الهجوم الروسي على أوكرانيا قد يحدث في غضون 4 أيام
دول العالم تبدأ بإجلاء رعاياها من كييف
بعد فشل المحادثات بين الغرب وروسيا خلال الأيام الأخيرة في إحراز تقدم نحو حل الأزمة الأوكرانية، التي يصفها الغربيون بأنها الأخطر منذ نهاية الحرب الباردة، ذكرت وسائل إعلام غربية، السبت، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حسم أمره وقرر مهاجمة أوكرانيا، مشيرة إلى أن الهجوم قد يقع بحلول 4 أيام، فيما بدأت العديد من الدول إجلاء دبلوماسييها ودعوة رعاياها للمغادرة وتجنب السفر إلى كييف.
وجاء تقريرا “ديلي ميل” البريطانية و”دير شبيغل” الألمانية بعد ليلة طلبت فيها الحكومة البريطانية من الآلاف من رعاياها مغادرة أوكرانيا فورا، وسط مخاوف من هجوم روسي وشيك.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول في الاستخبارات الأميركية قوله إن أمر الهجوم قد يصدر خلال أيام.
معلومات استخبارية أميركية
وأتت هذه التطورات بعد معلومات استخبارية أميركية خلصت إلى أن روسيا ستشن هجوما على أوكرانيا، الأربعاء المقبل، الموافق الـ16 من فبراير.
وقالت وكالة المخابرات المركزية الأميركية “سي آي إيه” وغيرها من أجهزة الاستخبارات إنها حصلت على خطط مفصّلة، تشمل المسارات التي ستسلكها القوات الروسية خلال العملية العسكرية المفترضة.
وبعد ذلك، صرح مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، إنه يتوقع أن يهاجم بوتين أوكرانيا في أي لحظة، مما يستدعي إخراج المواطنين الأميركيين فورا، ذلك أن واشنطن لن تعود لإنقاذ أي شخص.
وقال إن ذلك يجب أن يتم خلال 24- 48 ساعة، لأن الخطر مرتفع بما فيه الكفاية.
القصف الجوي
وذكرت وسائل إعلام أميركية أن الحرب الروسية على أوكرانيا ستبدأ بومين من القصف الجوي الهائل ويرافقها حرب إلكترونية، مثل الغزو البري مع هدف محتمل لتغيير النظام في أوكرانيا.
ومما زاد من خطورة الموقف، تحذير رئيس بلدية كييف، فيتالي كليتشكو، سكان المدينة من احتمال هجوم روسي وشيك.
وأصدر كليتشكو، الليلة الماضية على وسائط التواصل، متحدثا استعدادات لتأمين الاتصالات في حال تعطل الإنترنت وشبكة الهواتف، وتخزين الوقود.
إجلاء الدبلوماسيين والرعايا
وحدّثت الخارجية البريطانية نصائحها للمواطنين البريطانيين الموجودين في أوكرانيا، قائلة إنه يجب عليهم المغادرة الآن عبر وسائل النقل التجارية، وسط مخاوف متزايدة بأن يجدون نفسهم في قلب القتال الذي قد يندلع فجأة، بما في ذلك القصف الجوي المميت للعاصمة كييف.
وأبلغ الاتحاد الأوروبي الموظفين غير الأساسيين من بعثته الدبلوماسية في كييف بضرورة المغادرة، لكنه لم يذهب إلى حد الإجلاء الكامل.
وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية في بيان: “بعد تدهور الوضع مع أوكرانيا، توصي وزارة الخارجية الإسرائيليين المقيمين بأوكرانيا بإعادة التفكير في البقاء، وتجنب الاقتراب بأية حال من الأحوال من النقاط الساخنة”.
ونقلت هيئة البث الهولندية (بي.إن.آر)، الجمعة، عن السفير قوله، إن “هولندا ستنقل بعثتها الدبلوماسية من العاصمة كييف إلى لوفيو في غرب أوكرانيا”.
وفي السياق ذاته، دعا رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون السبت المواطنين الأستراليين الذين يعيشون في أوكرانيا إلى مغادرة هذا البلد بأسرع ما يمكن قائلا إن الوضع هناك يزداد خطورة.
وأضاف موريسون في إفادة صحفية قائلا: “نصيحتنا واضحة.. هذا وضع خطير.. عليكم السعي للخروج من أوكرانيا”.
بدورها، حثت وزارة الخارجية في نيوزيلندا السبت جميع مواطنيها في أوكرانيا على المغادرة فورا.
ووجه الرئيس الأمريكي جو بايدن أيضا تحذيرا لكل الأمريكيين الموجودين في أوكرانيا، وطالبهم بالمغادرة فورا.
كذلك دعت إستونيا رعاياها لمغادرة أوكرانيا على الفور، مطالبة المتواجدين البعد عن مناطق التوتر.
