بريكست… قضايا شائكة بانتظار بريطانيا
مفاوضات شاقة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي أفرزت في النهاية اتفاق خروج وضع الملامح الكبرى لـ”طلاق” ستعقبه محادثات صعبة في ظل إصرار بروكسل على إعطاء مباحثات الوضع النهائي للعلاقة وقتا كافيا.
وبحصوله على الموافقة الملكية، الخميس الماضي، عقب مصادقة الملكة إليزابيث الثانية رسميا عليه، يصبح الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي لـ”بريكست” قانونا نافذا تغادر المملكة التكتل بموجبه في تمام الساعة (23:00 ت.غ) من ليل الجمعة المقبل.
من جانبها، أعلنت رئاسة الاتحاد الأوروبي، بمقرها في العاصمة البلجيكية بروكسل، أن رئيس مجلس الاتحاد شارل ميشال، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، وقعا الجمعة على اتفاقية انسحاب بريطانيا من عضوية التكتل.
فيما من المقرر أن تطرح هذه الاتفاقية، الأربعاء المقبل، للتصويت في جلسة عامة للبرلمان الأوروبي في بروكسل، ليتم إثر ذلك اعتماد الاتفاق من قبل الدول الأعضاء في إطار إجراءات مكتوبة.
بعد اعتماد الاتفاق من البلدان الأعضاء بالتكتل الأوروبي، من المرتقب أن يوافق دبلوماسيون من هذه الدول على الاتفاق، بشكل كتابي يقدم الخميس المقبل، لتكتمل بذلك جميع إجراءات خروج منظم لبريطانيا من تكتل القارة العجوز.
وبحلول الموعد المذكور، تدخل بنود الاتفاق الذي تم التوصل إليه بعد مفاوضات شاقة، حيز التطبيق، تجسيدا لرغبة البريطانيين الذين صوتوا لصالح بريكست في استفتاء جرى منتصف عام 2016.
في الأثناء، يصر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون على إتمام مفاوضات الوضع النهائي للعلاقة بين لندن وبروكسل مع نهاية العام الحالي، كما هو متفق عليه مسبقا.
ووفق تقارير إعلامية، فإن جونسون أبلغ فون دير لاين برغبة حكومته في إبرام “اتفاق تجارة حرة طموح، لكن دون أن يستند ذلك إلى إلزام بريطانيا بقواعد الاتحاد الأوروبي”، على أن يتم ذلك بشكل سريع وقبل نهاية العام الجاري.
في المقابل، تصر رئيسة المفوضية الأوروبية على إعطاء مفاوضات الوضع النهائي للعلاقة وقتا كافيا، محذرة لندن من أنها قد تخسر دخولها المفتوح إلى السوق الأوروبية في حال رفضت تمديد محادثات الشراكة بعد خروجها من التكتل إلى ما بعد 2020.
تباين في وجهات النظر حول الحيز الزمني لمحادثات ما بعد الخروج، يمنح بريطانيا 11 شهرا فقط حتى نهاية العام، لتتفق مع الاتحاد الأوروبي على شراكة اقتصادية جديدة تشمل بالأساس التجارة وقواعد حماية البيانات.
لكن بروكسل تصر على أن هذا الحيز الزمني غير كاف للتفاوض حول جميع الملفات، وقالت دير لاين في خطاب ألقته قبل أيام بكلية لندن للاقتصاد: “ستكون هناك محادثات صعبة مقبلة، وسيقوم كل جانب بما هو أفضل له، لكن من المستحيل التفاوض على كل ما ذكرته والملفات الأخرى كذلك”.
ولفتت إلى أنه طالما أن لندن متمسكة بعدم تمديد الموعد النهائي، فإنه “سيتعين علينا تحديد الأولويات، طالما أننا نواجه هذا الموعد النهائي وهو نهاية 2020”.
وكان مجلس اللوردات قد أجرى تغييرات عديدة على التشريع أول الأسبوع الماضي شملت مادة لتأكيد حماية أطفال اللاجئين بعد تطبيق الخروج من الاتحاد الأوروبي.
لكن مجلس العموم الذي يتمتع جونسون بأغلبية كبيرة فيه، صوت لرفض التغييرات التي اقترحها مجلس اللوردات والتي بينها ما يتعلق بحقوق مواطني دول الاتحاد الأوروبي في بريطانيا بعد بريكست.
وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، أسدل الستار على أزمة “بريكست” داخل البرلمان بعد الفوز الساحق لحزب المحافظين البريطاني بالانتخابات البرلمانية المبكرة، ما منح جونسون تفويضا شعبيا للمضي قدما في تنفيذ اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي نهاية يناير/كانون الثاني المقبل.
وسيدخل البريطانيون بعد مغادرتهم الاتحاد الأوروبي في 31 يناير/كانون الثاني فترة انتقالية حتى 31 ديسمبر/كانون الأول، يواصلون خلالها تطبيق القوانين الأوروبية. وستناقش تفاصيل العلاقة الجديدة خلال تلك الفترة.
بمجرد خروج بريطانيا، ستقدم المفوضية الأوروبية توكيل تفاوض للدول الأعضاء يتعين أن تصادق عليها الدول الـ27 أثناء اجتماع وزاري في 25 فبراير/شباط، ويمكن حينها الانطلاق رسميا في المفاوضات.
وفي 1 يوليو/تموز المقبل يجب بحلول هذا التاريخ اتخاذ قرار بتمديد الفترة الانتقالية -أي التفاوض- أم لا، لعام أو عامين. لكن سبق لرئيس الحكومة البريطانية بوريس جونسون أن رفض أي تمديد.