تحولات في المشهد السياسي اليمني
في ظل التعقيدات وحالة الفراغ السياسي في اليمن، والتي تكشّفت بوضوح خلال السنوات الماضية، بدأت الأوساط السياسية اليمنية تتداول بكثافة اسم أحمد علي عبدالله صالح نجل الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح، كأبرز المرشّحين للاضطلاع بدور من الطراز الأوّل في المشهد السياسي اليمني الجديد، الذي ستفرزه التحوّلات العميقة التي يبدو البلد بصدد السير نحوها بثبات، وذلك بعد أن فشلت الشخصيات المتصدّرة للمشهد السياسي والممسكة بزمام القيادة في إدارة الأزمات والتخفيف من وطأتها على البلد وشعبه.
وقد تحوّلت العقوبات الأممية المفروضة على أحمد علي والتي تمّ تجديدها الأسبوع الماضي من قبل مجلس الأمن الدولي، إلى من كونها عائقا في طريق اضطلاع الرجل ذي الخبرة الواسعة بالشأن اليمني بدور سياسي في هذه المرحلة المعقدّة من تاريخ البلد، إلى نقطة قوّة في رصيده، حيث أبرزت الحملة الواسعة التي أطلقتها أوساط سياسية وإعلامية يمنية لرفع العقوبات عنه، مدى شعبيته وثقة السياسيين والمثقّفين من مختلف المشارب الفكرية في قدرته على القيام بدور في مستقبل البلد.
ومع الدفع الذي تشهده جهود إنهاء الحرب في اليمن وإطلاق مسار سياسي ينهي الأزمة سلميا، تلوح ملامح خارطة سياسية جديدة في اليمن، ترجّح مصادر يمنية ألا تستوعب الوجوه التي قادت المرحلة السابقة ولم توفّق في إدارتها، بدليل الفشل المزمن للحكومات المتعاقبة التابعة للشرعية بقيادة الرئيس عبدربه منصور هادي.
ولا تتردّد شخصيات سياسية يمنية في التساؤل عن موقع الرئيس اليمني نفسه في المشهد القادم بعد أن أصبح موضع انتقادات حادّة من قبل مختلف الأفرقاء، بما في ذلك المحسوبون على معسكر الشرعية.
ورأى المنخرطون في الحملة المساندة لأحمد علي والمطالبون برفع العقوبات عنه، أنّه أظهر منذ تنحّي والده عن منصب الرئاسة رصانة في التعامل مع التطوّرات اليمنية، وأفسح المجال أمام من تصدّوا لمسؤولية قيادة البلاد للعمل وتنفيذ رؤاهم، حتى أثبتت التجربة العملية فشلهم.
ويرى سياسيون وقادة رأي يمنيون ضرورة إعادة جمع شتات حزب المؤتمر الشعبي العام وتنظيم صفوفه من جديد، تحت راية شخصية قادرة على الجمع وتقريب وجهات النظر لتطويق الخلافات، التي تسرّبت إلى الحزب وحدّت من قدرته على أداء دوره خلال المرحلة الماضية.
ويعتبر هؤلاء أن أحمد علي قادر على الاضطلاع بهذا الدور، نظرا لشبكة العلاقات الواسعة التي أقامها طيلة سنوات عمله إلى جانب والده الراحل مع مختلف القيادات والفعاليات الحزبية، فضلا عن إلمامه بالكثير من التفاصيل والأسرار الخاصّة بالعمل الحزبي والشخصيات القائمة به ومدى كفاءتها وإخلاصها للمؤتمر.
وتفاعلا مع الحملة الهادفة إلى رفع العقوبات الأممية عنه، وصف أحمد علي في كلمة توجّه بها إلى أنصاره، تلك العقوبات بأنّها ظالمة و”كيدية وتعسفية افتقدت لكل معايير العدالة والإنصاف والإنسانية، ولا سند قانونيا أو شرعيا أو أخلاقيا لها، ولا مبررات منطقية لوجودها غير الاستهداف الشخصي والكيد السياسي، الذي لطالما كلف اليمن غاليا وفي مراحل عديدة”.
وأشار في كلمته إلى التزامه بكل الأوامر والقرارات التي اتّخذت في شأنه، منذ تسليم والده السلطة طوعا إلى نائبه آنذاك عبدربه منصور هادي، والالتزام “بأقصى درجات ضبط النفس والتحلي بالصبر والتروي والحكمة وعدم الإقدام على أي ردود فعل”، احتراما “للنظام والقانون وحفاظا على أمن البلاد واستقرارها وسلامتها وسلامة المواطنين ومصالحهم”.
كما نفى وجود أي خصومة له “مع الشرعية أو ضدها”، وقال “التزمنا الصمت إزاء الكثير من الأمور المحزنة في وطننا، ليس ضعفا أو تخاذلا، ولكن تجنبا للتفسير الخاطئ ولقيود العقوبات التي فرضت علينا تعسّفا ونكاية”.
كما دعا نجل الرئيس اليمني السابق إلى “إنهاء الحرب والتوجه نحو خيار السلام والمصالحة الوطنية الشاملة، وجعل الحوار وسيلة لحل كافة القضايا بين أبناء الوطن الواحد، بعيدا عن الاحتكام إلى لغة العنف والاقتتال، وصونا لما تبقى من مكتسبات الوطن وإنجازاته والحفاظ على نظامه الجمهوري ووحدته الوطنية ونسيجه الاجتماعي”.
وخلال الحملة المذكورة أشارت شخصيات يمنية إلى مسؤولية الرئيس هادي في فرض العقوبات على أحمد علي، من خلال الرسالة التي وجّهها إلى مجلس الأمن الدولي سنة 2015، يشكو فيها انخراط أطراف يمنية في تعطيل الانتقال السياسي السلمي في البلد، معتبرة أنّ ما يمنعه اليوم من توجيه رسالة مضادة يصحّح فيها خطأه، هو تأثره بجهات من مصلحتها إقصاء السياسيين الأكفاء الذين يشكّلون خطرا على مواقعها في السلطة وما يتأتى منها من مكاسب وامتيازات.