المغرب: المصادقة على توسيع سلطة المملكة القانونية في المجال البحري للصحراء الغربية
صادق البرلمان المغربي الأربعاء على قانونين يوسعان سلطة المملكة القانونية لتشمل المجال البحري للصحراء الغربية، المستعمرة الإسبانية السابقة التي لا تزال تعاني من وضع سياسي غير محدد.
وأعلن وزير الشؤون الخارجية والتعاون المغربي ناصر بوريطة قبيل المصادقة على النصين، “كان علينا تحيين المنظومة القانونية الوطنية للمجالات البحرية”، مضيفا أن “من شأن هذا التحيين أن يتيح تحديدا دقيقا للمجالات البحرية الواقعة تحت سيادة المملكة المغربية”.
وصوت أعضاء مجلس النواب، الغرفة الأولى للبرلمان المغربي، بالإجماع على هذا القانون، بالإضافة إلى قانون ثان مرفق به ينص على إحداث منطقة اقتصادية خالصة على مسافة 200 ميل بحري عرض الشواطئ المغربية.
وأكد بوريطة في عرضه أمام البرلمان أن تبني هذين القانونين هو “مسألة داخلية سيادية”، لكنه شدد في الوقت نفسه على “انفتاح المغرب واستعداده للحوار والتفاوض مع جيرانه وخاصة اسبانيا لمعالجة أي تداخل في المجالات البحرية للبلدين”.
كما أكد نائبان تحدثا باسم الأغلبية والمعارضة تأييدهما التام للقانونين، ووقف الجميع مصفقين بعد تبنيهما بالإجماع.
ويحدد القانونان المجال البحري الذي يقع تحت السيادة المغربية على واجهتي البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، بما في ذلك مياه سواحل الصحراء الغربية المتنازع عليها، حتى الحدود مع موريتانيا.
وأوضح ناصر بوريطة أن من الأسباب التي أملت هذه الخطوة ضرورة تحيين التشريعات الوطنية لتطابق “السيادة الكاملة للمملكة المغربية في حدودها الحقة البرية والبحرية”، وذلك على اعتبار أن القانون الذي كان يحدد المجال البحري للمغرب اعتمد سنة 1973 أي قبل ضم الصحراء الغربية.
وكانت الاخيرة مستعمرة إسبانيّة تمتدّ على مساحة 266 ألف كيلومتر مربّع، وشهدت نزاعًا مسلّحًا حتّى وقف اطلاق النّار العام 1991 بين المغرب الذي ضمّها في 1975 والجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (بوليساريو) التي تطالب باستقلالها مدعومة من الجزائر.
ويسيطر المغرب على 80 % من الصحراء الغربية مقترحا منحها حكما ذاتيا تحت سيادته، في حين تطالب جبهة بوليساريو باستقلالها. وترعى الأمم المتحدة منذ عقود جهودا لإيجاد حل سياسي متوافق عليه ينهي هذا النزاع.
وقدمت جبهة بوليساريو اعتراضات على اتفاقين مع الاتحاد الأوروبي حول مبادلات تجارية وزراعية وبحرية تشمل منتجات قادمة من الصحراء الغربية، بحسب ما أفاد محامي الجبهة جيل ديفرس وكالة فرانس برس.
من جانب آخر سبق أن أثار تحديد المجالات البحرية توترات بين المغرب واسبانيا، خصوصا بعد عمليات استكشاف حقول نفطية في المنطقة. فسواحل البلدين متجاورة بحيث تفصل أقل من 100 كيلومتر جزر الكناري الاسبانية في المحيط الأطلسي عن السواحل المغربية الجنوبية، ويحق لكلا البلدين المطالبة بمجال بحري يمتد ما بين 200 إلى 350 ميلا.
كما أنهما متجاوران على الواجهة المتوسطية حيث تقع شواطئ المغرب على مرمى حجر من نظيرتها الاسبانية، فضلا عن الحدود مع جيبي سبتة ومليلية الساحليين شمال المغرب.
وأوضح ناصر بوريطة في هذا الصدد أن “المغرب ليس له أية نية في فرض الأمر الواقع الأحادي الجانب، لكنه حريص في الوقت نفسه على حماية حقوقه السيادية ومستعد للحوار البناء على أساس المنفعة المشتركة”.
وتابع “المغرب مستعد بل ويطلب الحوار والتفاوض في إطار حقوقه السيادية، إذا وقع أي تداخل بين المجالات البحرية للبلدين”.
وأعلن، في تصريح للصحافة عقب جلسة التصويت، أنه سيؤكد هذا الأمر لنظيرته الاسبانية أرنشا كونزاليز التي تزور الرباط الجمعة، مشيدا بالعلاقات مع هذا البلد الذي وصفه “بالشريك الاستراتيجي والحليف الموثوق”.
ودعت الحكومة الاسبانية منتصف كانون الأول/ديسمبر المغرب إلى “اتفاق مشترك” حول تحديد الحدود البحرية بين البلدين.
وطالب الإئتلاف الحاكم في جزر الكناري الحكومة المركزية في مدريد مؤخرا بأن تقدم شكوى لدى الأمم المتحدة إثر “قرار المغرب اعتماد تحديد جديد لمجاله البحري”.
وبالموازاة مع تبني هذين القانونين، أطلق المغرب في الآونة الأخيرة مبادرات دبلوماسية لتأكيد سيادته على الصحراء الغربية شملت على الخصوص افتتاح أربع تمثيليات أجنبية لدول إفريقية في مدينتي العيون والداخلة.
وتستعد مدينة العيون في الصحراء الغربية لاستضافة نشاط دبلوماسي آخر في شباط/فبراير يتمثل في الاجتماع الوزاري بين المغرب ودول المحيط الهادىء ال12.
واعتبرت جبهة بوليساريو أن هذه الخطوات “لا تغير شيئا من الوضع القانوني للصحراء الغربية وأن الشعب الصحراوي هو الذي سيقرر مصيره”، بينما نددت بها الجزائر التي تدعم الجبهة.
كما اختار المغرب مدينة العيون لاستضافة بطولة كأس إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة ما بين أواخر كانون الثاني/يناير ومطلع شباط/فبراير، وهي الخطوة التي اعتبرتها بوليساريو “مساسا بالقوانين الدولية” و”نبل الرياضة”. فيما طالبت اللجنة الأولمبية الجزائرية الاتحاد الإفريقي لكرة القدم بتجنب “أية مناورات ذات طبيعة سياسية”.
وفي أيّار/مايو استقال آخر مبعوث أممي في هذه القضية، الرئيس الألماني الاسبق هورست كولر “لأسباب صحية” بعدما تمكن من جمع الطرفين حول طاولة مفاوضات بعد ست سنوات من القطيعة. ولم يعين بعد خلف له.