تحقيق يكشف حملة التضليل التي نفذتها تركيا على تويتر خلال عدوانها على سوريا
كشف تحقيق لوكالة “أسوشيتد برس” Associated Press الأميركية عن دعم تركيا لحملات دعاية مزورة على “تويتر” للتأثير على الرأي العام العالمي بشأن عدوانها العسكري لشمال شرق سوريا ومناطق الأكراد حلفاء أميركا، ولم تكتف بهذه الحملات بل استخدمت صورا مسروقة من وكالة أجنبية لا تمس للأحداث السورية بصلة.
وفي التفاصيل يقول التقرير إنه عندما غزت القوات التركية شمال سوريا في أوائل أكتوبر الفائت، شن مؤيدو الغزو نوعاً مختلفاً من الحملات: هذه المرة كان ميدانها الإنترنت.
عشرات الصور المزورة انتشرت على “تويتر” و”إنستغرام” تظهر جنودا أتراكا يحتضنون الأطفال، ويطعمون الجياع ويحملون النساء المسنات، وحصدت هذه الصور على الكثير من الإعجابات، كما تمت إعادة تغريدها بشكل واسع ومنظم، وتمت مشاهداتها آلاف المرات بفضل “إعادة التغريد” (retweet) المزورة لهذه الصور.
ويضيف التقرير أنه باستثناء بعض الصور لم تكن معظم الصور حديثة، حيث تم أخذ بعضها من سوريا، ولا علاقة لها بالعدوان، كما أن صورا أخرى تمت سرقتها من قصص في أجزاء أخرى من العالم.
وتتبع الحملة عبر الإنترنت نمطاً من الدعاية الإعلامية والاجتماعية التي تسعى إلى التأثير على الرأي العام العالمي عندما تندلع أحداث دولية مثيرة للجدل.
ففي أغسطس، على سبيل المثال، أعلنت “تويتر” Twitter عن تعليق أكثر من 200,000 حساب يعتقد أن بكين تديرها للتغلب على الدعاية التي تستهدف الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية في هونغ كونغ. وسرعان ما تبع هذه الحملة موقع “يوتيوب” YouTube، حيث تم تعطيل أكثر من 200 مقطع فيديو يُعتقد أنه جزء من هجوم مضلل ومنسق ضد المظاهرات.
وفي الشهر الماضي، بدأت الصور تنتشر في الأيام التي تلت انتقاد الرئيس الأميركي دونالد ترمب على نطاق واسع بعد قراره سحب القوات الأميركية من الحدود، تمهيداً للهجوم التركي على الأكراد شمال شرق سوريا.
وبدت أن المنشورات الخاطئة والمضللة التي تروج لتركيا تحصل على دعم من شبكة منسقة من حسابات “تويتر” التي تضخم المحتوى من خلال إعادة التغريد، والهاشتغات Hashtags المتداولة على “تويتر”.
ويقول جديون بلوق، الرئيس التنفيذي لشركة “فاين سايت” VineSight، وهي شركة تكنولوجيا تتعقب المعلومات المضللة عبر الإنترنت، بعد مراجعة التغريدات المؤيدة لتركيا بناءً على طلب “أسوشيتد برس”: “هذه حملة غير طبيعية على تويتر. لقد تم فحص تحليل وتواتر التغريدات، واستخدام الصور ومواقع 6 حسابات في تويتر التي روجت للصور من بين أمور أخرى، حيث جميع الصفات تشير إلى سلوك غير موثوق”.
وقال بلوق: “يمكن للمرء أن يستنتج أن هذه الحسابات الآلية موجودة لرفع المحتوى ونشر الدعاية”.
ويضيف التقرير أن دعاية وسائل التواصل الاجتماعي هي تكتيك ناجح، حيث تقوم البلدان والجهات الفاعلة الأجنبية ببساطة بنسخ الأساليب التي استخدمها الروس لنشر معلومات خاطئة عن الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2016.
ومع بداية الغزو التركي لشمال سوريا، تم نشر عشرات الصور المضللة التي تمت مشاركتها على نطاق واسع بمساعدة الهاشتاغات الملمعة للعدوان التركي.
ومنذ بداية هذه الهاشتاغات كانت حسابات تويتر – التي تم إنشاء بعضها للتو في شهر سبتمبر – تتقاسم صوراً إيجابية ومضللة للجنود الأتراك، والتي تمت إعادة تغريدها مئات المرات. وكانت هذه التغريدات المصورة تحت الهاشتغات التركية مثل #TurkishArmyForThePeace و #TurkeyIsJustKilling Terrorists. وجاءت العديد من التغريدات من حسابات ادعت أنها مقرها في الشرق الأوسط.
وعلى سبيل المثال، التقطت صورة حديثة يفترض أنها تظهر جنديا تركيا يعطي فتاة سورية الماء، لكن هذه الصورة مزورة وهي من وكالة “أسوشيتد برس” ونشرت في عام 2015.
كما تم تداول صورة زُعم أنها تظهر امرأة سورية باللون البنفسجي يحملها جنود أتراك، وحصدت على إعادة تغريد بشكل واسع، ولكن في الواقع تمت سرقتها من وكالة “أسوشيتد برس” في عام 2010، أثناء عمليات الإجلاء من الفياضانات التي اجتاحت باكستان.
أيضا، تم نشر صورة حظيت بانتشار واسع على “تويتر” من قبل وزارة الدفاع التركية، بعد ساعات من إعلان البيت الأبيض في 6 أكتوبر أن القوات الأميركية ستمهد الطريق لهجوم تركي متوقع في شمال شرق سوريا.
وأظهرت الصورة التي استخدمتها مواقع الدعاية التركية جنديا تركيا راكعا وهو يمسك بيد فتاة صغيرة في سترة زرقاء على خلفية مركبة عسكرية مزينة بالعلم التركي. لقد تمت مشاركتها بواسطة مستخدمي “تويتر” في الأيام التالية، تحت هاشتاغ #TurkishArmyForThePeace.
وتضمنت تغريدة أخرى “لا تطلق تركيا مطلقا النار على المدنيين”، بحسب ما كتب أحد مستخدمي “تويتر” عند مشاركة الصورة.
ويقول تحليل “فاين سايت” بعد فحص العديد من الحسابات التي روجت لهذه الصور وغيرها من الصور المضللة المؤيدة لتركيا على “تويتر” في الأيام الأولى للغزو، إنه لم يعثر على علامات أنها روبوتات أوتوماتيكية فحسب، بل أشار أيضا إلى أن الغالبية العظمى من هذه الحسابات مدرجون في مواقع في باكستان.
وعلى الرغم من أنه من المستحيل تحديد من يقف وراء الحسابات باستخدام المعلومات المتاحة للجمهور فقط على الملفات الشخصية، إلا أن نتائج “فاين سايت” تشير إلى أنها جزء من شبكة أوتوماتيكية تروج لبعض الهاشتاغات بالريتويتات.
وقال يوئيل غرينشبون، نائب رئيس الأبحاث في “فاين سايت”: “من الصعب للغاية إنشاء مثل هذه الشبكة – يستغرق الأمر بعض الوقت والعمل اليدوي. أعتقد أنه شخص لديه موارد”.
ويضيف التقرير: لقد قامت تركيا باعتقال 452 شخصا انتقدوا العدوان التركي على “تويتر” ومواقع التواصل الاجتماعي الأخرى. كما تحكمت بنشر وجهة نظرها في الغزو التركي على “تويتر” ومنعت أي انتقادات.