بن كيران يقود إخونجية المغرب نحو الاندثار
استفراد بالقرارات وعمليات إقصاء وتهميش لمعظم المحسوبين على تيار القيادة السابقة
تشير الوقائع أن رئيس إخونجية المغرب عبد الإله ابن كيران، يمضي نحو الاجهاز على ما تبقى من ركام لحزب العدالة والتنمية الإخونجي، وأن نهج الإصلاحات الجذرية التي وعد بها في مسار الحزب، تحول إلى نهج سياسات التصفية المعنوية والانفراد بالتدبير، ما يقود الحزب نحو ما دون قاع الأزمة التي يغرق فيها من فترة
فالرجل الذي قدم نفسه في وقت سابق طوق نجاة للحزب من الأزمة التي هوت به إلى قاع المشهد السياسي المغربي، ومنحته عقاباً ديمقراطياً قاسياً رتبه في ذيل الانتخابات التشريعية والمحلية.
وخلال الفترة الأخيرة، يُشرف عبد الإله ابن كيران بشكل شخصي على عملية تجديد الهياكل المحلية للحزب، في عدد من المدن والجهات المغربية، وذلك في أعقاب المؤتمر الاستثنائي الأخير.
العملية وإن كانت في ظاهرها تعزيز للخيار الديمقراطي، وعكس لإرادة القواعد في اختيار القيادات الجديدة، إلا أن رئيس إخونجية المغرب يُريد لها وجهاً آخر، يتمثل في الاستبداد بتدبير الحزب وتصفية مُعارضيه وإخراس أصواتهم، حسبما يورد مصدر من داخل الحزب.
المصدر الذي فضل عدم الكشف عن هويتها، أكد أن انتخابات تجديد الهياكل المحلية، تسبقها عمليات كولسة واسعة، والغرض منها واحد: “إقصاء وتهميش كُل صوت ينتقد ابن كيران، أو أولئك المحسوبين على تيار القيادة السابقة”.
اقصاء المعارضين
أولى خطوات رئيس الإخونجية الإقصائية، تمثلت في عدم استدعاء المحسوبين على التيارات المعارضة له، أو أولئك المعروفين بآرائهم الجريئة والمنتقدة لقراراته، عدم توجيه دعوات إليهم لحضور الجموع العامة الإقليمية لاختيار المنتدبين بالمؤتمرات الجهوية دون تقديم أي سبب واضح.
“إنه الاستبداد والانفراد بالقرار السياسي تحت مُسمى الديمقراطية الداخلية”، يقول المصدر، مؤكداً أن القيادة الجديدة تجاهلت العديد من المراسلات التي وجهها أعضاء غاضبون من هذا الوضع في مختلف المدن، إلى الأمانة العامة للحزب.
واعتبر المصدر أن من شأن ما يقوم به عبد الإله إبن كيران ومن معه، تعميق الأزمة التي يعيشها الحزب، عوض إخراجه من براثينها، خاصة أن الأمر يتعلق بإقصاء مجموعة من الكفاءات التي أثبتت نشاطها الكبير داخل التنظيم دون طلب أي مقابل.
ولا ذنب لمن تم إقصاؤهم، سوى التمتع بآراء مستقلة، ورفض الانصياع وراء تعليمات القيادة، تحت مُسمى “السمع والطاعة”، يورد المصدر.
وتأسف عن ما يعيشه الحزب، على اعتبار أن هذه السلوكيات التي تتنافى وروح العمل الجماعي، من شأنها حرمانه من أشخاص أبانوا عن تفان كبير في العمل الحزبي، بل أن بعضهم مول حملات انتخابية للحزب من ماله الخاص دون طلب أي تعويض أو مقابل.
وعوض مُحاسبته للأعضاء الذين استغلوا فترة تدبير الحزب للشأن العام لتحقيق أرباح شخصية، أو الوصول إلى مراكز معينة على حساب القواعد الساذجة، يمضي ابن كيران في سياق تصفية المُعارضين له داخل الحزب، وإبعادهم عن مراكز القرار. يستغرب المصدر ذاته.
هجرة جماعية
ويرفض المئات من نُشطاء الحزب العودة إلى صفوفه، يورد المصدر، مُرجعاً ذلك إلى مسألتين، الأولى الفشل الذريع في الانتخابات الأخيرة، والثاني سياسات ابن كيران الإقصائية.
وكشف المصدر أن المؤتمرات الجهوية الأخيرة التي يُنظمها الحزب عرفت حضوراً محدوداً للأعضاء، ومقاطعة كبيرة لوجوه بارزة على المستوى المحلي.
هذا الوقع الكارثي للتنظيم الإخونجي، يوازيه هجرة جماعية لنشطاء الحزب نحو تنظيمات سياسية تمنح مساحات اشتغال أكثر، وتشجع روح المبادرة وتتقبل الانتقاد والرأي الآخر.
السبب الآخر لهذا الهروب، بحسب ذات المصدر، يرجع إلى عدم توفر الزعيم، كما يحلو لأنصاره والمستفيدين من سياساته مُناداته، لمشروع سياسي، أو أي تصور لدخول الانتخابات المقبلة في عام 2026.
وختم المصدر بالقول إنه على ابن كيران ومن معه التعلم من أخطاء الماضي، مع تجاوز منطق “الإقصاء أو الاستعلاء أو المغالبة أو الركون إلى القوة أو الاحتكام إلى الكثرة”، حتى لا يجد نفسه معزولاً ووحيداً في المشهد السياسي.