بالأسماء… موقع أمريكي ينشر قائمة بمهندسي الحرب على العراق
وقال الكاتب جون شوارز، إن الرجال والنساء، الذين شنوا الحرب الإجرامية، على العراق، عام 2003، والذين أطلق عليهم لقب “مهندسو الحرب” لم يدفعوا الثمن حتى الآن بعد مضي هذه السنوات.
وأضاف في مقال له بموقع إنترسبت (The Intercept) الأميركي، إنه على العكس، فقد أغدقت عليهم الأموال والترفيعات. وهناك طريقتان للنظر إلى هذه الحادثة، الأولى أنها كانت وظيفة لاتخاذ القرار الصائب للسياسيين الأمريكيين وإخبار الحقيقة من قبل الصحفيين. وكان هذا يعني أن النظام عانى من عطل مرة بعد الأخرى، وأنه قام بترفيع الأشخاص الخطأ، الذين أثبتوا فشلا ذريعا.
والطريقة الثانية، هي أن وظيفة هؤلاء الأشخاص كانت هي شن حرب لتوسيع تأثير الإمبراطورية الأمريكية ومصالح شركات الأسلحة والنفط، دون الالتفات لقول الحقيقة واختيار ما هو أصلح للأمريكيين وقول الحقيقة. وهذا يعني أنهم كانوا مؤهلين بشكل جيد ولم يخطئ النظام مرة بعد الأخرى، بل وفعل الصواب بترفيعهم.
الصحافة الأمريكية لا تلتفت لحياة الأجانب
أكبر كذبة عن العراق
الرجل الثاني، هو ديك تشيني، نائب الرئيس الذي أطلق خلال التحضيرات للحرب، أكبر كذبة عن العراق. وفي خطاب ألقاه في آب/أغسطس 2002، وزعم أن صهر الرئيس صدام، حسين كامل الذي انشق في عام 1995 كشف عن خطط صدام لتصنيع الأسلحة النووية مرة ثانية. وفي الواقع أكد كامل أن العراق ليست لديه أسلحة غير تقليدية ومن أي نوع. ولم يكن هذا سرا، فقد تحدث كامل علنا في لقاء مع شبكة سي أن أن، وكلامه متوفر برابط على الإنترنت.
ومنذ مغادرته البيت الأبيض، قضى تشيني وقته في الصيد، وصادق على ترشيح دونالد ترامب للرئاسة عام 2016 ولم يعاقب على جرائم التعذيب. ومع أنه عاش على قلب اصطناعي خارجي كان يضخ الدم لشرايينه، إلا أنه في صحة جيدة.
وفي حالة دونالد رامسفيلد، فقد تساءل في ليلة 9/11 والبنتاغون لا يزال محترقا إن كانت الولايات المتحدة تستطيع ضرب العراق الآن.
وتوفي رامسفيلد في 2021 ولكنه قضى وقتا ممتعا في بيته الصيفي في خليج تشيزابيك في ميرلاند. وأطلق على مزرعة رامسفيلد اسم “بيت البؤس” حسب صحيفة “نيويورك تايمز”، فقد كان يملكه مرة رجل عرف بسمعته السيئة واسمه إدوارد كوفي، كانت مهمته معاقبة العبيد الذين يعملون لدى مزارعين آخرين.
وهناك مقاربة تاريخية بين مالك البيت القديم ورمسفيلد، ويمكن للواحد أن يتخيل زيارة كوفي وزير الدفاع السابق، ويثمن جهوده في تعذيب الآخرين.
باول يكذب في مجلس الأمن
وهناك كولن باول، وزير الخارجية في حينه الذي قدم كلمة مرتبة أمام مجلس الأمن، وكان يعرف أنه يمارس عملية كذب. وقالت المعلقة في صحيفة واشنطن بوست ماري ماكغوري؛ إن كلامه أقنعها مع أنه كان من الصعب إقناعها مثل فرنسا. ولم تكن ماكغوري تعرف أن باول متخصص بالكذب، وأنه صعد في سلك العسكرية بالكذب حول مجزرة ماي لاي في فيتنام، ثم كذبه حول فضيحة إيران- كونترا.
ومات باول عام 2012 ولكنه قضى حياته ما بعد السياسة ثريا، وظل يجيب على من يسأله حول خطابه في الأمم المتحدة أنه تعرض للتضليل من أفراد لم يسمهم.
وأدى جون بولتون، مساعد وزير الخارجية في حينه دورا مركزيا في قرار بوش وأكاذيب إدارته بشأن أسلحة الدمار الشامل. فقد أجبر خوسيه بستاني، رئيس منظمة حظر الأسلحة الكيماوية على الاستقالة. وكانت جريمة بستاني أنه أراد تنظيم عملية تفتيش، والتأكد من امتلاك العراق الأسلحة الكيماوية. وكان بولتون يخشى من فضح المنظمة الكذبة، وأن العراق ليس لديه أسلحة غير تقليدية.
وكوفئ على جهوده بتسميته مستشارا للأمن القومي لترامب. وعانى من بعض الضغوط، وبخاصة أن ترامب لم يكن يفرق بينه وبين وزير خارجيته ويناديه أحيانا “مايك بولتون”.
