراً ما يتم تعطيلها من محتجين إسرائيليين يحاولون منع عمليات التسليم.
وتم إغلاق المعبر خلال الفترتين من الثامن إلى العاشر من فبراير ومن 15 إلى 17 منه.
وقال ريتشارد برينان، مدير الطوارئ الإقليمي في منظمة الصحة العالمية، لشبكة CNN، إنه ستكون هناك عواقب طويلة المدى ستؤثر على الفلسطينيين في جميع أنحاء غزة، حيث يواجه الآلاف من الأطفال وكبار السن المجاعة وسوء التغذية.
مسؤولية إسرائيل عن إدخال المساعدات
وتقول الأمم المتحدة، إن توزيع المساعدات داخل غزة، صار أصعب بسبب انهيار الأمن داخل القطاع، حيث يعيش معظم السكان الآن في مخيمات مؤقتة.
وقالت إيري كانيكو المتحدثة باسم مكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة “يتحمل الجيش الإسرائيلي مسؤولية تيسير العمليات الإنسانية داخل غزة. إن تراكم المساعدات عند المعبر دليل على غياب عوامل التمكين وسط الاحتياجات الهائلة”.
وأضافت: “لا تستطيع الأمم المتحدة وشركاؤها في العمل الإنساني استلام الإمدادات بشكل منتظم من نقاط العبور بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة وانهيار القانون والنظام.. وعلى الرغم من ذلك، فإن زملاءنا يخوضون مخاطر كبيرة من أجل الاستمرار في توصيل الإمدادات الإنسانية الضرورية لبقاء المدنيين على قيد الحياة”.
وقال جوناثان فاولر المتحدث باسم الأونروا: “في معظم الحالات، عندما يتم أخذ الطعام مباشرة من القوافل، يكون ذلك بسبب اليأس المطلق، لدرجة أن الناس يأكلونه على الفور”.
ويقول بعض الفلسطينيين، إنهم لجأوا إلى صنع الخبز من علف الحيوانات. كما تقول الأمهات إنه من الصعب الحصول على حليب الأطفال.
كما يضطر الكثيرون في قطاع غزة إلى العيش على الخبز المسطح المطبوخ على النار، مع إمدادات محدودة للغاية من الملح والخضروات الطازجة والزيت والفواكه، وفق صحيفة “الجارديان” البريطانية.
وقال أحمد، أحد سكان مدينة غزة، حيث تحولت مباني بأكملها إلى أنقاض والشوارع مليئة بالحفر للصحيفة البريطانية: “لم يعد بإمكاننا تحمل الأمر بعد الآن”، “ليس لدينا طحين، ولا نعرف حتى إلى أين نذهب في هذا الطقس البارد. نطالب بوقف إطلاق النار. نريد أن نعيش”.
ودعت الأمم المتحدة، إسرائيل، إلى فتح المزيد من المعابر، بما في ذلك في الشمال، وتحسين عملية التنسيق.
تفاقم البؤس في غزة
وعزلت إسرائيل شمال غزة منذ الأيام الأولى للاجتياح البري في أواخر أكتوبر، بعد أن أمرت سكانها بالنزوح إلى الجنوب. وظل عشرات الآلاف من الفلسطينيين هناك، على الرغم من تسوية أحياء بأكملها بالأرض، والنقص الحاد في الغذاء والمياه، وفق “أسوشييتد برس”.
وتقول جماعات الإغاثة، إن جيش الاحتلال الإسرائيلي يرفض في كثير من الأحيان طلباتها للوصول إلى شمال غزة، وحتى عندما يمنحها ذلك، لا يتم توفير سوى القليل من الحماية.
وكانت الرحلة من جنوب رفح إلى مدينة غزة في الشمال تستغرق حوالي 45 دقيقة. ويستغرق الأمر الآن عدة ساعات بسبب استمرار القصف الاسرائيلي، والطرق التي تضررت أو أغلقت من قبل الجيش.
وتؤكد منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” تفاقم البؤس في جميع أنحاء قطاع غزة.
وقالت المنظمة، في تقرير، إن 90% من الأطفال دون سن الثانية و95% من النساء الحوامل والمرضعات يواجهون فقراً غذائياً حاداً، ما يعني أنهم استهلكوا مجموعتين غذائيتين أو أقل في اليوم السابق، والطعام الذي يمكنهم الحصول عليه هو ذو قيمة غذائية منخفضة للغاية. وتتأثر نسبة مماثلة بالأمراض المعدية، إذ يعاني 70% من الإسهال في الأسبوعين الماضيين.
ويفتقر أكثر من 80% من المنازل إلى المياه النظيفة والآمنة، إذ تحصل الأسرة المتوسطة على لتر واحد للشخص الواحد يومياً، وفقاً للتقرير.
وفي مدينة رفح الواقعة في أقصى جنوب غزة، حيث تدخل معظم المساعدات الإنسانية، يبلغ معدل سوء التغذية الحاد 5%، مقارنة بنحو 15% في شمال غزة، الذي عزله الجيش الاسرائيلي، وانقطعت عنه المساعدات إلى حد كبير لعدة أشهر.
انفجار في حالات وفاة الأطفال
وقال تيد شيبان، مسؤول المنظمة، في بيان: “قطاع غزة على وشك أن يشهد انفجاراً في حالات الوفاة للأطفال التي يمكن تجنبها، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم مستوى وفيات الأطفال الذي يصعب تحمله بالفعل في غزة”.
وأضاف: “حذرنا منذ أسابيع من أن قطاع غزة على شفا أزمة تغذية. إذا لم ينته النزاع الآن، فإن تغذية الأطفال ستواصل الانخفاض، ما يؤدي إلى حدوث حالات وفاة يمكن الوقاية منها أو مشكلات صحية تؤثر على أطفال غزة لبقية حياتهم وستكون لها عواقب محتملة بين الأجيال”.
وحذر تقرير لهيئة الأمم المتحدة، في ديسمبر، من أن جميع سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون فلسطيني يعانون من أزمة غذاء، ويواجه ربع السكان المجاعة.
تقليص دخول الشاحنات
وفي السياق، أكد المتحدث باسم هيئة المعابر والحدود في قطاع غزة، هشام عدوان، حدوث تقليص كبير في عدد شاحنات المساعدات التي تدخل إلى قطاع غزة، خلال الفترة الأخيرة.
وقال عدوان في حديثه مع وكالة أنباء العالم العربي (AWP)، الثلاثاء: “في بعض الأيام تدخل فقط 4 شاحنات مساعدات واليوم دخلت 13 شاحنة عبر معبر كرم أبو سالم ومن معبر رفح دخلت فقط 4 شاحنات من الوقود، بينما سابقاً كان يدخل ما بين 100- 130 شاحنة”.
وأضاف عدوان: “هناك تقليص لعدد الشاحنات بشكل ملحوظ مما يزيد من صعوبة الوضع الإنساني في قطاع غزة وحجة التقليص مظاهرات الإسرائيليين قرب معبر كرم أبو سالم لمنع دخولها”.
وتابع: “نوعية المساعدات لم تتغير فهي تقتصر على المعلبات واللحوم المعلبة والبطانيات والخيام وبعض مواد التنظيف وبعض الأدوية والمستلزمات الطبية.. و70% من الأدوية التي تدخل القطاع ليس بحاجة لها مثل أدوية كورونا، والقطاع الطبي ليس بحاجة لها في هذا الوقت.