بوتين يبحث مع لوكاشينكو تعزيز الفضاء الدفاعي الموحد لروسيا وبيلاروس
الأوضاع في منطقة دونباس تهدد باندلاع حرب شاملة في أوروبا
خلال مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أن الولايات المتحدة لم تبد تصميماً على التعامل بشكل مناسب مع مطالب روسيا في إطار المحادثات حول ملف الضمانات الأمنية، فيما حذر لوكاشينكو من أن التصعيد العسكري الحالي حول منطقة دونباس جنوب شرق أوكرانيا يهدد باندلاع حرب ستشمل أوروبا بأكملها.
وقال بوتين، عقب لقاء مع لوكاشينكو اليوم الجمعة في موسكو: “تم بحث تعزيز الفضاء الدفاعي الموحد لروسيا وبيلاروس، اتفقنا على مواصلة اتخاذ كل الإجراءات الضرورية بشكل مشترك لضمان أمن البلدين في ظل الأنشطة العسكرية المتصاعدة لدول الناتو في الحدود الخارجية للدولة الاتحادية (الروسية البيلاروسية)”.
وتابع: “في هذا السياق أعطينا تقديرا عاليا لتدريبات الحزم الاتحادي 2022 التي ستستمر مرحلتها النشطة في بيلاروس حتى 20 فبراير، وعلي التأكيد على أن هذه التدريبات تحمل طابعا دفاعيا بحتا ولا تهدد أحدا”.
الاتصالات مع الغرب
وشدد الرئيس بوتين على أن وزارتي الدفاع الروسية والبيلاروسية أعلنتا مسبقا فكرة وأهداف هذه المناورات المخطط لها، والتي تجري بحضور عدد كبير من المسؤولين العسكريين الأجانب.
وذكر أنه أطلع لوكاشينكو بطلب منه على سير الاتصالات مع زعماء الدول الغربية حول ملف منح روسيا ضمانات أمنية مسجلة قانونيا وطويلة المدى من قبل الولايات المتحدة والناتو.
وأضاف بوتين: “بحثنا الأوضاع المتشكلة حول تمرير المطالب الروسية للغرب، والتي ترتكز أهمها على منع التوسع اللاحق للناتو، والتخلي عن نشر منظومات ضاربة قرب حدود روسيا، وإعادة القدرات العسكرية والبنية التحتية للحلف في أوروبا إلى الحالة التي كانت عليها عام 1997 وقت توقيع الوثيقة الأساسية روسيا-الناتو”.
وأردف: “كما قلت سابقا، لم تبد الولايات المتحدة والدول الأعضاء الأخرى في الحلف تصميما على التعامل بشكل مناسب مع هذه العناصر المحورية الـ3 لمبادرتنا”.
واستطرد بالقول: “وفي الوقت ذاته وضعت دول الناتو مجموعة أفكار خاصة بالأمن الأوروبي والصواريخ متوسطة وقصيرة المدى والشفافية العسكرية والتي لا تعارض روسيا مناقشتها”.
كل القضايا كحزمة واحدة
وشدد بوتين، “إننا مستعدون للمضي قدما في سبيل المفاوضات شريطة أن يتم النظر في كل القضايا كحزمة واحدة دون فصل المقترحات الروسية الأساسية، التي يمثل تطبيقها بالنسبة إلينا ضرورة مطلقة”، كما تطرق مع نظيره البيلاروسي إلى قضية النزاع الداخلي في أوكرانيا، مبينا: “أن عملية التسوية لا تزال معطلة، ولا تساعدها المشاورات التي نجريها مع شركائنا، على الرغم من كل جهودنا واتصالاتنا على مستوى المستشارين وزعماء الدول ضمن صيغة النورماندي”.
وأشار بوتين إلى أن “كييف لا تنفذ اتفاقات مينسك، وترفض على وجه الخصوص إجراء حوار مباشر مع دونيتسك ولوغانسك، وتقوض عمليا تطبيق الاتفاق حول إجراء تعديل في الدستور حول الصفة الخاصة لدونباس والانتخابات المحلية والعفو، أي بشأن كل المواضيع المحورية لاتفاقات مينسك”.
وأوضح أنه “تجري في أوكرانيا انتهاكات جماعية وممنهجة لحقوق الإنسان مع تسجيل قانون للتمييز بحق السكان الناطقين باللغة الروسية”.
وأردف: “أكدنا مع الرئيس البيلاروسي أن مفتاح إعادة السلام المدني في أوكرانيا وخفض التوتر حول هذا البلد يتمثل في تطبيق اتفاقات مينسك. وكل ما يجب على كييف القيام به هو الجلوس حول طاولة المفاوضات مع ممثلي دونباس وتنسيق الإجراءات السياسية والعسكرية والاقتصادية والإنسانية لإنهاء النزاع”.
وشدد الرئيس الروسي: “كلما حدث ذلك بشكل أسرع كلما سيكون ذلك أفضل، لكن للأسف ما نراه الآن هو تصعيد الأوضاع في دونباس”.
حرب ستشمل أوروبا
بدوره حذر الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، من أن التصعيد العسكري الحالي حول منطقة دونباس جنوب شرق أوكرانيا يهدد باندلاع حرب ستشمل أوروبا بأكملها.
وقال لوكاشينكو، أثناء مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في موسكو اليوم الجمعة: “بودي التأكيد على أنه لا يرغب أحد ليس في اندلاع حرب فقط بل وحتى في تصعيد أي نزاعات أيضا. لا نحتاج إلى ذلك، ليس البيلاروس ولا الروس”.
وحذر لوكاشينكو من أن تطورات الوضع في دونباس لم تعد تتوقف على أوكرانيا والدول المجاورة الأخرى، مضيفا: “من الواضح تماما لكم من يقف وراء تأجيج التوتر عند حدودنا”.
وتابع: “لأول مرة منذ عقود أصبحنا للأسف على شفا نزاع من شأنه أن يجر إلى دوامة القارة بالكامل تقريبا”.
وأشار الرئيس إلى أن التطورات الأخيرة حول دونباس تظهر بوضوح “غياب المسؤولية لدى بعض السياسيين الغربيين وحماقتهم”، مضيفا أن سلوك قادة بعض الدول المجاورة لروسيا وبيلاروس في هذه الظروف “لا يمكن تفسيره بالمنطق”.
وتابع في معرض تعليقه على آخر المستجدات في دونباس: “الناس هنا أصبحوا على استعداد للفرار وربما قد باشروا بالفرار كما هو معروف.. إنه أمر غير طبيعي”.
وأضاف لوكاشينكو أن بيلاروس وروسيا ستتخذان “خطوات مناسبة لحماية شعبيهما ودولتيهما”.
ويأتي هذا الكلام على خلفية إعلان سلطات جمهورية دونيتسك المعلنة ذاتيا جنوب شرق أوكرانيا عن بدء إجلاء مواطنيها المدنيين إلى روسيا، تحسبا لهجوم عسكري كبير من قبل قوات الحكومة الأوكرانية.
وجاء هذا الإعلان بعد تبادل حكومة كييف وجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين المعلنتين ذاتيا اتهامات بمخالفة اتفاقات مينسك وانتهاك نظام وقف إطلاق النار، وذلك بالتزامن مع استمرار كبار المسؤولين الغربيين في الحديث عن تخطيط روسيا لـ”غزو أوكرانيا”، على الرغم من نفي موسكو ذلك مرارا وتكرارا وإعلانها عن بدء انسحاب قواتها من الحدود بعد انتهاء التدريبات العسكرية.