المعارضة التركية تعتبر إستقالة وزير الداخلية “مسرحية من القصر الحاكم”
استقالة صويلو تكشف صراعات في محيط أردوغان
وصف محرم إينجة، القيادي في حزب الشعب الجمهوري المعارض، الاستقالة التي تقدم بها وزير الداخلية سليمان صويلو، بأنها “مسرحية من القصر الحاكم”.
واستنكر إينجة رفض رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان للإستقالة.
جاء ذلك في تغريدة نشرها إينجة، المرشح الرئاسي السابق، على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي “تويتر” في وقت متأخر الأحد.
وذكر المعارض التركي في تغريدته أن “وزير الداخلية سليمان صويلو قال قبل بدء الحظر، إن هذا القرار جاء بتعليمات رئيس الجمهورية.. ولما تدفق المواطنون على الشوارع قال إن المسؤولية تقع على عاتقه هو شخصيا.. وقدم استقالته.. والآن لم تقبل الاستقالة.. هذا ليس إلا مسرحية من القصر”.
وفي وقت سابق الأحد، أعلن الوزير صويلو استقالته من منصبه بعد غضب شعبي ضد إجراءات العزل العام التي فرضت خلال اليومين الماضيين لاحتواء تفشي الفيروس في البلاد.
وقال صويلو في بيان: “أرجو أن تعذرني أمتي التي لم أرد أن أسبب لها الضرر، أغادر منصب وزير الداخلية الذي كان لي شرف توليه”.
وتسبب قرار حظر التجوال “المفاجئ” الذي اتخذه أردوغان في إطار مكافحة فيروس كورونا، في حالة كبيرة من الفوضى وحوادث عنف في تركيا.
ومساء الجمعة الماضي، أعلنت وزارة الداخلية فرض حظر تجوال كامل مفاجئ لمدة 48 ساعة، على 31 مدينة كبرى، من بداية منتصف ليل الجمعة، وذلك بعد تسارع معدلات تفشي وباء “كوفيد-19” في البلاد، حيث سُجلت نحو 50 ألف إصابة، السبت.
الإعلان المفاجئ عن القرار أدى لتفشي حالة من الذعر والفزع، وهرول المواطنون الأتراك لشراء احتياجاتهم وتخزينها من المحال التجارية والمخابز؛ ما تسبب في زيادة حدة التوتر بين الشعب.
كما شهدت البلاد شجارا عنيفا بين المواطنين الأتراك أمام المحال التجارية، من أجل الحصول على البضائع والسلع قبل بدء موعد الحظر، فتدخلت قوات الشرطة للفصل بينهم.
القرار تسبب في نشوب أزمة بين أعضاء اللجنة العلمية التركية لمكافحة الفيروس والتابعة لوزارة الصحة، حيث استقال عدد من أعضاء اللجنة، لكن وزير الصحة التركية فخر الدين قوجة تدخل وأقنعهم بالتراجع، وفقا للموقع الإلكتروني لصحيفة “يني جاغ” المعارضة، الأحد.
الصحيفة ذاتها ذكرت أن “قرار حظر التجوال المفاجئ، ودون اتخاذ أي استعدادات أزعج أيضا وزير الصحة”.
ولفتت إلى أن أعضاء باللجنة أعربوا عن امتعاضهم من اتخاذ القرار بهذا الشكل، مشيرين إلى أن “ذلك أدى إلى تجمهر المواطنين بالأسواق، والمخابز، ومحطات البنزين، وتقويض ما تحقق من إنجاز في التصدي للفيروس”.
ويرى مراقبون للشأن التركي، أن أردوغان لا يمكنه التخلي عن وزير داخليته في هذا التوقيت الحساس أولا، وثانيا لأن صويلو يعتبر ذراعه اليمنى في قمع المعارضين واعتقال المنتقدين وتكميم الأفواه، ولذلك فإن خسارته أمر لن يسمح به أبدا.
واعتبر المحلل السياسي التركي ورئيس تحرير موقع خبردار سعيد صفا استقالة وزير الداخلية وعودته مرة أخرى من تجليات الصراع بين ما يسمى في تركيا مجموعة البجع / باليكان التابعة لصهر أردوغان برات ألبايراق ووزير الداخلية الذي يتمتع بعلاقات وطيدة مع كل من حزب الحركة القومية وتنظيم أرجنكون / الدولة العميقة، حليفي أردوغان.
وأفاد صفا قبيل رفض أردوغان استقالة الوزير: “مجموعة البجع التابعة لصهر أردوغان برات ألبيراق ينشرون الادعاء القائل بأن وزير الداخلية سليمان صويلو استقال من منصبه بعلم أردوغان؛ في حين تسوق اللجان الإلكترونية ووسائل الإعام التابعة للوزير المزاعم التي تقول بأن أردوغان لم يقبل استقالة الوزير، ليلة غريبة بالفعل!”
بينما توقع الكاتب سعيد صفا أن يعود وزير الداخلية إلى منصبه بشكل أقوى مما سبق لفترة مؤقتة، لكنه رجح أن الصراع بينه وبين أردوغان الذي يديره من خلال صهره سوف يشهد زخمًا جديدًا وسيستمر بشكل علني بعد التطورات الأخيرة.
لذلك، فإن التسلسل المنطقي للأشياء يؤكد أن إعلان الاستقالة من قبل صويلو لم يكن سوى جزء من مسرحية تسقط عنه دور المذنب وتقمصه دور الضحية أو المسؤول “النزيه” الذي لا يتوانى عن التخلي عن منصبه لمجرد شعوره بالمسؤولية عن قرار خاطئ.
وهنا، يضرب صويلو ومن ورائه أردوغان عصفورين بحجر واحد؛ إذ يتحول إلى بطل أمام الرأي العام المحلي ويخمد الانتقادات المنصبة ضده، ويقطع الطريق على المعارضة التي لطالما استهجنت سياسته في قيادة الوزارة، من خلال استعراض “الدعم” الافتراضي الذي حصل عليه عقب إعلان استقالته من عدد من الأتراك.
وهكذا، يتخلص الوزير ورئيسه من كل الانتقادات التي طالت فشلهما في إدارة أزمة كورونا، ويجذبان الأنظار نحو قضايا جانبية مفتعلة بعيدة عن جوهر الحقائق والواقع المؤلم للأتراك بمواجهة الفيروس القاتل.
والأحد، قفزت حصيلة الوفيات بفيروس كورونا في تركيا لتسجل 1198 حالة، حسبما قال وزير الصحة فخر الدين قوجة.
أنقرة- الأوبزرفر العربي