عصابة حرب العراق
وقال الكاتب: “في عصابة حرب العراق، لا بد من ذكر كوندوليزا رايس، مستشارة الأمن القومي التي شرحت في كانون الثاني/يناير 2003، سبب غزو أمريكا للعراق، لكن التوضيع اتسم بالغموض”.
وقرر معهد هوفر المرموق في جامعة ستانفورد تعيينها مديرة له؛ لأنها الشخص الذي أرادها لكي تشغل المنصب، ونظرا “لالتزامها بمبادئ المعهد ومهمته الأساسية في ضمان الأمن والازدهار والحرية”، ويعلق الكاتب ساخرا أن مئات الألاف من العراقيين لم يكونوا حاضرين للتعليق على هذا البيان.
و”من بين المتهمين بجريمة حرب العراق، ديفيد فرام، كاتب خطابات بوش في البيت الأبيض. وهو الشخص المسؤول عن اختراع مصطلح محور الشر الذي ضم العراق وكوريا الشمالية وإيران، وذكره بوش في خطاب حالة الاتحاد عام 2002. وكان وضع العراق وإيران في المحور مثيرا للدهشة؛ نظرا للعداء الأبدي بينهما، لكن فرام لم يلتفت لهذه الحساسية”.
وبعد تركه البيت الأبيض، شارك فرام في كتاب بعنوان “نهاية الشر: كيف ننتصر في حرب ضد الإرهاب”، ولم نستمع لنصيحته، فالشر لا يزال بيننا. وقال في كتابه: “هناك أدلة كثيرة عن برامج واسعة كيماوية وبيولوجية يملكها صدام حسين”.
“مجرمي الحرب” من الصحافيين
وقال الكاتب؛ إن من بين “مجرمي الحرب” من الصحفيين، ديفيد بروكس في “ديلي ستاندرد” صوت اليمين في حينه، الذي كتب مقالا بعنوان “انهيار قصور الأحلام”، وهو كما يقول الكاتب من أكثر الأشياء حماقة كتبت أبدا باللغة الإنكليزية، وقال فيه؛ إن معارضي الحرب على العراق “لم يكونوا قادرين بما فيه الكفاية على فصل عواطفهم من مواقفهم السياسية لكي يروا العالم كما هو”. واكتشفت صحيفة “نيويورك تايمز” هذه الموهبة وعينته لاحقا كاتب رأي لديها.
وكان جيفري غولدبيرغ، كاتبا في مجلة “نيويوركر” وكان من أكثر الدعاة المؤثرين للحرب على العراق. واستخدمت كتاباته في سجلات الكونغرس في أثناء النقاش حول تشريع الحرب على العراق في خريف عام 2002. وهو في نيويوركر كتب: “لا مجال للجدال أن العراق سيحصل على السلاح النووي لو ظل بدون رقابة”، وأن “الجميع يعرفون أن لديه مخزونا من الأسلحة الكيماوية والبيولوجية”.
وناقش غولدبيرغ في تشرين الأول/أكتوبر 2002 قائلا: “تحضر الإدارة اليوم لشن ما يراه الكثيرون، وبدون شك عدوانا، ضيق النظر وبدون مبرر. لكنني خلال السنوات الخمس الماضية، اعتقدت أن الغزو القادم للعراق، سيكون فعلا ذا أثر أخلاقي عميق”. وأصبح غولدبيرغ محررا لمجلة “ذي أتلانتك”.
الأسلحة غير المشروعة
كما تحدث الكاتب عن جوديث ميلر التي كتبت مقالات في صحيفة “نيويورك تايمز”، والتي “تعد الأكثر سذاجة ومدعاة على الضحك. وحذرت فيها من الأثر الفظيع لأسلحة الدمار الشامل العراقية. وكان من أكثر المقالات سذاجة، ما قالت إن عالما عراقيا أكد لها أن الأسلحة غير المشروعة ظلت تستخدم حتى ليلة الحرب”.
ولم يقم المقال على مقابلة مع العالم هذا “في الوقت الذي لم تستطع هذه المراسلة مقابلة العالم ولكن سمح لها برؤيته عن بعد”. وبعد ذلك خرجت لتقول عبر التلفاز؛ إنهم عثروا على الدليل القاطع. ولم تعاني ميلر مثل البقية من عواقب أكاذيبها، فقد استقالت من الصحيفة، بل وطردت نظرا لمحاكمة مسؤول في إدارة بوش اسمه سكوتر ليبي، وليس لما كتبته حول أسلحة الدمار الشامل. وهي لم تخسر، فقد عملت في شبكة فوكس نيوز، ثم أصبحت عضوا في مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي.
وأشار الكاتب في ختام مقاله لجو بايدن، فقد كان وقت الحرب سيناتورا من ديلاوار ومسؤولا عن لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، وعقد جلسات اجتماع لدعم الحرب، وأصبح من أكثر الأصوات الديمقراطية دعما للغزو، وهو اليوم الرئيس الأمريكي. وهناك الآلاف الذين لا يزالون يترفعون في مناصبهم واستفادوا من الحرب.