النهضة تعيد انتاج القديم وسط خلافات عميقة داخلها ومعها في تونس
فجر تمسك حركة النهضة الإسلامية بترؤسها للحكومة الجديدة وسط أنباء عن إمكانية تولي رئيسها راشد الغنوشي منصب رئيس الوزراء خلافات داخلها بين مؤيد للقرار ومعارض له.
وتجد النهضة نفسها في موقف صعب رغم تصدرها لنتائج الانتخابات باعتبار أن فوزها “المنقوص” لا يؤهلها لضمان أغلبية داعمة لحكومتها داخل البرلمان، ما يجبرها على التفاوض مع أحزاب أخرى تعارض كلها فكرة رئاستها للحكومة.
واعتبر المدير السابق لمكتب راشد الغنوشي، زبير الشهودي، أن طرح مقترح تولي الغنوشي رئاسة الحكومة يوحي بأن النهضة قرأت رسالة الشعب الذي لم يصوت لها بالخطأ.
ولاحظ الشهودي أن قيادة الحركة تعيد ارتكاب الأخطاء مرة أخرى من خلال مقترحاتها الخاصة بتشكيل الحكومة.
وجاء موقف الشهودي بعد فترة قليلة من دعوته “راشد الغنوشي إلى اعتزال السياسة وإبعاد صهره رفيق عبدالسلام عن المشهد السياسي حتى تكتمل الثورة”.
وقدم الشهودي استقالته من مهمة مدير مكتب الغنوشي في سبتمبر الماضي.
وبدوره قال القيادي في الحركة محمد بن سالم إن النهضة “قد غالت عندما شدّدت على ضرورة ترشيح شخصية من أبنائها لترؤس الحكومة القادمة حتى وإن كان رئيس الحركة راشد الغنوشي”.
واعتبر بن سالم الأسماء المطروحة لرئاسة الحكومة، مثل راشد الغنوشي وغيره من عرّابي التوافق مع نداء تونس من داخل النهضة، لا يجب أن تقود المرحلة القادمة ولا يجب أن تُطرح لرئاسة الحكومة.
ولم يبد بن سالم اعتراضه على ترشيح شخصية مستقلة لرئاسة الحكومة والعمل مع الأحزاب الرافضة لمشاركة النهضة في الحكم في حال تمسكت بترؤس الفريق الحكومي الجديد.
ولم تقف الخلافات صلب النهضة عند رفض ترؤسها للحكومة، بل تمادت الانتقادات داخلها إلى حد اعتبارها قد مالت ميلا خطيرا إلى أقصى اليمين خلال حملتها الانتخابية، حيث رأى القيادي لطفي زيتون، في كلمة ألقاها في مجلس الشورى، أن الحركة باتت مطالبة بالعودة إلى الخطاب الوسطي المعتدل وتنخرط من جديد في منطق التوافق السياسي وتبتعد عن ميلها إلى أقصى اليمين.
واعتبر زيتون “أن رئيس الحكومة يجب أن يكون شخصية سياسية كبيرة مقبولة داخليا وخارجيا لتنخرط في إعادة تجميع التونسيين في مشروع وطني جامع والاستجابة لطموحات الشباب ومطالبه”.
ولفت إلى أن الحركة تحتاج إلى “عقل سياسي خلاّق يضع مصلحة الوطن أولوية ومتجرد عن الأطماع الحزبية والفئوية والشخصية”.
وتعمق هذه الخلافات تطبيق قرار مجلس الشورى الذي ينص على ترؤس الحركة للحكومة، لاسيما في ظل رفض الأحزاب المعنية بالمشاورات الحكومية قرار الحركة.
ويتمسك حزبا التيار الديمقراطي وحركة الشعب بضرورة تعيين شخصية مستقلة على رأس الحكومة الجديدة وإبعاد حركة النهضة عن الوزارات السيادية.
وأعلن الأمين العام لحركة الشعب، زهير المغزاوي، الخميس، إثر لقاءه راشد الغنوشي، عن رفضه التحالف مع النهضة بسبب تمسكها بقرارها كشرط أساسي لاطلاق محادثات تخص تشكيلة الإئتلاف الحكومي الجديد.
ويرى مراقبون أن الحزب الإسلامي بات يتخبط في أزمة داخلية حادة ناتجة عن انفراد راشد الغنوشي بالقرار واستحواذه على كل توجهاته.
ويلاحظ هؤلاء أن تعامل النهضة مع الاستحقاقات الانتخابية ونتائجها سيظل من أبرز أسباب نشوب خلافات داخلها وستبقى قياداته تتصارع على مناصب في الدولة وتصر على البقاء في الحكم حتى لو فشلت في إدارته.
ولا تعد هذه الخلافات صلب النهضة حديثة خاصة وأنها عاشت خلال فترة الانتخابات التشريعية على وقع انقسامات في المواقف بشأن ترؤس القائمات الانتخابية التي رشحتها واتهم راشد الغنوشي آنذاك بممارسة التسّلط في اختيار مرشحي الحركة للبرلمان.