اليمين القومي يستعد لتحقيق اختراق في اثنتين من المقاطعات الواقعة في ألمانيا
يستعد اليمين القومي الألماني لتحقيق اختراق في انتخابات في اثنتين من المقاطعات الواقعة في ألمانيا الديموقراطية السابق الأحد، يمكن أن تدخل تحالف المستشارة أنغيلا ميركل في اضطرابات جديدة.
وتجري الانتخابات في ساكسونيا وبراندنبورغ في شرق ألمانيا. وقد دعي إلى التصويت فيها حوالى 5,5 ملايين ناخب لاختيار أعضاء برلماني المقاطعتين. ولا يشكل هؤلاء سوى 12 بالمئة من الناخبين الألمان.
وستستكمل هذه الانتخابات باقتراع يجري في منطقة تورينغن الواقعة في الشرق أيضا في 27 تشرين الأول/أكتوبر المقبل.
وسيتابع الألمان بدقة عمليات الاقتراع هذه التي تجري بعد ثلاثين عاما على سقوط جدار برلين، إذ يتوقع أن تشهد اختراقا جديدا لحزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني القومي الذي يهز الساحة السياسية منذ 2013.
ولهذا الحزب معاقل في الشرق لكن موقعه أضعف في غرب البلاد، ما يعكس الشرخ السياسي الذي ما زال يقسم ألمانيا بعد ثلاثة عقود على إعادة توحيدها.
– تيار راديكالي –
ففي براندبورغ المقاطعة التي تحيط ببرلين، تفيد استطلاعات الرأي أن حزب البديل من أجل ألمانيا سيأتي في الطليعة ب21 بالمئة من الأصوات، متعادلا مع الحزب الاشتراكي الديموقراطي الذي يهيمن اليوم في إطار تحالف يساري.
في ساكسونيا المنطقة الأخرى المدعوة إلى التصويت الأحد، يتقدم المحافظون بقيادة المستشارة في معقلهم هذا، بفارق طفيف على “البديل من أجل ألمانيا” الذي تأسس في 2013. وسيحصل الحزب اليميني القومي على 24,5 بالمئة حسب استطلاعات الرأي.
وفي المقاطعتين سيشكل ذلك تقدما كبيرا بالمقارنة مع الانتخابات السابقة، إذا تأكدت هذه الأرقام، إذ إن “البديل من أجل ألمانيا” سيكون قد كسب بذلك 8,8 نقاط في براندنبورغ و15 نقطة في ساكسونيا.
لكن هذا لا يكفي ليتولى حزب البديل من أجل ألمانيا السلطة في المقاطعتين.
و حذرت الأحزاب العريقة وخصوصا الاتحاد الديموقراطي المسيحي مسبقا من أنها لن تشكل تحالفا محليا مع “البديل من أجل ألمانيا”. لذلك ستصبح اللعبة السياسية بالغة التعقيد.
فهذه المقاطعات التي تملك صلاحيات واسعة في النظام الألماني في قطاعي التعليم والأمن، يمكن أن تحكمها تحالفات متنوعة تجمع اليمين واليسار. وقد يؤدي ذلك إلى شل العمل السياسي وتأجيج الاستياء.
وبعد ثلاثين عاما على سقوط جدار برلين، كيف يمكن تفسير “المزاج القاتم” لهذه المناطق على حد تعبير ماتياس بلاتسيك رئيس “لجنة 30 عاما على الوحدة الألمانية”. وقال “انهيار بعد 1990 وأزمة مالية في 2008 وأزمة لاجئين في 2015، كل هذا خلال جيل واحد”.
وفي مناطق يهاجر منها الأطباء والمدرسون وخصوصا الشباب كل سنة إلى الغرب الأغنى في ألمانيا، يشعر الألمان في ألمانيا الديموقراطية السابقة أن أوضاعهم تتراجع على الرغم من تراجع كبير في معدل البطالة منذ عشر سنوات.
وصدمت سياسة استقبال اللاجئين التي اتبعتها ميركل منذ 2015 جزءا من السكان الذين شعروا أن الدولة تهتم بمصير المهاجرين أكثر من مصيرهم.
– تقدم للمدافعين عن البيئة؟ –
بنى “البديل من أجل ألمانيا” شعبيته على هذه المخاوف وقاد حملة ضد أحزاب تقليدية يشبهها بالحزب الشيوعي السابق في ألمانيا الديموقراطية. ولم يتردد في طرح شعارات أطلقها المتظاهرون في 1989 ومن بينها “نحن الشعب” و”لننجز إسقاط” النظام.
ومع أن هذه الانتخابات إقليمية، لكنها تشكل اختبارا كبيرا للمستشارة التي تقود منذ العام الماضي تحالفا هشا مع الاشتراكيين الديموقراطيين وأعلنت أنها ستغادر السلطة في خريف 2021.
وكتبت مجلة “دير شبيغل” أن انتخابات المقاطعتين يمكن أن تحدث “عاصفة” داخل التحالف.
وحرصت ميركل التي لا تتمتع بأي شعبية بين مؤيدي الحزب اليميني القومي، على الامتناع عن قيادة الحملة بنفسها. وقد فضلت أن تترك الساحة للقادة المحليين في حركتها الذين يحاولون استعادة الناخبين الذين توجهوا إلى اليمين المتطرف، عبر خطاب حازم جدا في قضايا الأمن والهجرة.
وستسبب خسارة ساكسونيا زلزالا داخل حزب ميركل.
والحزب الاشتراكي الديموقراطي في وضع أسوأ. فالحزب لا قائد له منذ أربعة أشهر ويتراجع في استطلاعات الرأي ويمكن أن يخسر براندنبورغ وألا تصل نسبة مؤيديه إلى عشرة بالمئة في ساكسونيا.
وهذا سيطلق الجدل الداخلي حول بقائه في التحالف الحاكم ويدفع ثمن هذا التراجع في الشعبية.
على المستوى الفدرالي، يمكن أن يتمكن دعاة حماية البيئة في حزب الخضر أن يحققوا مكاسب.
وهؤلاء في موقع ضعيف في المقاطعات الصناعية، لكن استطلاعات الرأي تشير إلى حصولهم على عشرة بالمئة من الأصوات، وهذا ما يجعلهم في وضع يصعب الالتفاف عليه في تشكيل التحالفات المقبلة.