بوتين: العالم يتغير بسرعة ولن يعود كما كان

"أوروبا تُدفع بشكل متزايد إلى هامش التنمية الاقتصادية العالمية"

خلال مؤتمر صحافي في مبنى وزارة الخارجية الروسية، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الجمعة، أن العالم يتغير بسرعة كبيرة، وأنه لن يعود كما كان من قبل، لا في السياسة ولا في الاقتصاد، معتبراً أن أسس النظام العالمي متعدد الأقطاب تتشكل على أساس الواقع الجديد.

وحدد بوتين شروط بلاده لإجراء محادثات سلام مع أوكرانيا، قائلاً، “ما أن تبدأ كييف (..) سحب قواتها فعلاً من مناطق دونيتسك ولوغانسك وخيرسون وزابوريجيا، وتبلغنا بتخليها عن مشروع الانضمام إلى الناتو، سنصدر فوراً أمراً لوقف إطلاق النار وبدء المفاوضات”.

وقلل بوتين من أهمية القمة المقررة الشهر الجاري في سويسرا لبحث إقرار السلام في أوكرانيا، فيما أكد على أن التقارير حول عزم روسيا مهاجمة أوروبا “تكهنات”، ووصفها بأنها “هراء مطلق وتبرير لسباق التسلح فيما يأتي الخطر الحقيقي على أوروبا من الولايات المتحدة”.

وبشأن مصادر الأموال الروسية، قال الرئيس بوتين إنه “بسرقة الأصول والأموال الروسية يخطو الغرب والأميركيون خطوة أخرى نحو تدمير النظام الذي أنشأوه بأنفسهم”، موضحاً أن انعدام الثقة في العملات الغربية آخذ في الازدياد، وبات العالم يدرك أن أي شخص يمكن أن يكون التالي، مؤكداً على أنه “إذا أرادت أوروبا أن تبقى كأحد المراكز المستقلة للتنمية العالمية والأحزمة الثقافية والحضارية للكوكب، فمن دون شك يلزم أن تكون لها علاقة جيدة وودية مع روسيا، ونحن، وهذا هو الأمر المهم، مستعدون لذلك”، وفق ما أوردته وكالة “سبوتنيك”.

الحملة الدعائية المناهضة لروسيا

وأشار بوتين إلى أن علاقات روسيا مع عدد من الدول الأوروبية “تدهورت، لكن ليس بسبب خطأ روسيا”، قائلاً إن “الحملة الدعائية المناهضة لروسيا، والتي تشارك فيها شخصيات أوروبية رفيعة المستوى، مصحوبة بتكهنات بأن روسيا ستهاجم أوروبا، لقد تحدثت عن هذا عدة مرات، وليس هناك ما يمكن تكراره في هذه القاعة، ونحن جميعاً نفهم أن هذا هراء مطلق، وهو المبرر الوحيد لسباق التسلح”.

وتابع بوتين: “إن الخطر على أوروبا لا يأتي من روسيا، فالتهديد الرئيسي للأوروبيين يكمن في الاعتماد الحاسم والمتزايد والذي يكاد يكون شبه كامل، على الولايات المتحدة في المجالات العسكرية والسياسية والتكنولوجية والأيديولوجية والمعلوماتية (…) أوروبا تُدفع بشكل متزايد إلى هامش التنمية الاقتصادية العالمية، وتغرق في فوضى الهجرة وغيرها من المشاكل الحادة، وتُحرم من الذاتية الدولية والهوية الثقافية”.

العالم يتغير بسرعة كبيرة

وأكد بوتين أن العالم يتغير بسرعة كبيرة، وأنه لن يعود كما كان من قبل، لا في السياسة ولا في الاقتصاد، معتبراً أن أسس النظام العالمي متعدد الأقطاب تتشكل على أساس الواقع الجديد، لافتاً إلى أن إرساء مبادئ التعددية القطبية في الشؤون الدولية “يسمح للجميع بحل المشاكل الأكثر تعقيداً معاً”.

وقال بوتين بهذا الصدد إن “المزيد والمزيد من الدول تسعى لتعزيز السيادة والاكتفاء الذاتي والهوية الوطنية والثقافية، وبلدان الجنوب والشرق في العالم تأتي في المقدمة، ودور إفريقيا وأميركا اللاتينية آخذ في الازدياد. تحدثنا دائماً، منذ الحقبة السوفييتية، عن أهمية هذه المناطق في العالم، لكن الديناميكيات اليوم مختلفة تماماً”.

وفي تعليقه على التعددية القطبية، قال بوتين: “على أساس الواقع السياسي والاقتصادي الجديد بالذات، تتشكل اليوم معالم نظام عالمي متعدد الأقطاب ومتعدد الأطراف، وهذه عملية موضوعية (…) إن تأكيد مبادئ التعددية القطبية، والتعددية في الشؤون الدولية، بما في ذلك احترام القانون الدولي، والتمثيل الواسع، يسمح لنا معاً بحل المشاكل الأكثر تعقيداً، وبناء علاقات متبادلة المنفعة”.

الاندماج السلس في “بريكس”

ولفت بوتين إلى أن بلاده ترى اهتماماً متزايداً من الدول في صيغة “بريكس”، مؤكداً على أن روسيا ستعمل على تسهيل الاندماج السلس للمشاركين الجدد في هذه المنظمة، مشيراً في ذات الوقت إلى أن موسكو “مهتمة بتطوير الحوار في الأمم المتحدة حول إنشاء نظام أمني غير قابل للتجزئة”.

وفي سياق آخر، اعتبر بوتين أن القوى الغربية بقيادة الولايات المتحدة، اعتقدت أنها انتصرت في الحرب الباردة وبإمكانها تحديد النظام العالمي وأجابت على أسئلة روسيا بأعذار، مضيفاً أن موسكو “كانت تعرض باستمرار حلولاً أمنية بناءة على شركائها الأجانب، لكن كل المحاولات باءت بالفشل في العثور على إجابة”.

وفي سياق متصل، أكد بوتين أن النظام الأمني ​​الأورو أطلسي إنهار، ولابد من إنشاء نظام جديد، وعلق قائلاً: “أتيحت للمجتمع الدولي فرصة فريدة لبناء نظام موثوق وعادل في مجال الأمن. وهذا لا يتطلب الكثير، قدرة بسيطة على الإصغاء إلى آراء جميع الأطراف المعنية واستعداد متبادل لأخذها في الاعتبار. أشرنا باستمرار إلى خطأ مسار الغرب ونشهد انهيار الأمن الأوروبي الأطلسي. في الواقع، نحن بحاجة إلى إعادة إنشائه من جديد وصياغة معالم لأمن جديد في أوراسيا”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى