المرتزقة في أوكرانيا “حشد الإرهاب” الذي يهدد أوروبا
في أواخر شهر فبراير، دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، لتشكيل “فرقة دولية” من المتطوعين (المرتزقة) للمساعدة في صد العملية العسكرية الروسية، وساندته في الدعوة عدد من الدول الغربية التي أعلنت تزويد أوكرانيا بالسلاح وتسهيل عمليات نقل المتطوعين.
وطالب زيلينسكي الأجانب الراغبين في الالتحاق بالمعركة، للتواصل مع سفارات أوكرانيا في بلدانهم.
وساق زيلينسكي، حينها مبرراته في هذه الدعوة بأن هذه الفرقة ستكون من أجل ما وصفه بأنه “مواجهة الاحتلال الروسي، وحماية أمن أوروبا، والدفاع عن الديمقراطية والحرية”.
ونشرت تقارير إعلامية غربية عن مسؤولين أوكرانيين قولهم إن هناك 20 ألف مقاتل أجنبي ينحدرون بشكل أساسي من دول أوروبية أبدوا الاستعداد للتطوع في قتال روسيا.
أوروبا تنتظر الأصعب
وأجمع مراقبون أن “نشر المقاتلين والمرتزقة هو أحدث تحد يواجه الأمن الأوروبي في لعبة الشطرنج في الحرب الحالية التي من المتوقع أن تمتد لأشهر قبل حسمها”.
واتفق الخبراء على أن “وجود مقاتلين أجانب هذه المرة من وإلى الداخل الأوروبي سيكون له تبعات على مستوى الحرب الروسية الأوكرانية، إذ سيسرع من وتيرة المفاوضات لكنه في الوقت نفسه لن يحول بين أوروبا والأصعب الذي ينتظرها”.
ورغم أنه لا يعرف على وجه الدقة أعداد المقاتلين الفعلية التي وصلت للأراضي الأوكرانية، حيث شكك مراقبون في العدد الذي أعلنه الرئيس الأوكراني وهو ١٦ ألف مقاتل، لكن من المؤكد أن عملية التدفق مستمرة، وأن الأعداد قد تتجاوز هذا الرقم بمرور الوقت.
وما يعزز ذلك سماح دول عدة من بينها بريطانيا والدنمارك لمواطنيها بالتطوع في أوكرانيا.
تحويل أوكرانيا مركزاً للإرهابيين
نبيل رشوان، المحلل السياسي في الشؤون الروسية، يقول: إن “القوات الروسية لم تتمكن من تحقيق أهدافها في مدى قصير بحيث العملية العسكرية لا تستقطب مقاتلين أجانب بل حدث العكس”.
وحول جنسيات هؤلاء المقاتلين، أوضح رشوان أن “بعضهم من الولايات المتحدة ومن بريطانيا وكرواتيا وألبانيا حتى بيلاروسيا المعارضة ترسل بدورها مقاتلين”.
وتوقع المحلل السياسي استمرار تدفق المقاتلين خاصة أن عدد منهم دخل بالفعل، مع التسهيلات التي قدمتها السلطات الأوكرانية لهم من إعفاء من تأشيرة الدخول.
وأردف: “أتوقع أيضا تسارع وتيرة المفاوضات وربما محاولة إيجاد حل عبر وقف إطلاق النار، حتى لا تتفاقم أزمة الإرهابيين الذين من ممكن أن يتغلغلوا ويزيد عددهم في أوكرانيا، ويتحول الأمر إلى مستنقع طويل وخسائر ويكون أشبه بحرب استنزاف”.
بدوره، طرح مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية مجموعة من التساؤلات حول مقاتلي أوكرانيا منها، قائلا: “هل دخلت هذه الأعداد التي أعلن عنها الرئيس الأوكراني فعلا؟ هل هؤلاء المتطوعين مسلحين؟ وما هي انتماءاتهم؟ وهل سيكون هناك جنسيات من أوروبا الشرقية مثل بولندا ورومانيا وبلغاريا؟”
ويتبنى غباشي، في حديثه وجهة النظر التي تقول إن تحويل أوكرانيا لمركز تجميع مقاتلين وإرهابيين أمر تُسأل عنه دول أوروبا التي فتحت الباب للتطوع في أوكرانيا.
هذا السماح، وفق غباشي، محط جدل لأن أوروبا نفسها ستواجه فيما بعد بمصير هؤلاء المقاتلين، لاسيما أن تصديرهم هو بمثابة تصعيد مخيف من الدول التي سمحت لهم بذلك.
وقبل أيام وجهت وزارة الدفاع الروسية رسالة للمقاتلين الأجانب في أوكرانيا بأنهم لن يكون لهم الحق في معاملتهم كأسرى حرب.
وهذا الاستثناء يعني وضع أنه لن يتم إطلاق سراحهم بمجرد وقف إطلاق النار، وستجري عملية محاكمتهم وفق القانون الروسي.
التجربة السورية
نيكولاي سركوف أستاذ مشارك بمعهد موسكو للعلاقات الدولية (حكومي روسي)، اتفق مع رشوان وغباشي فيما ذهب إليه حول خطورة تدفق المقاتلين الأجانب لأوكرانيا.
وقال سركوف، إن “التجربة في سوريا وإرسال المقاتلين الأجانب هناك، أثبتت كيف يجعل هؤلاء المقاتلين والأسلحة التي يستخدمونها النزاعات أكثر وحشية ويصعب من حلها”.
وأضاف: “في رأيى التدخل الغربي بهذه الطريقة لن يؤدي إلا إلى تفاقم الوضع وخسائر لا داعي لها. إلى جانب ذلك، فإنه يعزز المشاعر المعادية بين روسيا والغرب”.
وتشتد رحى الحرب الروسية الأوكرانية التي اندلعت الخميس، 24 فبراير/شباط الماضي، يوما بعد يوم في ظل تمسك طرفي النزاع بموقفهما وسط تزايد أعداد القتلى بين الجانبين.