بناء الشخصية الإرهابية عند الإخوان
تهتم جماعة الإخوان الإرهابية بكل ما يُشكل وعي عضو التنظيم منذ انضمامه للجماعة، حتى بناء الشخصية المنحازة للعنف.
والعنف عند أفراد تنظيم الإخوان الإرهابي ليس اختيارًا شخصيا للأتباع، وليس قرارًا سياسيا تتخذه قيادة التنظيم، فيسير خلفه كل أفراد “صف الإخوان”، ولكنه جزء من الوعي الذي تُشكله الجماعة الإرهابية عبر لقاءات الأسر الأسبوعية -لقاءات دورية- ينتظم فيها كل الإخوان بلا استثناء، وهو جزء من مشروع بناء الشخصية داخل الجماعة.
هدف الجماعة من بناء الشخصية الإخوانية هو إكسابها صفاتٍ تتوافق مع برامج الجماعة ومستهدفاتها، فالجماعة كلها ذات شبه واحد، بسبب وحدة المَعين الذي يستقي منه كل الإخوان سماتهم.
يمر عضو التنظيم بعدة اختبارات نفسية وتربوية حتى يتم اختياره كي يكون عضوًا، ثم تقوم الجماعة عبر برامجها ببناء شخصيته وتكوينه الفكري والأيديولوجي، وهي مهمة تستمر مع فرد التنظيم منذ أن ينضم للجماعة حتى وفاته، فكلما كانت الشخصية أقدم في علاقتها بالتنظيم، كانت أكثر انحيازًا للعنف.
وقد تقبل الجماعة أن يتخلف بعض أعضائها عن أنشطة وفعاليات التنظيم، غير أنها ترفض أن يغيب الأعضاء عن محاضرات التربية، الفكرة المؤسسة للجماعة وعصبها.. فالجماعة تُريد شخصية لديها قدر غير محدود من السمع والطاعة والولاء المطلق للتنظيم، أكثر من ولائها للدين أو الوطن أو عائلته، فضلا عن أنها تُريد من عضو التنظيم أن يكون “مشروع انتحاري”، أي يموت مقابل تحقيق أهداف الجماعة السياسية.
وقد انتبه المؤسس حسن البنا في السنوات الأولى لتنظيمه إلى أهمية بناء شخصية عضو التنظيم، لذلك عمد إلى أن تكون شخصيات الإخوان متشابهة، وبالتالي من الخطأ تقسيم الإخوان بين مدرستين، إحداهما دعوية والأخرى سياسية أو منحازة للعنف، فالتنظيم كله مدرسة واحدة، وكل أعضائه منحازون للعنف، بعيدًا عن الدور الفاعل لكل عضو.
لذلك إذا أردت أن تفهم جماعة الإخوان الإرهابية فعليك فهم شخصية عضو التنظيم، المكون الأساسي أو الوحدة الأولى، فقد تستطيع أن تقرأ التنظيم من داخله وليس من خارجه بخلاف الأحزاب السياسية أو بعض المكونات الاجتماعية، خاصة أن شخصية عضو التنظيم تحمل ألغازًا كثيرة، هي ثمار برامج بنائه.
بعد مرور نحو عامين من انضمام العضو لتنظيم الإخوان الإرهابي وخضوعه لبرامجه، يتم اختباره لينضم رسميا للجماعة كـ”عضو عامل”، هذه الاختبارات تكون معقدة وتحتاج إلى موافقة قيادة التنظيم، كثير منها له علاقة بتزكيته من قبل من يتعاملون معه، بالإضافة إلى جزء آخر نفسي، والشرط في انضمام عضو التنظيم بصورة رسمية بعد هذا الوقت أن يكون قد أكمل بناء شخصيته على النحو الذي ترضى عنه الجماعة.
أول شروط شخصية عضو الإخوان أن يكون منحازًا للعنف، لذلك تّدرّس الجماعة أبناءها رموزا وشخصياتٍ من أبناء الإرهاب والتطرف الدموي، ليكون من السهل استدعاء السلوك العدواني في الإخواني في أي لحظة باعتباره جزءا من تكوينه الروحي والفكري.
شكري مصطفى، أبو بكر البغدادي، أسامة بن لادن، هذه شخصيات تم تأهيلها داخل التنظيم، أولهم أنشأ “جماعة التكفير والهجرة” أو ما كان يُطلق عليه “جماعة المسلمين”! والثاني أنشأ تنظيم “داعش” الإرهابي، والثالث أنشأ تنظيم القاعدة الإرهابي، وهذه نماذج تمثل غيضا من فيض من الرموز التي تقدم لعوض الجماعة الناشي باعتبارها تمثل الإسلام.
لا بد أن يتركز مشروع الباحثين على قراءة شخصية الإخواني منذ نشأته، سواء كيفية تشكيل الشخصية ومحاولة فهمها، أو الطريقة التي يتم التعامل بها معه، فلا يمكن لأي مواجهة مع تنظيم الإخوان الإرهابي أن تكون ذات أثر إذا أغفلت قراءة التنظيم من الداخل، وتفكيك الشخصية الإخوانية وتحليل محتوى وعيها على مر السنوات الطوال، فهذا تمهيد للإلمام بكل ما يُشكل وعي الجماعة، واستشراف ما قد تقوم به أو ما تمثله من خطر، وهو جزء من المواجهة الحتمية.