المحكمة الأوروبية تجدد ادانتها للنظام التركي بسبب انتهاكات حقوق الانسان
دانت اليوم الثلاثاء، المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان مجددا النظام التركي بسبب انتهاكه لحقوق صحافيين اثنين قيد الحجز الاحتياطي بعدما نشرا رسائل بريد الكتروني لصهر أردوغان الوزير السابق بيرات البيرق، كانت قد ظهرت في 2016 على موقع ويكيليكس.
وتصدر المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بانتظام أنقرة بسبب انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبت بشكل خاص بعد محاولة الانقلاب في يوليو 2016 والتي أعقبتها حملة تطهير كبرى في صفوف الجيش والقضاء والإعلام والمنظمات غير الحكومية، وبات عدد القضايا المرفوعة ضدّ الحكومة التركية يُقدّر بالمئات.
وخلصت المحكمة إلى انتهاك “حرية التعبير وحرية الصحافة” و “الحرية والحقوق الأمنية” للمُعتقلين.
وقالت المحكمة، أعلى هيئة قضائية لدى مجلس أوروبا، إن “وضع أصوات منتقدة قيد الحجز الاحتياطي يؤدي الى آثار سلبية متعددة، للأشخاص الموقوفين وللمجتمع بأسره”.
وأضافت أن “فرض إجراء يؤدي الى الحرمان من الحرية كما كان الوضع في هذه الحالة، له تأثير كبير على حرية التعبير عبر ترهيب المجتمع المدني وإسكات الأصوات المعارضة”.
الصحافيان تونكا إيلكر أوغريتن وماهر قنات
اعتقل الصحافيان تونكا إيلكر أوغريتن وماهر قنات المعروفان بآرائهما المنتقدة لسياسات الحكومة التركية من ديسمبر 2016 حتى ديسمبر 2017 “لانتمائهما إلى منظمة إرهابية مسلحة”.
واتهمتهما السلطات التركية “بتحميل البريد الإلكتروني للوزير المعني” بيرات البيرق، صهر رئيس النظام التركي. تم نشر رسائل البريد الإلكتروني الشخصية هذه التي تمت قرصنتها عام 2016 من قبل مجموعة تسمى “ريد هاك” على موقع ويكيليكس.
واعتبر قضاة المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بالإجماع أن أنقرة انتهكت في الوقت نفسه “الحق في الحرية وأمن الصحافيين اللذين لم يكن اعتقالهما يستند الى أسباب معقولة للاشتباه في ارتكابهما مخالفة” وحريتهما في التعبير التي حرما منها “بسبب أنشطتهما الصحافية”.
من جانب آخر، دانت المحكمة تركيا لحرمانهما ومحاميهما من “الوصول إلى الملف بدون مبرر مقبول”.
حكم على أنقرة بدفع 5750 يورو لأحد الصحافيين عن الضرر المادي و14 ألف يورو لكل منهما عن الضرر المعنوي و2250 يورو لكل منهما أيضا عن التكاليف والنفقات.
الملفات الخلافية الكبرى مع الاتحاد الأوروبي
وانتهاك حقوق الإنسان وقمع الحريات من ضمن الملفات الخلافية الكبرى مع الاتحاد الأوروبي، لكن أردوغان تعهد مؤخرا بتعزيز الحريات وتحسين وضع حقوق الإنسان في بلاده ضمن خطة إصلاحات سياسية وقضائية واجتماعية واقتصادية.
وشككت المعارضة التركية في صدقية خطته، معتبرة أنها للاستهلاك الإعلامي وأن الممارسات على الأرض تؤكد زيف الوعود قبل الاستحقاق الانتخابي 2023.
كانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، قد أدانت تركيا مطلع مايو الحالي في قضيتين منفصلتين، لانتهاكها حرية تعبير صحافية ونائبة في البرلمان، وذلك في خضم حملة ضغط غربية لكبح انتهاكات أنقرة للحريات.
واعتبر قضاة الهيئة القضائية لمجلس أوروبا بالإجماع في القضية الأولى وبالأغلبية في القضية الثانية، أن تركيا انتهكت المادة 10 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان التي تكفل حرية التعبير.
ويتعلق الالتماس الأول الذي قدمته بانو جوفين وهي صحافية شهيرة في تركيا، بأمر قضائي مؤقت “يحظر بث ونشر في جميع وسائل التواصل معلومات تتعلق بتحقيق برلماني في مزاعم فساد موجهة ضدّ أربعة وزراء سابقين” في 2013.
واعتبرت المحكمة أن هذا القرار “كان له تداعيات كبيرة على ممارسة المدعية لحقها في حرية التعبير حول موضوع الساعة”.
وفي القضية الثانية، غُرمت تركيا بدفع 5 آلاف يورو كتعويض عن الأضرار المعنوية و4 آلاف يورو كتكاليف ونفقات للنائبة عن حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد، فيليز كيريستجيوغلو دمير التي رُفعت عنها الحصانة البرلمانية في عام 2016 في إطار الإصلاح الدستوري.
ولا تزال النائبة ملاحقة قضائيا في تركيا بسبب مشاركتها في فبراير 2016 في اجتماع سياسي رددت فيه هتافات اعتبرتها الشرطة “استفزازية”.
وتقول مصادر أوروبية ومعارضون أتراك إنّ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان استثمر محاولة الانقلاب الفاشل لجهة تصفية خصومه السياسيين وتطهير مؤسسات الدولة من معارضيه وتذرع بقانون الطوارئ وقانون مكافحة الإرهاب لشن أسوأ حملة قمع على الإطلاق، بينما كان يعبد الطريق لحكم فردي استبدادي على إثر تعديلات دستورية سابقة أتاحت تغيير النظام السياسي من برلماني إلى رئاسي بصلاحيات تنفيذية واسعة.