النمسا تحقق في فساد 211 جمعية تركية عاملة على أراضيها
مخالفات مالية كبيرة وأنشطة تجسس
بعد أن كشفت تقارير صحيفة عن آخر وقائع التجسس التركي ضد المعارضين عبر السفارات في مختلف دول العالم، فجرت النمسا فضيحة جديدة، قبل أيام، بإعلانها اكتشافها مخالفات مالية وضريبية في 211 جمعية تركية عاملة على أراضيها، وهو ما وصفته وزيرة الاندماج النمساوية سوزان راب بـ”الوقاحة”.
ووفق ما نشرته صحيفة “كرونه” المحلية، فإن محققين بدأوا منذ النصف الثاني من 2019 بتدقيق ملفات الضرائب في مئات الجمعيات التركية العاملة بالبلاد.
ونقلت الصحيفة عن وزير المالية جرينوت بلوميل، قوله إنه “تم فحص ملفات 211 جمعية تركية، والنتائج كانت مقلقة للغاية”.
وتابع:” اكتشفنا أخطاء كبيرة، وسحبنا نتيجة لذلك وضعية عدم الربحية من 40 % من الأعمال التي خصصت للمراجعة، بسبب انتهاكات خطيرة للقوانين ومخالفات مالية”.
وأضاف أن:” هناك مخالفات تقدر بملايين اليورهات وهذا يضر بصورة العمل التطوعي بأكمله”.
والإثنين الماضي، استدعت الخارجية النمساوية السفير التركي أوزان سيهون، للمرة الثالثة خلال 5 أشهر، لتوضيح طبيعة القوانين النمساوية التي تجرم التهرب الضريبي والتمويل الخارجي للمنظمات الناشطة بأراضيها.
ونقلت صحيفة كورير النمساوية، عن مصادر لم تسمها، قولها إن هناك ضغوطا كبيرة على فيينا لاتخاذ خطوات قوية ضد الجمعيات التركية.
وعلى المستوى الأوروبي، تصدر سبستيان كورتس، الفريق الداعي لفرض عقوبات أوروبية قوية على رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان، بسبب سياسته المزعزعة للاستقرار في شرق المتوسط، وتحركاته التي تهدد الأمن الأوروبي الداخلي.
ووفق كورير، فإن تصرفات نظام أردوغان “غير المسؤولة” دفعت العلاقات مع فيينا إلى الهاوية، وخلقت توترا غير مسبوق منذ عقود، متوقعة أن تتزايد الضغوط على الحكومة لاتخاذ اجراءات قوية ضد أنقرة وأذرعها في النمسا.
في أواخر مايو/ أيار الماضي، نشرت صحيفتا “فولكس بلات” و”كرونه” النمساويتين، مقطع فيديو لفعالية نظمتها السفارة التركية بمقر معهد “وندر” التركي المثير للجدل، بالعاصمة فيينا، بدعم من مؤسسة خيرية مقربة من بلال، نجل أردوغان.
ووثق المقطع احتفالا بانتهاء شهر رمضان، حضره سفير النظام التركي أوزان سيهون، ونواب عن حزب أردوغان ومجموعة من الطلبة الأتراك في النمسا، بمشاركة مسؤولين بالحزب عبر تقنية الفيديو كونفراس.
ووزع السفير سيهون الهدايا والسلع الغذائية والإعانات المادية على الطلبة الأتراك، وجميعهم كانوا من المقربين من حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا.
وفي كلمته بالمناسبة، قال السفير إن “المسيحيين لا يقومون بمثل ما نفعله هنا”، مضيفا “في عيد الميلاد (عيد ميلاد السيد المسيح)، وأنا أقول كلمة عيد الميلاد باللغة الألمانية حتى تفهموا ما أعنيه، يتصرف المسيحيون بأنانية وينسحبون إلى جدرانهم الأربعة ولا يوزعون الهدايا كما نفعل”.
تصريحات أثارت استياء عارما في النمسا، ووصفت بأنها “إزدراء للدين المسيحي”، وعلى إثرها، استدعت وزيرة الاندماج النمساوية سوزان راب، السفير التركي، للاحتجاج.
