بوتين في الإمارات … شراكات على الأرض في الفضاء
زار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين العاصمة الإماراتية أبوظبي الثلاثاء في مسعى لجذب المستثمرين العرب إلى مختلف قطاعات الاقتصاد الروسي، وتم إبرام اتفاقيات تزيد قيمتها عن مليار دولار.
ووصل بوتين إلى الإمارات بعد يوم من زيارة قام بها إلى السعودية، وتم فيها تتويج التقارب بين موسكو والرياض عبر التوقيع رسميا على ميثاق التعاون بين “أوبك” والدول المنتجة خارج المنظمة، وعلى مذكرات تفاهم واتفاقيات.
وتأتي هذه الجولة بينما وصلت العلاقات بين روسيا والغرب إلى أدنى مستوياتها منذ نهاية الحرب الباردة، وفي وقت يعاني فيه الاقتصاد الروسي بشدة منذ استهدافه عام 2014 بعقوبات اوروبية وأميركية بسبب دوره في الأزمة الأوكرانية.
وكان في استقباله في المطار ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان. ورفعت الأعلام الإماراتية والروسية في شوارع المدينة.
وقال بوتين “الشركاء الروس لا يقومون بتضليلكم. عائدات هذه الاستثمارات أعلى بكثير مقارنة بتلك التي في أسواق الدول الأخرى”.
وتم توقيع ست اتفاقيات للتعاون خاصة في مجال الطاقة، واخرى للاستثمارات المشتركة بين صندوق الاستثمار المباشر الروسي وصندوق مبادلة الإماراتي، بعد المحادثات التي جرت بين الرئيس الروسي وولي عهد أبو ظبي.
وفي تصريحات علنية نادرة في بداية اللقاء مع بوتين، قال ولي عهد أبو ظبي “نتطلع إلى تعزيز العلاقات بين الإمارات وروسيا في جميع المجالات التي تخدم الدولتين، (…)، ونرحب ونثمن الارتقاء بالعلاقات بين البلدين إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية”.
وأكد مستشار الكرملين يوري أوشاكوف للصحافيين قبل أيام من الزيارة أنه “من بين دول الخليج، فإن الإمارات العربية المتحدة هي رائدة التبادل التجاري مع روسيا”. وفي عام 2018، بلغت قيمة التبادل بين البلدين 1,7 مليار دولار.
وقال وزير الاقتصاد الروسي ماكسيم اورشكين للصحافيين في الرياض إن “مستوى العلاقات مع الإمارات متقدم للغاية”.
وكان صندوق الاستثمار المباشر الروسي قدر قيمة الاتفاقيات بأكثر من 1,3 مليار دولار بين البلدين.
وتأتي زيارة بوتين في وقت تشهد المنطقة توترا بين دول خليجية وإيران، حليفة موسكو.
وأكد رئيس صندوق الاستثمار المباشر الروسي كيريل ديمترييف في بيان أن “روسيا والإمارات العربية المتحدة لديهما الكثير لتقديمه عبر تبادل التكنولوجيا والاستثمارات”.
وأضاف “لدينا شراكات ليس فقط على الأرض بل أيضا في الفضاء”، موضحا أن “إمكانيات التعاون غير محدودة”.
وكانت روسيا أرسلت في نهاية ايلول/سبتمبر الماضي رائد الفضاء الإماراتي هزاع المنصوري (35 عاما) إلى محطة الفضاء الدولية في مهمة استمرت لثمانية أيام. ولقي استقبال الابطال في بلاده بعد عودته حيث أنه أول إماراتي يخرج الى الفضاء.
وكان الأمير السعودي سلطان بن سلمان آل سعود أول رائد فضاء عربي استقل مكوكا فضائيا أميركيا العام 1985. وبعده بعامين، أمضى الطيار السوري محمد فارس أسبوعا في محطة “مير” الفضائية التي كانت تابعة للاتحاد السوفياتي.
وقبيل اجتماعهما المغلق، التقى بوتين والشيخ محمد بن زايد لوقت قصير مع المنصوري ورائد الفضاء الإماراتي الاحتياطي سلطان النيادي.
وأكد بوتين على استعداد بلاده “لتقديم أي مساعدة ضرورية للإمارات العربية المتحدة في مجال الفضاء” بما في ذلك إطلاق الأقمار الصناعية.
وبحث بوتين أيضا النزاع السوري في محادثاته مع الرياض وأبو ظبي بعد إطلاق الجيش التركي في 9 من تشرين الأول/اكتوبر الماضي هجوما عسكريا ضد المقاتلين الأكراد في شمال شرق سوريا.
والثلاثاء، أعلن الموفد الروسي الخاص الى سوريا ألكسندر لافرنتييف أن موسكو لن تسمح بمواجهات بين الجيشين التركي والسوري.
ونقلت وكالة “تاس” الروسية عن لافرنتييف قوله من أبوظبي حيث يرافق بوتين في زيارته، “أعتقد أن مثل هذه المواجهات ستكون غير مقبولة ولا تصبّ في مصلحة أحد. ولذلك ، لن نسمح بأن تصل” الأمور الى هذا الحد.
وقال إن المسؤولين الأتراك والسوريين يجرون اتصالات لتجنب أي نزاع.
ويرافق بوتين أيضا في رحلته إلى السعودية والإمارات وفد هام من وزراء ومسؤولين روس كبار، بينهم رئيس الشيشان رمضان قديروف الذي يدير هذه الجمهورية بقبضة من حديد ويلقى دعما قويا من الرئيس الروسي.
والتقى قديروف الإثنين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي وصف زيارة بوتين إلى المملكة ب “التاريخية”، بحسب قديروف على حسابه على تطبيق تلغرام.
وأكد قديروف أنه “متأكد” أنه سيتم تعزيز علاقات روسيا مع “كل العالم الإسلامي”.