بالتنسيق مع واشنطن… قطر لعبت دوراً حاسماً في حماية الحوثيين
وعملت على بث الخلافات بين الأطراف المناوئة للحوثيين
أكد مراقبون يمنيون أن قطر لعبت دوراً حاسماً في حماية قوات الحوثي، من خلال عضويتها في التحالف العربي لدعم “الشرعية”، قبل إنهاء مشاركتها في التحالف منتصف عام 2017 لتشرع في ممارسة دور علني ومكشوف في دعم الحوثيين سياسيا وإعلاميا وماليا، بالتوازي مع عملها من داخل “الشرعية” على إرباك أطراف المعركة وبث الخلافات بين المكونات المناوئة للحوثيين.
المصادر السياسية اليمنية ترجح أن تكون القناتان الخلفيتان اللتان تتواصل عبرهما واشنطن مع الحوثيين، بحسب المبعوث الأميركي الخاص لليمن تيموثي ليندركينغ، هما سلطنة عمان وقطر.
وأفادت المصادر عن حراك دبلوماسي نشط تقوم به الدوحة منذ وصول الرئيس الأميركي جو بادين إلى البيت الأبيض، لتقديم نفسها كـ”وسيط محايد”، وأن واشنطن أوكلت لها دور البوابة الخلفية في أزمة اليمن، مشيرة إلى أن استعجال الإدارة الجديدة وتصريحات المبعوث يوضحان أن الاستعداد لهذا الدور بدأ مبكرا، وأنه ليس وليد المدة القصيرة للإدارة الجديدة.
وكانت عدة لقاءات قد جمعت بين مسؤولين أميركيين وقيادات حوثية في العاصمة العمانية مسقط خلال السنوات الماضية وبلغت ذروتها خلال تولي الدبلوماسي الأميركي جون كيري حقيبة الخارجية الأميركية، وتسويقه آنذاك مبادرة للتسوية في اليمن قوبلت برفض الحكومة المعترف بها دوليا والتحالف العربي بقيادة السعودية.
وعملت الدوحة من خلال ما عرف بالوساطة القطرية بين الدولة اليمنية والمتمردين الحوثيين بين 2007 و2010، على انتشال الحوثيين من هزيمة محققة، قبل أن يعلن الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح انتهاء الوساطة القطرية، واشترطت الدوحة حينها أن تشرف ميدانيا على تنفيذ بنود الوساطة، وهو ما مكّنها وفقا لخبراء يمنيين من تنفيذ مخططها.
في عام 2011 سعت قطر إلى إفشال المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، بعد انسحابها منها وتحريضها أطرافا يمنية عديدة على رفضها من بينها الحوثيون وتيارات إخونجية، كما كشفت ذلك وثائق مسربة في وقت لاحق.
ونشطت في الأعوام الثلاثة الماضية الجمعيات القطرية في مناطق سيطرة الحوثيين بشكل لافت، ومن بينها مؤسسة قطر الخيرية التي أعادت فتح مكتبها في صنعاء، ويعتقد أنها تستخدم كغطاء لتمويل الحوثيين.
ويرى المراقبون أن تاريخ الدوحة الطويل في زعزعة الأمن في اليمن ودعم التمرّد الحوثي والجماعات الراديكالية الأخرى لا يجعلها في موضع الوسيط بقدر ما يقرّبها أكثر من هدفها المتمثل في تحويل اليمن إلى منطقة مصدّرة للعنف إلى دول الجوار.
ولفتت المصادر السابقة إلى أن زيارة وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني إلى إيران، الاثنين، تصب في إطار جهود الدوحة للعب دور مزدوج باعتبارها وسيطا بين واشنطن وطهران في ما يتعلق بالملف النووي الإيراني وكذلك وسيطا في الملف اليمني لامتلاكها علاقات متينة مع الحوثيين ومع جماعة الإخوان المسلمين النافذة في “الشرعية”.
وسائل إعلام قطرية ذكرت إن وزير الخارجية حمل رسالة من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني على صلة بإعلان الدوحة عن استعدادها لتقريب وجهات النظر بين طهران وواشنطن بشأن الملف النووي. كما تزامنت الزيارة مع تصريحات أطلقها مسؤولون إيرانيون حول شروط التوصل إلى تسوية سياسية في اليمن.
ولم تستبعد المصادر وجود دور قطري خلف ذهاب المبعوث الأممي لليمن مارتن غريفيث إلى طهران، في زيارة هي الأولى من نوعها حول الملف اليمني، ووضع طهران على مائدة المشاورات النهائية المتصلة بإنهاء الحرب في اليمن.
وتحاشت الدوحة خلال الفترة الماضية إظهار أيّ علاقة مباشرة بينها وبين الحوثيين، واكتفت بدعمهم عن طريق توفير حاضنة سياسية إقليمية وقناة تواصل دولي لهم في العاصمة العمانية مسقط، كانت الدوحة تتحمل كل تكاليفها المادية.
غير أن سنوات الخلاف العلني بينها وبين دول ما كان يعرف بالمقاطعة شجعت قطر على إظهار دعمها الإعلامي للحوثيين عبر قناة الجزيرة التي تم افتتاح مكتب لها في صنعاء، وتبنّيها الخطاب الحوثي المعادي للتحالف بقيادة السعودية، وتسويق المبررات الحوثية للحرب.
ويتوقع المراقبون أن تنتقل قطر خلال الفترة القليلة المقبلة إلى مرحلة جديدة في إطار دورها الداعم للحوثيين في اليمن، مع شعورها بأنها أصبحت أكثر قوة وتحررا بعد التوقيع على اتفاق “العلا” الذي يبدو أنها لا تنوي تنفيذ أيّ استحقاق من استحقاقاته.
وتعمل الدوحة على قطف ثمار التحولات المتسارعة في المنطقة التي تخدم توجهاتها المعلنة والخفية وفي مقدمة ذلك السياسة الخارجية المرتبكة للإدارة الأميركية التي ساهمت -بحسب مراقبين- في تشجيع الحوثيين على التصعيد السياسي والعسكري، واستهداف الأراضي السعودية بوتيرة عالية، بالتزامن مع الهجوم على محافظة مأرب.
وبعد رفعها للجماعة الحوثية من قائمة المنظمات الإرهابية لم تتوقف واشنطن عن التأكيد على التزامها بحماية أمن حلفائها في المنطقة.
يوم الثلاثاء الماضي دعت واشنطن، الحوثيين إلى وقف تقدمهم نحو مدينة مأرب ووقف عملياتهم العسكرية والعودة إلى طاولة المفاوضات لإنهاء الأزمة في اليمن.
وقالت الخارجية الأميركية في بيان إن “اعتداء الحوثيين على مأرب هو عمل جماعة غير ملتزمة بالسلام أو بإنهاء الحرب التي مني بها الشعب اليمني”.
وأكدت أنه “إذا كان الحوثيون جادين في التوصل إلى حل سياسي تفاوضي فيجب عليهم وقف جميع عمليات التقدم العسكري والتوقف عن الأعمال الأخرى المزعزعة للاستقرار، بما في ذلك الهجمات عبر الحدود على المملكة العربية السعودية”.
ورد الحوثيون على التصريحات الأميركية بموجة جديدة من الهجمات باستخدام الطائرات دون طيار المفخخة على مطار أبها الدولي بجنوب السعودية.
المبعوث الأميركي الخاص إلى اليمن أكد أن بلاده لن تسمح باستهداف السعودية، داعيا إلى ضرورة أن تعزّز المملكة قدراتها من أجل الدفاع عن نفسها، وأشار إلى أن إيران تلعب دورا سلبيا في اليمن عبر تسليح الحوثيين وتدريبهم وتزويدهم بالأسلحة لاستهداف السعودية.
ويتحدث مراقبون للشأن اليمني عن وجود فجوة هائلة بين تصريحات الإدارة الأميركية المتعلقة باليمن وبين تحركاتها على الأرض التي تبعث بإشارات سلبية لطهران وذراعها العسكرية في اليمن، في الوقت الذي لا تبدي فيه واشنطن أيّ مواقف تتعدى التصريحات لطمأنة حلفائها الإستراتيجيين في المنطقة والذين يواجهون منذ ست سنوات مشروع التمدد الحوثي.