وقالت راب، حينها، إن “السفير اعتذر، لكننا لن نتسامح أبدا مع النفوذ التركي في النمسا”، مضيفة:”بدأنا تحقيقا شاملا في الفاعلية التي حضرها السفير التركي في معهد وندر في فيينا وما جرى فيها من مخالفات”.
لم يمر شهر واحد على أزمة سيهون، حتى اختلق النظام التركي عبر أذرعه المتطرفة، أزمة جديدة مع النمسا، حين هاجمت مجموعة من تنظيم “الذئاب الرمادية” المتطرف مظاهرة للأكراد واليساريين كانت تندد بالفاشية، في فيينا، ما أدى لاندلاع اشتباكات بالحجارة وزجاجات المياة، وأحداث شغب واسعة، أصيب خلالها عنصري شرطة.
وأشعلت الواقعة الغضب بأروقة السياسة النمساوية، ما دفع وزير الخارجية النمساوي ألكسندر شالينبرغ، إلى استدعاء سفير النظام التركي إلى الوزارة، وتوبيخه، وهو ما اعترف به سيهون في وقت لاحق وقال إنه “تلقى معاملة غير لائقة”.
فيما قال المستشار النمساوي سبستيان كورتس، خلال تصريحات نقلها موقع التلفزيون المحلي “او إر أف”، إن “تركيا تبث الفتنة وتخلق أجواء تخدم مصالحها الخاصة في النمسا”.
لم يتوقف الأمر عند ذلك، حيث أعلنت السلطات النمساوية، نهاية أغسطس/ آب الماضي، اكتشاف شبكة تجسس تركية في النمسا.
وقالت صحيفة “كرونه” النمساوية، إن سلطات إنفاذ القانون في فيينا تتبعت أثر جاسوس تركي خلال التحقيق في اشتباكات يونيو/حزيران الماضي بين نشطاء أكراد وأتراك في قلب فيينا.
ونقلت الصحيفة عن وزير الداخلية كارل نيهامر قوله إن:” المشتبه به اعترف بأنه جزء من شبكة تجسس تنقل المعلومات إلى الحكومة التركية”، مضيفا أن “مكتب المدعي العام النمساوي يعتزم توجيه الاتهام للمشتبه به بالتجسس”.
ولفت الوزير إلى أن المشتبه به كان سجينا في تركيا، وكان شرط الإفراج عنه هو العمل كجاسوس على الرعايا الأتراك المقيمين في النمسا.
ودفعت الحادثة الوزيرة سوزان راب للتحذير من أن “النمسا أصبحت دولة مستهدفة من قبل أنشطة التجسس التركي”، مضيفة أن “مخابرات النظام التركي تمارس نفوذها على الأفراد والجمعيات والمساجد التركية العاملة هنا”.
وتابعت أن :”ذراع رجب طيب أردوغان الطولى تصل إلى فيينا، وهذا يضر الاندماج في النمسا، ونحن لن نتسامح معه”.
فيما قال هربرت كيكل، زعيم الكتلة البرلمانية لحزب الحرية المعارض (شعبوي)، في تصريحات إعلامية، إنه:” لا بد أن تكون هناك تداعيات سريعة في المجال الدبلوماسي بعد اكتشاف شبكة تجسس تركية، أولها طرد السفير التركي”.
ولم تمر أيام حتى انكشف المخطط الأكبر، حين سلم عميل للاستخبارات التركية نفسه لنظيرتها النمساوية، واعترف بوجود خطط تركية لتنفيذ سلسلة من الاغتيالات السياسية في فيينا.
ونقل موقع “زاك زاك” المحلي، عن مصادر لم يسمها، قولها إن هيئة حماية الدستور (الاستخبارات الداخلية) أجرت تحقيقات مع العميل الذي أقر بأنه يسعى لتنفيذ اغتيالات سياسية تشمل السياسي بريفان أصلان، ومالك الموقع بيتر بيلتس، كما اسياسي نمساوي مناوئ لتركيا، إضافة إلى عضو البرلمان الأوروبي أندريس شنايدر.
الأوبزرفر العربي