ترامب يشعل حرباً اقتصادية على معظم شركاء واشنطن التجاريين

الاتحاد الأوروبي يحذر من "ضربة قوية" للاقتصاد العالمي والصين توعدت بـ"تدابير حازمة" لحماية حقوقها

في خطاب ألقاه من البيت الأبيض فيما سمَاه بـ “يوم التحرير”، أشعل الرئيس الأميركي دونالد ترامب حرباً اقتصادية على مجموعة من الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، بفرضه رسوماً جمركية غير مسبوقة عليهم،  فيما حذر الاتحاد الأوروبي الخميس، من “ضربة قوية” للاقتصاد العالمي.

وبموجب هذه الرسوم الجديدة تصبح الترتيبات التجارية منذ عام 1947 في حكم المنتهية.

ومن المتوقع أن تغطي رسوم ترامب الجديدة ما قيمته نحو 600 مليار دولار من قطع غيار السيارات والحواسيب المستوردة.

وقال ترامب، يوم الأربعاء، إنّ بلاده تعرّضت للنهب خلال عقود من دول صديقة.

وتقول الإدارة الأميركية إن هذه الخطوة تأتي في إطار سياسة رامية إلى حماية الاقتصاد الوطني ودعم الصناعات المحلية من المنافسة الخارجية.

وشملت الرسوم الجمركية المضادة التي فرضتها الولايات المتحدة مجموعة من الدول العربية، حيث جاءت سوريا في مقدمة القائمة بنسبة 41%، تلتها العراق بنسبة 39%، ثم ليبيا بنسبة 31%، والجزائر بنسبة 30%، وتونس بنسبة 28%، والأردن بنسبة 20%.

أما بقية الدول العربية المفروضة عليها رسوم جمركية بنسبة 10%، فقد شملت كلاً من قطر، الإمارات، السعودية، مصر، الكويت، السودان، اليمن، لبنان، جيبوتي، عمان، والبحرين والمغرب.

وأكد ترامب أن هذه الرسوم تهدف إلى تصحيح الخلل في الميزان التجاري الأميركي وتعزيز الإنتاج المحلي.

“ضربة قوية” للاقتصاد العالمي

وحذر الاتحاد الأوروبي الخميس، من “ضربة قوية” للاقتصاد العالمي، متعهداً  بالرد إذا فشلت المفاوضات مع واشنطن، فيما نددت الصين بـ”تنمر أميركي”، و”إجراءات أحادية”، وتوعدت بـ”تدابير حازمة” لحماية حقوقها ومصالحها.

وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين الخميس، إن الرسوم الجمركية الأميركية “ضربة كبرى” للاقتصاد العالمي. واعتبرت أن التبعات ستكون وخيمة على ملايين الناس عبر أرجاء العالم، وأضافت: “كل الشركات ستعاني”.

وأضافت: “اتفق مع الرئيس ترامب في أن هناك من يستفيدون بشكل غير عادل من القواعد الحالية، ولكنها شددت على أن الاتحاد الأوروبي كان منفتحاً دوماً على التفاوض مع الولايات المتحدة.

وحذرت من أن الاتحاد “جاهز للرد على الرسوم الجديدة، ويعد حزماً إضافية من التدابير لحماية مصالحنا، إذا فشلت المفاوضات”.

وقالت إن أوروبا ستقف إلى جانب المتضررين من هذه الرسوم، مشيرة إلى أن بروكسل ستعقد حواراً استراتيجياً مع قطاعات الصلب، وصناعة السيارات، والرعاية الصحية، وستتبعها قطاعات أخرى.

الصين ستتخذ بحزم تدابير مضادة

وقالت الصين إنها ستتخذ تدابير مضادة ضد الولايات المتحدة، بعد فرض رسوم جمركية بنسبة 54% على جميع الواردات الصينية إلى الولايات المتحدة.

وقال متحدث باسم وزارة التجارة الصينية إن “الصين تعارض الرسوم الجديدة بشدة، وستتخذ بحزم تدابير مضادة لحماية حقوقها ومصالحها”، وفق ما نقلت CNN.

وأشار إلى أن هذه الرسوم “تتجاهل التوازن الذي تم تحقيقه في المفاوضات التجارية متعددة الأطراف على مدى السنوات الماضية، كما تتجاهل حقيقة أن الولايات المتحدة استفادت بشكل كبير من التجارة الدولية لفترة طويلة”.

وجدد المتحدث موقف الصين بأن “الحروب التجارية لا يوجد فيها فائزون”، وأكد أن الخطوة الأميركية “تمثل ممارسة أحادية الجانب، وتنم عن أسلوب تنمر نموذجي”.

وقال: “الصين تحض الولايات المتحدة على إلغاء إجراءاتها الأحادية فوراً، وحل الخلافات مع شركائها التجاريين عبر حوار متكافئ”.

فرنسا

وقال قصر الإليزيه الخميس، إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيجتمع مع القطاعات المتضررة من الرسوم الأميركية الخميس.

بريطانيا تلتزم الهدوء

وتعهد وزير الأعمال البريطاني جوناثان رينولدز بالتعامل بهدوء مع الرسوم الأميركية، في إطار سعي بلاده للتوصل إلى اتفاق اقتصادي مع واشنطن.

وقال رينولدز في بيان عقب الإعلان عن الرسوم: “الولايات المتحدة هي أقرب حليف لنا، لذا فإن نهجنا هو التزام الهدوء وإبرام هذا الاتفاق، الذي نأمل أن يخفف من آثار ما أُعلن عنه اليوم”.

