بايدن سيجري “نقاشاً طويلاً” مع بوتين بشأن الأزمة مع أوكرانيا
أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، في تصريحات للصحافيين لدى مغادرته إلى منتجع كامب ديفيد، إنه سيجري “نقاشاً طويلاً” مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن الأزمة بين روسيا وأوكرانيا، وإنه “لن يقبل خطوطاً حمراء” من جانب روسيا.
وأضاف بايدن: “نحن على دراية بتحركات روسيا منذ فترة طويلة، وأتوقع أننا سنجري نقاشاً طويلاً مع بوتين”، كما ذكرت شبكة “سي إن إن” الأميركية.
وقال: “أنا لا أقبل خطوطاً حمراء من أحد”، مشيراً إلى أنه على “اتصال مستمر” مع الحلفاء الأوروبيين والمسؤولين الأوكرانيين.
وأكد بايدن أنه يعد “مجموعة من المبادرات” لجعل الأمر أكثر صعوبة على بوتين في “القيام بما يشعر الناس بالقلق من أنه قد يفعله”، أي قيام روسيا بغزو أوكرانيا.
وتابع: “ما أفعله هو تجميع ما أعتقد أنه أكثر المبادرات شمولية وذات مغزى لجعل من الصعب جداً على بوتين المضي قدماً والقيام بما يشعر الناس بالقلق من أنه قد يفعله”.
وعندما طُلب من المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض الحصول على مزيد من التفاصيل حول مبادرات بايدن، قال لـ”سي إن إن”: “منذ بداية هذه الإدارة، أظهرنا أن الولايات المتحدة وحلفاءنا على استعداد لاستخدام عدد من الأدوات لمعالجة الإجراءات الروسية الضارة، ولن نتردد في الاستفادة من هذه الأدوات وغيرها في المستقبل”.
موسكو تستعد لهجوم عسكري
وكانت السلطات الأوكرانية أكدت الجمعة أن روسيا حشدت أكثر من 94 ألف جندي بالقرب من الحدود الأوكرانية، وذلك نقلاً عن تقارير للاستخبارات تشير إلى أن موسكو ربما تستعد لهجوم عسكري واسع النطاق في نهاية يناير.
وقالت مصادر استخباراتية لشبكة “سي إن إن”، إن القوات الروسية المتمركزة على طول الحدود الأوكرانية تمتلك قدرات عالية تمكنها من تنفيذ غزو سريع وفوري.
وأشارت المصادر إلى أنه من بين تلك القدرات إقامة خطوط إمداد مثل الوحدات الطبية والوقود ما يمكنها من الاستمرار في صراع طويل الأمد.
وتقول مصادر لـ”سي إن إن”، إن التفاصيل الجديدة بشأن الحشد الروسي تؤكد قلق المسؤولين الأميركيين المتزايد بشأن تلك التحركات، إذ يمكن للمستويات الحالية للمعدات المتمركزة في المنطقة أن تزود قوات الخطوط الأمامية لمدة من 7 إلى 10 أيام، بالإضافة إلى وحدات دعم أخرى تصل لمدة شهر.
175 ألف جندي روسي
وفي السياق ذاته، ذكرت صحيفة “واشنطن بوست” الجمعة، أن روسيا تستعد لشن هجوم يشارك فيه ما يصل إلى 175 ألف جندي اعتباراً من العام المقبل.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول أميركي كبير طلب عدم كشف هويته، أن موسكو تستعد لإطلاق “مئة كتيبة مكونة من مجموعات تكتيكية، بقوة تقدر بنحو 175 ألف رجل، إلى جانب دبابات ومدفعية ومعدات أخرى”.
ورداً على سؤال لوكالة “فرانس برس”، رفضت وزارة الدفاع الأميركية التعليق على معلومات تتعلق بالاستخبارات، لكنها قالت إنها “قلقة جداً من الأدلة على خطط لروسيا لتحركات عدوانية ضد أوكرانيا”.
ونقلت “واشنطن بوست” عن وثيقة عسكرية أميركية أن القوات الروسية تقوم بالتموضع في أربعة مواقع مختلفة بخمسين مجموعة قتالية تكتيكية.
هجوم في وقت قصير جداً
إلى ذلك، قال النائب الديمقراطي مايك كوجلي من إلينوي، وعضو لجنة الاستخبارات بمجلس النواب، لـ”سي إن إن”، إنه يعتقد أن روسيا في وضع يمكنها من الغزو “وقت ما تريد”، مضيفاً أن “قدرات موسكو ستكون بمثابة حرب خاطفة في العصر الحديث”.
