المحافظون يهزمون أولاف شولتز وحزبه في الانتخابات الألمانية

فاز المحافظون بزعامة فريدريش ميرز (رئيس الائتلاف، رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي)، في الانتخابات الألمانية، متقدمين بفارق كبير على الأحزاب المنافسة، لكن بفارق أقل من نسبة 30% من الأصوات، التي توقعوها.

واعترف المستشار الألماني وزعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي أولاف شولتز بـ”الهزيمة” في الانتخابات العامة التي شهدتها ألمانيا، الأحد، وهنأ منافسه المحافظ زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي CDU (يمين الوسط) فريدريش ميرز، الذي شدد بدوره على ضرورة أن “تصبح ألمانيا حاضرة في أوروبا مجدداً”.

وكشفت التقديرات الأولية غير الرسمية تقدماً ملحوظاً للاتحاد المسيحي في انتخابات البرلمان الألماني، التي جرت الأحد، وتلاه حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني الشعبوي متقدماً على الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر، ويليه حزب اليسار.

وأشارت التوقعات، التي نشرتها قناة ZDF التلفزيونية الحكومية إلى أن تكتل المعارضة (تيار يمين الوسط) الذي يضم حزبي الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي فاز في الانتخابات بعد حصوله على 28.7% من الأصوات، وتلاه “البديل من أجل ألمانيا” بنحو 19.8%.

شولتز يتحمل نتيجة الهزيمة

وقال شولتز في أول رد فعل له: “هذه نتيجة انتخابية سيئة ومريرة للحزب.. وأتحمل نتيجة الهزيمة أيضاً”، وذلك دون التعليق على مستقبله السياسي. كما ذكر في تصريحات موجهة إلى ميرز: “تهانينا على نتيجة الانتخابات”.

وشدد شولتز على أنه لن يشارك في مفاوضات ائتلافية مع الكتلة المحافظة إذا وجه فريدريك ميرز الدعوة إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي.

وقال في حلقة نقاش بعد الانتخابات بثتها محطات البث العامة: “لن أكون ممثلاً للحزب الاشتراكي الديمقراطي في حكومة فيدرالية يقودها حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، ولن أتفاوض على ذلك”.

“العالم الخارجي لن ينتظرنا”

في المقابل، نقلت الإذاعة الألمانية Deutsche Welle عن زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، قوله إنه يريد تشكيل حكومة “في أسرع وقت ممكن” في ظل التحديات الدولية الحالية.

وأضاف ميرز: “العالم الخارجي لن ينتظرنا، ولن ينتظر مفاوضات ائتلافية مطولة.. يتعين علينا أن نصبح جاهزين للعمل بسرعة مرة أخرى للقيام بما هو ضروري على الصعيد الداخلي، لكي نصبح حاضرين في أوروبا مجدداً”.

وقال ميرز إن أولويته القصوى هي العمل من أجل الوحدة في أوروبا لمواجهة أي تدخل من جانب الولايات المتحدة أو روسيا.

وذكر زعيم المحافظين الألمان لقناة ZDF وهيئة الإذاعة والتلفزيون الألمانية (ARD) أنه ليس لديه أي أوهام بشأن التحديات في العلاقة مع الولايات المتحدة.

وأضاف: “في نهاية المطاف، لم تكن تدخلات واشنطن أقل حدة وفظاعة من التدخلات التي رأيناها من موسكو”، في إشارة إلى الدعم الذي قدمه الملياردير الأميركي إيلون ماسك لليمين المتطرف في ألمانيا خلال الانتخابات.

ليبرالي يدعم أوكرانيا

وميرز (69 عاماً) ليبرالي اقتصادي نجح في تحويل المحافظين إلى تيار اليمين، ويأتي على النقيض تماماً من المستشارة المحافظة السابقة أنجيلا ميركل التي قادت ألمانيا لمدة 16 عاماً.

كما يدعم ميرز بشكل مشروط تزويد أوكرانيا بصواريخ “توروس” بعيدة المدى، وهي خطوة ابتعدت عنها حكومة شولتز، ويرى أن أوروبا لديها أساس راسخ في حلف شمال الأطلسي (الناتو).

تقدم حزب البديل من أجل ألمانيا

بدورها، أشادت زعيمة حزب “البديل من أجل ألمانيا” (اليميني المتطرف) أليس فايدل بـ”النتيجة التاريخية” التي حقّقها حزبها في الانتخابات التشريعية.

وقالت فايدل، بمقر حزبها (المناهض للهجرة) في برلين بعدما حصل الحزب على ضعف ما حصل عليه قبل 4 سنوات: “لقد حققنا نتيجة تاريخية”، مضيفة أن الحزب أصبح الآن “راسخاً بقوة” في المشهد السياسي، وفق الإذاعة الألمانية.

وأضافت أمام حشد من المؤيدين: “لا تزال أيادينا ممدودة لتشكيل حكومة”، وتابعت: “في المرة المقبلة سنحتل المركز الأول”.