الهجوم في أي لحظة
وعلى وقع فصول الأزمة، توقع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن مهاجمة روسيا لأوكرانيا في أي وقت بما في ذلك خلال أولمبياد بكين القائمة حاليا بالصين.
تصريحات بلينكن جاءت في مؤتمر صحفي في ملبورن، عقب اجتماع لمجموعة الحوار الأمني الرباعي التي تضم الولايات المتحدة وأستراليا والهند واليابان، اليوم الجمعة.
وقال بلينكن إن “قوات روسية جديدة تواصل التدفق على الحدود الأوكرانية وإن غزو أوكرانيا قد يبدأ في أي وقت بما في ذلك خلال دورة الألعاب الأولمبية الشتوية التي تجري حاليا في بكين”.
وفي هذا الصدد، طالب وزير الخارجية الأمريكي في الوقت نفسه بضرورة بذل جهود إضافية للحد من الأزمة في أوكرانيا، مضيفا أن الولايات المتحدة لا تزال ترصد مؤشرات “مقلقة جدا” لتصعيد روسي في أوكرانيا.
والجمعة، قال الكرملين إن المناقشات التي جمعت روسيا وأوكرانيا وألمانيا وفرنسا في برلين الخميس سعيا لإيجاد حل للأزمة الأوكرانية، لم تفض إلى “أي نتيجة”.
موسكو تنفي
وتنفي موسكو التي ضمت شبه جزيرة القرم في عام 2014 تحضيرها لمهاجمة أوكرانيا لكنها تشترط خفض التصعيد بمتطلبات أبرزها ضمان عدم قبول عضوية كييف في حلف شمال الأطلسي، وهو طلب رفضه الغربيون.
وبالتوازي، أعلنت روسيا مناورات عسكرية جديدة على الحدود الأوكرانية، وقالت وزارة الدفاع الروسية إن 400 جندي سيشاركون الجمعة في “تدريب تكتيكي” في منطقة روستوف بالجنوب على الحدود مع أوكرانيا.
وكان عشرات آلاف الجنود الروس بدأوا الخميس تدريبات واسعة النطاق في بيلاروسيا المجاورة لأوكرانيا من المتوقع أن تستمر حتى 20 فبراير/شباط.
شبح الحرب يخيم على أوروبا
وفيما يخيّم شبح الحرب على أوروبا، يواصل قادة القارة العجوز جهودهم الدبلوماسية، وعلى خطى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، سيلتقي المستشار الألماني أولاف شولتس الرئيس فولوديمير زيلينسكي في كييف الإثنين ثم فلاديمير بوتين الثلاثاء في موسكو.
لكن المحادثات التي جرت الخميس في برلين في إطار آلية النورماندي وجمعت روسيا وأوكرانيا وألمانيا وفرنسا، أظهرت الهوّة التي تفصل بين موسكو من جهة والغرب وأوكرانيا من جهة أخرى.
وأفادت مصادر قريبة من المفاوضين الفرنسيين والألمان بأن المناقشات التي استمرت نحو عشر ساعات تقريبا كانت “صعبة”.
وتصرّ موسكو على أن تتفاوض كييف بشكل مباشر مع الانفصاليين المدعومين من روسيا الذين يقاتلون الجيش الأوكراني منذ عام 2014 في شرق البلاد، في صراع أودى حتى الآن بأكثر من 14 ألف شخص.
وترفض أوكرانيا ذلك بشكل قاطع قائلة إن موسكو هي المحاور الوحيد الذي لديه صلة وثيقة بالانفصاليين.
ورغم ذلك، أكدت كييف الجمعة أن “الجميع مصممون على تحقيق نتيجة” وأن المحادثات ستستمر.
عقوبات اقتصادية
من ناحية أخرى، حذّرت الولايات المتحدة روسيا من أنها ستواجه عقوبات اقتصادية قاسية في حال حدوث عدوان عسكري.
لكن موسكو التي تقدم نفسها على أنها ضحية لسياسة عدوانية ينتهجها حلف شمال الأطلسي، تجاهلت هذه التهديدات حتى الآن.
وكانت واشنطن ودول أوروبية أعلنت إرسال آلاف الجنود إلى أوروبا الشرقية، وقدمت واشنطن مساعدات عسكرية لأوكرانيا، كما هددت الولايات المتحدة وحلفاؤها بفرض عقوبات جديدة على موسكو إذا قام الجيش الروسي بتحرك عسكري نحو كييف.
وتنفي روسيا التخطيط لغزو أوكرانيا، لكنها تقول إنها تريد فرض “خطوط حمراء” لضمان عدم انضمام جارتها السوفيتية السابقة إلى حلف شمال الأطلسي، وألا ينشر الحلف صواريخ أو ينشئ قواعد هناك.