الناتو يتجه لإعادة صياغة علاقاته مع الولايات المتحدة
أعلن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، إنه “سيوصي بتحديث المفهوم الاستراتيجي للناتو” مؤكدا في الوقت نفسه “ستكون قمتنا في وقت لاحق من هذا العام فرصة فريدة لبدء فصل جديد في العلاقات عبر الأطلسي” على حد قوله.
ويعتزم حلف الناتو لإعادة صياغة علاقاته مع الولايات المتحدة من الانسحاب الأميركي من أفغانستان إلى مسألة التمويل والتوتر مع الحليف التركي، إلا أن دبلوماسيين أوروبيين يحذّرون من أنه ينبغي على الحلف حلّ خلافات كبيرة للتمكن من إعادة بناء نفسه.
وقال ستولتنبرغ “هذا هو أول اجتماع لنا مع إدارة بايدن الجديدة وهو فرصة للتحضير لقمة الناتو في بروكسل في وقت لاحق من هذا العام”.
الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، أوضح الاثنين، أن “هذا الاجتماع الأول مع إدارة بايدن يجب أن يتيح تحضير القمة التي ستُعقد في وقت لاحق من العام”. وتابع “ينبغي علينا إعادة بناء الثقة المفقودة” مضيفاً “هناك الكثير من أعمال الإصلاح التي يتعيّن القيام بها”.
وقال وزير الدفاع الأميركي الجديد لويد أوستن في تغريدة “رسالتي لنظرائي ستكون واضحة: علينا التشاور واتخاذ القرارات معاً والتحرك معاً، أنا مقتنع بأن الولايات المتحدة ستكون أقوى عندما تعمل ضمن فريق”.
ومن المقرر عقد اجتماع لوزراء خارجية الدول الأعضاء مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في 23 و24 آذار/مارس وقد تُعقد القمة قبل نهاية الربع الأول من العام، وفق المصدر نفسه.
ويُرتقب صدور قرارات بسرعة بشأن بعثة “الدعم الحازم” لحلف شمال الأطلسي في أفغانستان.
وينصّ الاتفاق الذي وقّعته إدارة ترامب مع حركة طالبان الإرهابية في شباط/فبراير 2020 على سحب كامل قواتها في الأول من أيار/مايو المقبل.
وأكد ستولتنبرغ أن “أياً من الحلفاء لا يريد البقاء في أفغانستان لفترة أطول من اللازم”، لكن ظروف الانسحاب لم تتوفر.
من جهتها، قالت وزيرة الدفاع الألمانية أنغريت كرامب-كارنباور قبيل بدء الاجتماع “لسنا بعد في وضع يسمح لنا بمناقشة انسحاب القوات الدولية من أفغانستان المقرر في 30 نيسان/ابريل”.
وأضافت “يعني ذلك تهديداً متزايداً على القوات الدولية لكن أيضاً على قواتنا، علينا الاستعداد لذلك، وسنناقش الأمر غداً (الخميس) بالتأكيد”.
دبلوماسي أوروبي قال إن “إعادة إطلاق الحلف تبدأ مع خيار صعب، بل مستحيل بالنسبة للحلفاء”، مضيفاً “لم يعد ممكناً الفوز بهذه الحرب، لكن حلف الأطلسي لا يمكن أن يسمح بخسارتها بشكل سيء”.
وبدأ الانسحاب الأميركي من أفغانستان في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، وكان آنذاك بايدن نائبه، ويرى محللون أنه من غير المرجح أن يعود بايدن بعد أن أصبح رئيساً، عن التعهّد بتخفيض عدد الجنود الأميركيين في هذا البلد.
ويتواجد حالياً نحو 2500 جندي أميركي في أفغانستان ضمن بعثة “الدعم الحازم”، التي باتت تضمّ 9600 جندي من 36 دولة عضو في حلف الأطلسي أو شريكة للحلف. وقال ستولتنبرغ “دخلنا معًا، سنعدّل وجودنا معاً وسنغادر معاً — عندما يحين الوقت لذلك”.
ويشكل التوتر المتزايد مع الحليف التركي موضوعاً خلافياً آخر، يرتقب الأوروبيون أن يُتخذ قرار بشأنه مع بايدن. ويتوقع الدبلوماسي الأوروبي أن “الأمر سيكون صعباً جداً”.
وتصاعدت اللهجة الاثنين عندما اتّهم رئيس النظام التركي رجب طيب إردوغان الولايات المتحدة بـ”دعم الإرهابيين الأتراك” في حزب العمّال الكردستاني، بعد أن اتهمت أنقرة الحزب بإعدام 13 تركياً كان يحتجزهم في شمال العراق منذ سنوات عدة.
وفي محاولة لاحتواء غضب أنقرة، حمّل وزير الخارجية الأميركي مسؤولية قتل الأتراك إلى “إرهابيي حزب العمال الكردستاني”، خلال اتصال هاتفي مع نظيره التركي مولود تشاوش أوغلو.
وسيرخي غضب تركيا بثقله على أول اجتماع لحلف الأطلسي، إلا أن الحلفاء يرفضون محاسبة رئيس النظام التركي.
وأوضح دبلوماسيون عدة قبل الاجتماع أن “تركيا حليف مهمّ وينبغي إبقاؤها في حلف الأطلسي”.
تتمحور العقدة الثالثة حول مسألة التمويل، على مدى أربعة أعوام، تحمّل الأوروبيون والكنديون الاحتجاجات الأميركية على الصعوبات التي يواجهونها لزيادة نفقاتهم الدفاعية.
وغالباً ما كانت المواجهات مع ترامب مهينة ويقرّ ستولتنبرغ بأنها كانت “غير منصفة”. وصرّح أنه “من غير الطبيعي أن تقوم دولة تخصص جنوداً وعتاداً لمهمة جوية لحلف شمال الأطلسي أو لمجموعة قتالية بدفع الفاتورة”، إلا أن مصدراً دبلوماسياً حذّر من أن فكرة ستولتنبرغ تمويل نشر الجنود والعتاد من ميزانية الحلف تُعتبر “مرتجلة بالكامل” و”لم تحظَ بأي تأييد”.
وأكد ينس ستولتنبرغ أن وزراء دفاع دول الناتو سيقومون بمراجعة التقدم نحو تقاسم أكثر عدلاً للأعباء، حيث أعلن أنه “منذ عام 2014، ساهم الحلفاء الأوروبيون وكندا بمبلغ إضافي قدره 190 مليار دولار أمريكي”.
وأضاف “سأقترح أيضًا اعتماد أهداف مرونة وطنية أكثر وضوحًا وقابلية للتكيف مع الظروف الجديدة، لضمان حد أدنى من المرونة المشتركة بين الحلفاء. ومراجعة سنوية لنقاط الضعف في البنية التحتية والتقنيات الحيوية للتحالف”.
ستكون مبادرة الناتو 2030 على رأس جدول أعمال هذه القمة، وقدّم ينس ستولتنبرغ مجموعة من المقترحات قبل الاجتماع، شملت، زيادة تمويل الناتو لأنشطة الردع والدفاع و تعزيز صمود الحلفاء والحفاظ على التفوق التكنولوجي لحلف الناتو فضلا عن زيادة التنسيق السياسي والتعاون مع الشركاء إلى جانب تعزيز التدريب وبناء القدرات للشركاء والتكيف مع التغيرات المناخية.
وفي الشأن العراقي، قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ إن “الناتو يعمل على عدم عودة داعش إلى العراق”، وأن المباحثات التي سيجريها الحلف المقبل ستركز على مهمته في العراق وأفغانستان. مضيفا “مهمة الناتو في العراق هي مساهمة رئيسية أخرى في الحرب ضد الإرهاب الدولي”.
الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، يتوقع أن يوافق الوزراء على إطلاق مهمة موسعة، مع المزيد من تدريب أفراد الحلفاء وتقديم المشورة في المزيد من المؤسسات الأمنية في جميع أنحاء البلاد.
وأكد مسؤول الناتو أن “المهمة ستتوسّع بشكل تدريجي استجابة للوضع، يأتي ذلك عقب طلبات من الحكومة العراقية، وتنسيق وثيق مع التحالف الدولي، حتى نتمكن معًا من ضمان عدم عودة داعش” على حد قوله.