تصريحات بايدن ضد بوتين تستنفر مستشاروه للتبرير والدفاع
الانتقادات متصاعدة لتصريحات قد تطلق شرارة صراع طويل الأمد في أوكرانيا
وضع مستشارو البيت الأبيض أنفسهم في حال تأهب قصوى لتهدئة الانتقادات لتصريحات الرئيس الأميركي جو بايدن، بحق نظيره الروسي فلاديمير بوتين، والتي أثارت جدلا واسعا خلال اليومين الماضيين، لا تزال تتصاعد.
فبعد أن ترددت أصداؤها في أنحاء العالم إثر قوله إن بوتين “لا يمكنه البقاء في السلطة”، وعلى الرغم من تأكيد سيد البيت الأبيض، فجر اليوم الاثنين أنه لم يدعُ إلى تغيير النظام الروسي، إلا أن حلفاءه بأسرهم استنفروا من أجل إطفاء النيران التي أشعلتها تلك التصريحات.
كما أنها خلفت دهشة في الدول الحليفة مثل فرنسا وألمانيا وغيرهما من البلدان، وجعلت مستشاريه في حال تأهب قصوى لتهدئة الانتقادات، بحسب ما نقلت فرانس برس.
خطأ فظيع
من جهته، وصف السيناتور الجمهوري البارز وكبير الجمهوريين في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي “جيم ريش”، تلك التصريحات بـ “زلة اللسان المروعة”، التي تتعارض كليا مع جهود إدارته المستمرة حتى الآن لوقف تصعيد النزاع بين روسيا وأوكرانيا.
السيناتور الجمهوري وفي مقابلة مع وسائل إعلام أميركية، قال إن بايدن ألقى خطابًا جيدًا، ولكن، كان هناك خطأ فظيع في نهايته، مضيفا أنه كان من الأفضل لو التزم بايدن بالنص المكتوب.
أضاف ريش أن معظم الناس الذين لا يتعاملون مع العلاقات الخارجية لا يدركون أن تلك الكلمات التسع التي نطق بها بايدن من شأنها أن تسبب ذلك النوع من الانفجار الذي يعقبها، مشيرا إلى أنه دائما إن كان الأمر يتعلق بتغيير النظام، فسوف يتسبب ذلك في مشكلة كبيرة.
كما قال لشبكة “سي إن إن” الأميركية “لا شيء يمكن أن يؤدي للتصعيد أكثر من الدعوة إلى تغيير النظام”.
من خطير لأخطر
بدوره، رأى الدبلوماسي الأميركي ريتشارد هاس الذي يرأس منظمة “مجلس العلاقات الخارجية” أن نزيل البيت الأبيض “جعل الوضع الصعب أكثر صعوبة والوضع الخطير أكثر خطورة”. وأردف عبر تويتر “سيرى بوتين ذلك أنه تأكيد لما كان يؤمن به طوال الوقت”.
وبالقدر نفسه من الصرامة، قال الباحث في “المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية” فرانسوا هايسبورغ إن من الأفضل للقادة الأميركيين ألا “يطلقوا العنان لأفواههم”.
في المقابل، اعتبر السفير الأميركي السابق لدى روسيا مايكل ماكفول عبر تويتر أن كلمات بايدن يجب أن تُقرأ بشكل مختلف قليلا. وقال “عبّر بايدن عما يعتقده مليارات الناس حول العالم والملايين داخل روسيا أيضا، وهو لم يقل إن على الولايات المتحدة إزاحته من السلطة، هناك فرق”.
حشد أيديولوجي جهنمي
أما الملياردير الروسي أوليج ديريباسكا، فأطلق تحذيرا من نوع آخر، إذ اعتبر أن تصريحات بايدن في وارسو تشير إلى نوع من “الحشد الأيديولوجي الجهنمي” وقد تطلق شرارة صراع أطول أمدا بكثير في أوكرانيا.
كما أضاف أنه يعتقد أن الصراع في أوكرانيا “جنوني” وكان من الممكن إيقافه قبل ثلاثة أسابيع عبر الحوار. وتابع قائلا “لكن الآن هناك نوعا من الحشد الأيديولوجي الجهنمي الذي يجري من جانب كل الأطراف”.
كذلك رأى أن ” هؤلاء الناس يعدون لسنوات من القتال”، وفق تعبيره
إلا أن ديريباسكا المعاقب أميركياً وبريطانياً، لم ينح باللوم الصريح على طرف في نشوب الصراع لكنه قال إن الولايات المتحدة وروسيا صعدتا خطابيهما.
ويقول خبير قضايا الأمن الدولي جاسم محمد، إن ما تحدث به بايدن من وارسو عن ضرورة إنهاء حكم بوتين “كان خارجا عن اللياقة والدبلوماسية ولاقى انتقادات كثيرة من قبل موسكو”.
وأضاف محمد، أن “واشنطن تداركت الأمر سريعا عبر توضيح من وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أنه لا توجد استراتيجية لتغيير أو إنهاء حكم بوتين كون ذلك يمثل تدخلا في السياسة الروسية”.
وحول ما إذا كانت إطاحة بوتن من مصلحة الولايات المتحدة، قال محمد إن “الأمر خارج قدرة الولايات المتحدة، لكن من دون شك فإن وجود بوتن يمثل إزعاجا كبيرا للإدارة الأميركية، لأنه يتخذ سياسات جريئة لصالح بلاده وله مواقف صلبة أمام واشنطن، ويؤمن بسياسات فرض الأمر الواقع كما حدث في أوكرانيا”.
ومنذ توليه منصبه قبل عام، تكاثرت زلات لسان بايدن بشكل واسع وسط قلق متنام بالدوائر السياسية الأميركية بشأن الحالة الصحية واللياقة الذهنية لأكبر رئيس للولايات المتحدة سنا (79 عاما).