وأضاف: “لدينا مجموعة من الأدوات المتاحة، ولن نتردد في اتخاذ أي إجراء. سنواصل التواصل مع الشركات البريطانية، بما في ذلك تقييمها لأثر أي خطوات أخرى نتخذها”.

السويد، سويسرا، إيرلندا، إيطاليا، إسبانيا

أما رئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون، فاعتبر أن بلاده “لا تريد حواجز تجارية متزايدة، ولا حرباً تجارية”. وأضاف: “نريد أن نعود إلى مسار التجارة والتعاون مع الولايات المتحدة، حتى يتمكن شعبنا من التمتع بحياة أفضل”.

وقالت الرئيسة السويسرية كارين كيلر-سوتر إن الحكومة ستحدد “بسرعة الخطوات التالية”، مضيفة أن “المصالح الاقتصادية طويلة الأجل للبلاد لها الأولوية. ويظل الالتزام بالقانون الدولي والتجارة الحرة قيمتين أساسيتين”.

واعتبر رئيس الوزراء الإيرلندي مايكل مارتن أن قرار الولايات المتحدة “أمر مؤسف للغاية”، وتابع: “أعتقد بشكل راسخ أن الرسوم الجمركية لا تفيد أحداً. أولويتي، وأولوية الحكومة، هي حماية الوظائف والاقتصاد الأيرلندي”.

وقالت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني: “سنبذل قصارى جهدنا للعمل من أجل التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة، بهدف تجنب حرب تجارية من شأنها أن تُضعف الغرب حتماً لصالح جهات فاعلة عالمية أخرى”.

ورد رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز على الرسوم الجمركية، قائلاً: “ستحمي إسبانيا شركاتها وعمالها، وستواصل التزامها بعالم مفتوح من دون قيود تجارية”.

اليابان

وقالت اليابان الخميس، إنها ستسعى إلى إجراء مفاوضات مع الولايات المتحدة بشأن الرسوم الجمركية المفروضة، بينما تجنب المسؤولون اليابانيون أي ذكر للانتقام في ردهم على تلك الرسوم.

وذكر المتحدث باسم الحكومة اليابانية يوشيمسا هايشي، أن رئيس الوزراء شيجيرو إيشيبا يدرس أيضاً حوافز اقتصادية للتخفيف من الأضرار التي قد تلحق بالشركات اليابانية.

وأفاد وزير الاقتصاد يوجي موتو بأن اليابان ستقوم بإنشاء 1000 مكتب في جميع أنحاء البلاد لتقديم الاستشارات والمساعدات المالية للشركات التي يُحتمل أن تتأثر بالرسوم الجمركية. ووصف موتو الرسوم الجمركية بنسبة 24% بأنها “مؤسفة للغاية” وأكد أنه سيواصل مطالبة الولايات المتحدة بإعفاء اليابان من تلك الرسوم.

تايوان

ووصف مجلس وزراء تايوان الرسوم بأنها “غير منطقية للغاية”، وأكد عزمه مناقشة الأمر مع واشنطن.

واعتبر المجلس الوزراء أن معدل الرسوم الجمركية المقترح لا يعكس الواقع الفعلي للتجارة بين تايوان والولايات المتحدة.

كوريا الجنوبية

وأمر الرئيس الكوري الجنوبي المؤقت هان دك سو، الحكومة ببذل “كل ما في وسعها للتغلب على الأزمة التجارية”، في اجتماع طارئ عُقد الخميس، واصفاً الوضع بأنه “خطير للغاية”.

ووجّه هان وزير التجارة الكوري “بتحليل دقيق لتفاصيل وتأثير الرسوم الجمركية المعلنة اليوم، والانخراط بنشاط في مفاوضات مع الولايات المتحدة لتقليل الأضرار”.

كما أصدر تعليماته للحكومة بالإعداد السريع لتدابير دعم طارئة للصناعات والشركات المتوقع تأثرها بإعلان الرسوم الجمركية.

وأعلن الرئيس الأميركي فرض رسوم جمركية متبادلة بنسبة 25% على الواردات من كوريا الجنوبية، الحليف الأمني القديم للولايات المتحدة.

أستراليا

وقال وزير الخزانة الأسترالي جيم تشالمرز في منشور على موقع “إكس” إن أستراليا تتمتع “بوضع فريد” يسمح لها بتجاوز تأثير الرسوم الجمركية.

وأضاف: “يشهد الاقتصاد العالمي اليوم يوماً عصيباً. لسنا الوحيدين المتأثرين، لكننا في وضع فريد ومستعدون تماماً لدعم عمالنا وصناعاتنا، وجعل اقتصادنا أكثر مرونة، والاستفادة القصوى من الوضع الصعب”.

وقالت جمعية صناعة السيارات الألمانية (VDA)، إن الرسوم الجمركية الواسعة “ستؤثر على النمو الاقتصادي العالمي وتضر بالوظائف”، وحضت أوروبا على السعي بسرعة لإبرام اتفاقيات تجارة حرة.

وقالت هيلديجارد مولر، رئيسة الجمعية، إن هذه الخطوة تمثل “رفضاً لنظام التجارة العالمي القائم على القواعد، وبالتالي الابتعاد عن الأساس الذي يقوم عليه خلق القيمة العالمية، وما يرتبط به من نمو وازدهار في العديد من مناطق العالم”

وأضافت: “هذا ليس ’أميركا أولاً‘، بل ’أميركا وحدها‘.”



مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى