المعارضة التركية متخوفة من إقدام السويد على التضحية بها لقاء الانضمام لحلف الناتو
في خضم مساومات بين تركيا والسويد لقبول انضمام الأخيرة لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، تسود مخاوف لدى العديد من المعارضين لرئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان، من أن يتم التضحية بهم مقابل عدم اعتراض أنقرة على انضمام ستوكهولم إلى حلف الناتو.
ومن بين هؤلاء المعارضين، يشعر صحافي تركي يعيش في منفاه في ستوكهولم بقلق متزايد من إمكانية استخدامه ورقة مساومة بعد أن طلب أردوغان تسليمه بالاسم مقابل موافقته على انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي.
وكان بولنت كينيس رئيس التحرير السابق لصحيفة ‘زمان’، الوحيد الذي ذكره أردوغان بالاسم من ضمن عشرات تطالب أنقرة بتسليمهم مقابل موافقتها على طلب السويد الانضمام إلى الحلف.
وقال كينيس، إنه كان يتناول العشاء مع زوجته وابنه، ويتابع مؤتمرا صحافيا لأردوغان على هاتفه الجوال عندما سمعه يذكر اسمه.
ولدى سؤاله من قبل الصحافيين عن “الإرهابيين” الذين يطالب السويد بتسليمهم، رد أردوغان بأن القائمة تشمل كينيس.
ويقول الصحافي البالغ من العمر 53 عاما “إنه اسمي فقط. لا قائمة بأشخاص آخرين، فقط اسمي”.
وأُدرج كيني على قائمة أنقرة السوداء لتأييده حركة أسسها فتح الله غولن، الداعية الإسلامي المقيم في الولايات المتحدة والمطلوب في تركيا على خلفية انقلاب 2016 الفاشل.
ورغم علم كينيس المسبق بأن أنقرة تطالب بتسليمه، إلا أن سماع اسمه يذكر بهذه الطريقة “جاء مفاجئا بالنسبة لي وشكّل صدمة لزوجتي. لم تتمكن من قول أي شيء لعدة دقائق”.
قوائم غير رسمية
ووقفت أنقرة في طريق انضمام السويد إلى حلف الناتو إذ شكّل تسليم لاجئين أكراد ومعارضين أتراك نقطة خلافية رئيسية. وشددت ستوكهولم مرارا على استقلال قضائها الذي تعود إليه الكلمة الفصل في مسألة تسليم المطلوبين.
وطالت لوائح الأشخاص الذين تطالب تركيا بتسليمهم مرّة تلو أخرى فكانوا 33 وأصبحوا 45 ليرتفع العدد بعد ذلك إلى 73 شخصا، بناء على قوائم غير رسمية تنشرها وسائل إعلام مقرّبة من الحكومة التركية.
ويعتقد كينيس أن أردوغان ذكر اسمه “لأنه يعرفني منذ عقود” نتيجة مسيرته المهنية الطويلة كصحافي وبالتالي كان اسمه الأول الذي خطر في باله مباشرة، مضيفا “التفسير الثاني أكثر تشاؤما وخطورة وهو أنه يكرهني حقا.. وكانت تلك فرصة له للتعبير عن هذه الكراهية مرّة جديدة”.
ويقيم كينيس في السويد منذ العام 2017 حيث حصل على حق اللجوء السياسي. ويتوقع أن تتخّذ المحكمة العليا قرارها بشأن تسليمه قبل نهاية العام.
فضيحة ضخمة ومخالفة للقانون
وردا على سؤال هل يشعر بالقلق، قال “لو أنك طرحت عليّ هذا السؤال قبل ستة أو سبعة أشهر، لقلت لا أشعر بأي قلق.. لكن التقدّم بطلب عضوية الناتو يغيّر قواعد اللعبة ويمثّل تحوّلا جوهريا بالنسبة للسويد.. لذا لست واثقا 100 بالمئة بشأن النتيجة”.
لكنه أكد أنه ما زال “واثقا بالنظام القضائي السويدي وسيادة القانون الذي يحفظ حقوقي”، مشيرا إلى أن تسليمه سيشكّل “فضيحة ضخمة ومخالفة للقانون”.
وهرب كينيس من تركيا عام 2016 بعد أيام على الانقلاب الفاشل الذي حمّلت أنقرة حركة غولن مسؤوليته، مؤكدا أن “لا علاقة لي إطلاقا بالإرهاب ولا العنف. لا علاقة لي إطلاقا بالانقلاب”، مضيفا “أمارس عملي الصحافي ولهذا السبب وحده تعقّبني أردوغان ونظامه ولاحقني قضائيا وطاردني”.
وقال “أحترم ما تقوم به حركة غولن.. إنها في نظري حركة إنسانية”، لكن “كتبت تقريرا يقع في 90 صفحة عن انتقاداتي للحركة”.
ويستذكر كينيس بأنه كان إيجابيا حيال أردوغان وحزبه العدالة والتنمية في أول ولايتين له مطلع الألفية، لكن عام 2011، انتقل وحزبه “من الديمقراطية إلى مناهضة الديمقراطية لبناء نوع من الحكم الاستبدادي القائم على شخص واحد، أولا في تركيا ومن ثم على نطاق أوسع في المنطقة”، وهي المرحلة التي بدأ فيها “ينتقده بشدة”.
خطأ ستوكهولم
وقال “شعروا بأنني خنت قضيتهم”، بينما أثارت مقالات كينيس حفيظة أنقرة مرة تلو أخرى فتراكمت القضايا المرفوعة ضده في المحاكم إلى حد أنه اضطر للاستقالة من منصب رئيس التحرير أواخر العام 2015.
واليوم، يعمل في السويد في “مركز ستوكهولم للحرية” الذي أسسه معارضون آخرون أتراك في المنفى ظهرت أسماؤهم في بعض القوائم التي نشرها الإعلام التركي مثل عبد الله بوزكورت وليفينت كينز.
ويعتقد كينيس أن ستوكهولم أخطأت بإطلاق مفاوضات مباشرة مع تركيا ويرى أنه كان من الأفضل أن تترك قوى في الناتو مثل الولايات المتحدة تقود المحادثات.
وقال “ارتكبت السلطات السويدية خطأ فادحا بالجلوس إلى طاولة المساومة مع طاغية لحماية نفسها من طاغية آخر هو فلاديمير بوتين”.