وترفض جميع الأحزاب الرئيسية العمل مع حزب “البديل من أجل ألمانيا” الذي يعتبر نتيجة اليوم مجرد بداية فقط.

وكانت استطلاعات الرأي أظهرت تقدم حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي بشكل واضح، وتوقعت أيضاً أن يصبح ميرتس مستشار ألمانيا القادم، لكن بأدنى نتيجة على الإطلاق.

الحزب المسيحي الاجتماعي يرفض التحالف مع الخضر

وأكد زعيم الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري، ماركوس زودر، رفضه القاطع للدخول في أي ائتلاف مع حزب الخضر بعد انتخابات البرلمان الألماني.

ويشكل حزب زودر مع شقيقه الأكبر “الحزب المسيحي الديمقراطي” ما يعرف بـ”الاتحاد المسيحي” الذي أفادت التقديرات الأولية لنتائج انتخابات البرلمان الألماني بأنه حصل على أعلى نسبة من أصوات الناخبين.

وفي رسالة عبر الفيديو للحفل الانتخابي الذي أقامه حزبه في العاصمة البافارية ميونخ، قال زودر من مقر  الحزب المسيحي الديمقراطي في برلين إنه يبدو أن الاتحاد المسيحي يكفيه التحالف مع شريك أو ربما شريكين لتشكيل الائتلاف الحاكم، وأردف أن “الشيء الواضح نسبياً هو أن هذا الأمر سيتم بدون الخضر”.

وبحسب الإذاعة الألمانية، أضاف زودر الذي يشغل أيضاً منصب رئيس حكومة ولاية بافاريا: “بمقدوري أن أقول لكم مرة أخرى إننا متمسكون بموقفنا.. نحن على قناعة راسخة بأنه بعد هذه الانتخابات، ومع قدوم حكومة جديدة ومستشار جديد هو فريدريش ميرز، لم تعد هناك حاجة إلى كتلة حاكمة من الخضر، فهؤلاء ينبغي أن ينتقلوا إلى صفوف المعارضة”.

الخضر مستعدون للائتلاف

من جانبه، أعلن حزب الخضر الألماني استعداده للدخول في ائتلاف حاكم مع الاتحاد المسيحي والحزب الاشتراكي الديمقراطي.

وفي تصريحات للقناة الثانية بالتلفزيون الألماني “ZDF”، قال مرشح حزب الخضر لمنصب المستشار، روبرت هابيك، مساء الأحد:” بالطبع نحن مستعدون لذلك.. نحن مستعدون دائما لتحمل المسؤولية.”

وأضاف هابيك، الذي يشغل حالياً منصب وزير الاقتصاد ونائب المستشار أولاف شولتز، أن قرار إشراك الخضر في تشكيل الحكومة متروك لزعيم الاتحاد المسيحي فريدريش ميرتس، “لكنني بصراحة لا أتوقع هذا”، مشيراً إلى أن الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري أعرب مراراً عن رفضه للتعاون مع حزب الخضر.

وقال هابيك: “لا أعتقد أن ميرتس يمكنه أن يفرض هذا عليهم”، كما لفت إلى أن الحزب البافاري حقق نتيجة قوية، على عكس الحزب المسيحي الذي لم يحقق نتائج بنفس القوة، وتابع: “عندما أنظر إلى الأمر من بعيد، يبدو أن موازين القوى قد تغيرت بشكل قوي على حساب ميرز”.

محادثات ائتلافية

ويتجه ميرز نحو محادثات ائتلافية من المرجح أن تستغرق وقتاً طويلاً دون وجود طرف قوي في المفاوضات.

وعلى الرغم من أن تكتل المحافظين برز باعتباره التكتل الأكبر، فقد سجل ثاني أسوأ نتائجه في حقبة ما ​​بعد الحرب، لكن لا يزال من غير الواضح ما إذا كان ميرز سيحتاج إلى شريك واحد أو اثنين لتشكيل الأغلبية، إذ لا يزال مصير الأحزاب الأصغر حجماً مجهولاً، وهو ما قد يؤدي إلى خلط الحسابات البرلمانية.

ومن المرجح أن يكون الائتلاف الثلاثي أكثر صعوبة فيما يتعلق بالإدارة، مما يعوق قدرة ألمانيا على إظهار قيادة واضحة، وقد تؤدي محادثات مستفيضة بشأن تشكيل ائتلاف حكومي إلى تولي شولتز تصريف الأعمال لشهور، ما يؤخر سياسات تشتد الحاجة إليها لإنعاش الاقتصاد الألماني بعد تسجيله انكماشاً لعامين متتاليين ومع تكبد الشركات صعاباً في مواجهة منافسين دوليين.

ومن شأن بقاء السلطة في أيدي حكومة تصريف أعمال لشهور أن يخلق فراغاً قيادياً في قلب القارة، بينما تواجه مجموعة من التحديات، مثل تهديدات ترمب بإشعال حرب تجارية ومحاولاته التعجيل باتفاق لوقف إطلاق النار في أوكرانيا دون تدخل أوروبي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى