المدّعي العام الإسرائيلي يقرر اتهام نتنياهو بالفساد والرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة
أصبح بنيامين نتنياهو الخميس أوّل رئيس للحكومة في تاريخ إسرائيل يُتّهم بالفساد خلال فترة حكمه، وهي الأطول لرئيس وزراء منذ قيام الدولة، مع توجيه المدّعي العام لائحة اتّهام تتضمّن جرائم الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة في ثلاث قضايا.
على الأثر، أعلن نتنياهو أنّه باق في منصبه، معتبرًا أنّ الاتّهامات الموجّهة إليه “مفبركة” وذات “خلفيّة سياسيّة”، واصفًا ما حدث بأنّه “انقلاب”.
غير أنّ منافسه الوسطي بني غانتس ردّ عليه قائلًا “ليس هناك انقلاب في إسرائيل”، متّهمًا إيّاه بـ”التشبّث بالسلطة”، وداعيًا إيّاه الى “الاستقالة”.
يأتي ذلك بعد ساعات من تكليف الرئيس الإسرائيلي البرلمان باختيار رئيس للحكومة، إثر فشل نتنياهو وغانتس، كلّ على حدة، في تشكيل حكومة تحظى بغالبيّة في الكنيست.
وأفاد بيان لوزارة العدل “أنّ المدّعي العام قرّر تقديم لائحة اتّهام (لنتنياهو) في ثلاث قضايا عن جرائم الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة، وذلك أثناء تولّيه منصب رئيس الوزراء”.
ويتولّى نتنياهو رئاسة الوزراء منذ 2009، ويُحتمل أن تُنهي هذه الملفّات حياته السياسيّة.
لكنّ نتانياهو كرّر الخميس أنّه “مستمرّ في قيادة الدولة على الرغم من لائحة الاتّهام” الرسميّة، قائلاً في خطاب متلفز “إنّ التهم الموجّهة إليّ دوافعها سياسيّة”.
وبدأ كلامه بالقول “أنا ملزم بأن أقول لكم إنّه يوم صعب جدّاً… إنّه انقلاب سياسي على رئيس الوزراء باتّهامات مفبركة وتحقيقات ملوّثة ومغرضة”.
وهاجم نتنياهو النيابة العامّة قائلاً “إنّ المحقّقين تعاملوا معي كأنّهم يتعاملون مع عالم الجريمة”. وتابع “حان الوقت للتحقيق مع المحققين والنيابة”.
ولا يُلزم القانون نتنياهو بالاستقالة، لكنّه سيصبح في هذه الحالة أوّل رئيس حكومة في تاريخ الدولة العبريّة يُواجه دعوى من هذا النوع. ويتمتّع نتانياهو بالحصانة كونه نائبًا في الكنيست.
غير أنّه سيضطرّ إلى الاستقالة إذا أدين واستنفد كلّ وسائل الطعن في نهاية المطاف، وهو أمر يمكن أن يستغرق سنوات.
وقال المدّعي العام أفيخاي مندلبليت “إنّه يوم حزين وصعب للشعب الإسرائيلي، ويوم حزين لي شخصياً”.
وبدأ مندلبليت بتفصيل التُهم، مضيفاً “إنّ سلطة القانون وتطبيقه لا تعرف اليمين أو اليسار، وهذا التزامي تجاه الدولة”.
إضافة إلى ذلك، ووفقًا للمادّة 4 من قانون حصانة الكنيست، تمّ تقديم نسخة من لائحة الاتّهام إلى رئيس الكنيست، لتمكين رئيس الوزراء من إخطار الكنيست بما إذا كان يرغب في طلب الحصانة من المقاضاة الجنائية.
وقال مندلبليت إنّه ليس بمقدور نتنياهو تولّي “وزارات الصحّة والزراعة والشتات والرّفاه الاجتماعي التي يتولاها حاليًا”.
ويُجبر القانون أيّ وزير على الاستقالة في حال توجيه اتّهام إليه.
من جهته، قال غانتس بعد اتّهام نتانياهو، إنّ “هذا يوم حزين جدّاً لدولة إسرائيل”.
وكان رئيس الدولة رؤوفين ريفلين طلب ظهر الخميس من الكنيست ترشيح نائب قادر على تشكيل حكومة لتجنّب إجراء انتخابات ثالثة خلال عام واحد.
وأكّد الرئيس الإسرائيلي أنّها “المرّة الأولى في تاريخ إسرائيل” التي لا يتمكّن فيها أيّ مرشّح من تشكيل حكومة، بينما لخّصت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الوضع قائلةً “ماذا يجري الآن؟ لا أحد يعرف فعليًا لأنّه لم يحدث من قبل إطلاقًا”.
وقال ريفلين غداة إقرار غانتس بعدم تمكّنه من تشكيل حكومة، “اعتبارًا من الخميس، ولمدّة 21 يومًا، سيكون قرار من سيتولّى مهمّة تشكيل الحكومة في أيدي أعضاء الكنيست”.
يشهد الوضع السياسي في إسرائيل جمودًا منذ أواخر 2018 بعدما جرت انتخابات لمرّتين لم تكُن فيها النتائج حاسمة.
وبحسب القانون، إذا فشل كلّ من نتانياهو وغانتس في تشكيل حكومة، يطلب رئيس الدولة من الكنيست ترشيح نائب يكون قادرًا على تأدية هذه المهمّة. ويُمهل البرلمان الإسرائيلي 21 يومًا لترشيح الشخصيّة الملائمة. وستكون أمام مرشّح الكنيست فترة أسبوعين لتشكيل حكومة.
وحقّق حزب الليكود اليميني بزعامة نتانياهو والتحالف الوسطي “أزرق أبيض” بقيادة غانتس نتائج متقاربة في انتخابات أيلول/سبتمبر، لكنّ أيّاً منهما لم ينجح في الحصول على غالبية 61 مقعداً اللازمة لتشكيل ائتلاف حكومي.
وكلّف ريفلين نتانياهو مهمّة تشكيل ائتلاف حكومي وحدّد مهلة 28 يومًا. لكنّ الأخير فشل، فانتقلت المهمّة إلى غانتس الذي مُنح مدّة مماثلة انتهت الأربعاء وفشل أيضًا.
وإذا لم يتمكّن أيّ مرشّح من الحصول على الدعم اللازم من الكنيست بحلول 11 كانون الأول/ديسمبر، تُجرى انتخابات في آذار/مارس 2020 تكون الثالثة خلال 12 شهرًا.
أكّد ريفلين في البرلمان أنّ “إسرائيل تمرّ بفترة قاتمة من تاريخها”، داعيًا أعضاء الكنيست إلى التحرّك “بمسؤوليّة” لتجنّب تنظيم انتخابات ثالثة.