وصرح مسؤول كبير في الإدارة الأميركية بأن الولايات المتحدة “علمت بإرسال قوات روسية إضافية إلى المنطقة الحدودية في الأيام الأخيرة”، من دون ذكر عدد محدد.
وقال مسؤولون إنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كان بوتين يعتزم الغزو أو ما إذا كان الحشد مجرد تهديد للحصول على تنازلات من الغرب.
لكن الاستعداد العسكري الواضح أثار مخاوف المسؤولين الغربيين، الذين يقولون إن روسيا تعد نفسها لتكون قادرة على شن هجوم في وقت قصير جداً، وفقاً لـ”سي إن إن”.
وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكين قال للصحافيين الأربعاء، إنه “يجب أن نستعد لجميع الحالات الطارئة”، لافتاً إلى أنه “إذا رفضت روسيا الدبلوماسية وغزت أوكرانيا، فسنكون مستعدين للتحرك”.
أوكرانيا والناتو
وقال مسؤول استخباراتي غربي كبير، إن روسيا تحاول “تمهيد الطريق لتكون جاهزة لإجراء عملية واسعة النطاق إلى حد ما” في أوكرانيا، في محاولة لإجبار كييف على الابتعاد عن انجرافها إلى فلك أوروبا الغربية وحلف شمال الأطلسي (الناتو).
إلا أن روسيا نفت أخيراً أن لديها أي خطط لمهاجمة أوكرانيا، لكنها طالبت أيضاً بضمانات أمنية من الغرب، مثل تعهدها بأنها لن تسمح لأوكرانيا بالانضمام إلى “الناتو”.
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قال الخميس: “إذا كان الناتو لا يزال يرفض مناقشة هذا الموضوع أو الضمانات أو الأفكار التي طرحها الرئيس بوتين، فسنتخذ بالطبع إجراءات لضمان أن أمننا وسيادتنا وسلامة أراضينا لا تعتمد على أي شخص آخر”.
ولا تزال الولايات المتحدة تدرس نوع المساعدة العسكرية التي يجب إرسالها إلى أوكرانيا في مواجهة التعزيزات الروسية.
أسلحة أمريكية لأوكرانيا
من جهتها، تحاول أوكرانيا تعزيز أمنها خصوصاً في البحر الأسود، اعتماداً على الأسلحة الأميركية. وفي هذا الإطار، أشارت مصادر لـ”سي إن إن”، إلى أن كييف ستفوض زوارق دورية عسكرية جديدة، قدمتها الولايات المتحدة، في الأيام المقبلة لتعزيز مهامها في البحر الأسود.
وقالت المصادر إن الولايات المتحدة تخطط لإرسال المزيد من الأسلحة المضادة للدبابات مثل صواريخ “جافلين”، لكنها تراجعت في الوقت الحالي عن تزويد أوكرانيا بصواريخ أرض – جو ، مثل “ستينجر”، التي تعتبرها روسيا “استفزازية”.
وحذرت الولايات المتحدة وحلفاؤها في أوروبا والناتو، روسيا من عقوبات اقتصادية شديدة إذا تحركت لغزو أوكرانيا.
لكن المسؤول الاستخباري الغربي الكبير قال للشبكة الأميركية، إن”المسؤولين الغربيين يترددون في الانجرار إلى صراع عسكري مباشر مع روسيا، وهو ما تتفهمه موسكو”.
وأضاف: “إذا هددت بالقوة، وأبقيت قوتك في الميدان، وكانت تدخلات الغرب سياسياً وعسكرياً معتدلة أو معدومة، فهذا يشجعك”.
وتابع “بشكل عام، أعتقد أن الهدف هنا هو أن أوضح أنني على استعداد لتحمل هذه المخاطرة الكبيرة واستخدام القوة وأراهن أنك غير راغب في التعامل معي وخسارة الأرواح”.
رقصة التانجو
ويضغط المسؤولون الغربيون من أجل حل دبلوماسي لخفض التوترات والتنفيذ الكامل لاتفاقيات مينسك التي وقعتها أوكرانيا وروسيا في عام 2015.
وفي تصريحه الخميس، قال بلينكن: “رقصة التانجو تحتاج إلى شخصين، وإذا كان… أصدقاؤنا الروس على استعداد لتنفيذ التزاماتهم بموجب مينسك وكان أصدقاؤنا الأوكرانيون كذلك، فسندعم ذلك تماماً، وهذه هي أفضل طريقة لتجنب تجدد الأزمة في أوكرانيا”.
وأضاف “وكما أوضحنا لموسكو، فإننا نحث أوكرانيا أيضاً على مواصلة ممارسة ضبط النفس”.