المحامون الأتراك يواصلون التصدي لوصاية أردوغان على نقاباتهم
يخوض رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان معركة الهيمنة الشاملة على مفاصل النظام التركي، وكانت أحدث ممارساته قد طالت المحامين الأتراك ونقاباتهم المختلفة عبر تشريع قانون جديد يقضي بإنشاء نقابات بديلة للمحاميين بخلاف النقابات الـ81 الموجودة بالبلاد، وهو الأمر الذي أنتقده محامون واعتبروه ضربة جديدة ومسماراً أخيراً في نعش الدولة الدستورية التركية.
يواصل محامون أتراك، أعضاء في نقابة المحامين احتجاجاتهم الرمزية أمام البرلمان التركي بعد موافقة “لجنة العدل” داخل البرلمان على مواد قانون يطرح تعديلات على آلية عمل نقابتهم ونظامها الداخلي، تمهيداً لإقرارها لاحقاً ضمن قانونٍ سيوقع عليه رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان قبل نشره في الجريدة الرسمية، ليدخل حيز التنفيذ.
وعبّر المحامي مسعود أوزَر، وهو عضو في نقابة المحامين التركية في فرعها الرئيسي بالعاصمة أنقرة، عن رفضه لتعدد نقابته المهنية من خلال التعديلات التي يطرحها كل من حزبَي “العدالة والتنمية” الحاكم الذي يتزعّمه أردوغان، و”الحركة القومية” اليميني المتطرّف.
وقال أوزَر، وهو محامٍ معروف يتولى مهمة الدفاع عن الزعيم الكردي المعتقل صلاح الدين دميرتاش، إن “الهدف الرئيسي وراء هذه التعديلات هو إحداث شق في صفوف المحامين من خلال السماح بتعدد نقابتهم عبر افتتاحٍ أكثر من فرعٍ لها في كبرى مدن تركيا التي تتواجد فيها بالأصل مكاتب رئيسية للنقابة وممثليها”.
وأضاف، أن “هذه التعديلات ستسمح بإنشاء نقاباتٍ رديفة داخل نقاباتنا الحالية لتؤيد الحزب الحاكم وحليفه، وهو ما نرفضه بشكلٍ مطلق، لذلك نواصل احتجاجاتنا أمام أبواب البرلمان اليوم وسنستمر في هذا الأمر حتى ولو أقرّت كل تلك التعديلات ضمن قانونٍ جديد”.
وتابع أنه “من المتوقع أن تخضع هذه التعديلات للنقاش يوم الخميس القادم، ليتمّ التصويت عليها بداية الأسبوع المقبل، ولا نستبعد إقرارها رسمياً بعد ذلك، خاصة أن حزب أردوغان والحركة القومية يتمتعان بأغلبية برلمانية”.
كما أشار إلى أن “حزب المعارضة الرئيسي سيتوجه للاعتراض لدى المحكمة الدستورية العليا في حال أقرّ البرلمان التعديلات المطروحة على عمل نقابتنا التي تضم أكثر من 127 ألف محامٍ”، موضحاً أن “المحكمة الدستورية قد تلغي هذا القانون أو قد تمنع دخوله حيّز التنفيذ لبعض الوقت إذا ما حوّلته مجدداً إلى البرلمان لإجراء تعديلاتٍ عليه في غضون مدّة تتراوح بين 6 أشهر وسنة”.
ومن جهته، أكد عمر أوجلان، النائب في البرلمان التركي عن حزب “الشعوب الديمقراطي” أن “التعديلات الحالية المتعلقة بآلية عمل نقابة المحامين، تتكون من 27 مادة ويجب أن يناقشها كل النواب البالغ عددهم 600، حتى يتم التصويت عليها، لتتحول بعد ذلك لنصٍ قانوني جديد في البلاد”.
وأضاف، “لا تحتاج هذه المواد الكثير من الجلسات لمناقشتها نتيجة قلّة عددها”، لافتاً إلى أن “أولى جلسات النقاش تبدأ يوم الخميس المقبل ولن تستمر لأكثر من أسبوع”.
ويرفض كل من حزبَي المعارضة الرئيسي “الشعب الجمهوري” و”الشعوب الديمقراطي” (المؤيد للأكراد) هذه التعديلات التي من شأنها أن تفرض “وصاية حكومية” على نقابة المحامين وفروعها في كبرى المدن التركية مثل أنقرة واسطنبول وإزمير، لا سيما أن التعديلات تقضي بإنشاء أكثر من نقابة في الولايات التي يزيد فيها عدد المحامين عن 5 آلاف.
ويوم أمس الاثنين، وافقت “لجنة العدل” داخل البرلمان التركي على مواد القانون الذي طرحه الحزب الحاكم وحليفه تمهيداً لإقراره الأسبوع المقبل، رغم رفضها من قبل 63 من أصل 79 رئيساً لفروع نقابة المحامين المنتشرة في عموم البلاد.
ومن أبرز هذه البنود، السماح لألفي محامٍ يمارسون المهنة في ولاية وحدة جمع تواقيع لإنشاء نقابة جديدة، وتكليف مجلس مؤسسين يضم 4 أشخاص للمضي بإجراءات التأسيس خلال 6 أشهر من توقيع المحامين.
وتُمثل كل نقابة فرعية في نقابة المحامين المركزية في أنقرة (تجمع لـ 79 نقابة فرعية في تركيا) بثلاثة مندوبين ورئيس النقابة، بالإضافة إلى مندوب إضافي لكل 5 آلاف محامٍ.
الأوبزرفر العربي