تعديلات المشيشي الوزارية تنال ثقة تحالف الإخونجية في البرلمان التونسي
تونس تبدأ فصول أزمة سياسية جديدة في ظل احتجاجات شعبية واسعة
وسط احتجاجات شعبية عارمة، وأزمة سياسية عميقة، حصلت الحكومة التونسية هشام المشيشي المعدلة في تونس، على ثقة تحالف الإخونجية في البرلمان التونسي .
ورغم منح البرلمان الثقة للتعديلات الوزارية التي طرحتها حكومة هشام المشيشي، فإن هذه الخطوة ستعمق الخلاف مع الرئيس قيس سعيد.
التعديل الوزاري الذي أجراه هشام المشيشي لا يعارضه الرئيس قيس سعيد فقط، بل يمتد الرفض لداخل البرلمان وخارجه، ورافقتها دعوات لإقالة المشيشي وسحب الثقة من راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الإخونجية.
وأثناء انعقاد جلسة البرلمان التونسي للمصادقة على التعديلات الدستورية، تظاهرت حشود غاضبة ورافضة لمخططات الغنوشي للعبث بأمن تونس، رفع شعار “ارحل” في وجه الغنوشي من داخل البرلمان وخارجه، ف
وداخل البرلمان دعت عبير موسى زعيمة الحزب الدستوري الحر إلى ضرورة تغيير المنظومة السياسية وإبعاد رئيس حركة النهضة الإخونجية راشد الغنوشي عن رئاسة البرلمان عبر التوقيع على عريضة سحب الثقة منه والحكومة أيضا.
واعتبر خبيران تونسيان في تصريحات صاحفية، أن مصادقة البرلمان التونسي على التعديلات تعميقا للخلاف وإشعالا لنار الحرب بين رأسي السلطة التنفيذية رئيسي الجمهورية والحكومة، وستضع قصر قرطاج أمام خيارين إما الالتجاء للفصل 80، وهو إعلان انتخابات مبكرة، وإما الدفع باتجاه إقالة المشيشي.
المعركة هذه المرة لن تنتهي بسهولة، فرغم المصادقة البرلمانية، فإن قيس سعيد أكد، الإثنين، أنه لن يقبل بأداء وزراء تعلقت بهم شبهات فساد اليمين الدستورية أمامه.
مساعي رئيس الحكومة هشام المشيشي للتصادم الدائم مع الرئيس قيس سعيد، وتنفيذه لأجندة النهضة الإخونجية، يقوض جهود التصدي لجائحة كورونا وتداعياتها الاقتصادية، ويفشل الجهود الرامية لإخماد بركان الحرائق الاجتماعية التي انتشرت في كل المحافظات.
إصرار المشيشي على اختيار وزراء في حكومته تعلقت بهم شبهات فساد، سيدفع الرئيس قيس سعيد لاستخدام “الفصل 80” والذي يمنحه الحق في إعلان انتخابات مبكرة، أو الدفع باتجاه إقالة هشام المشيشي من خلال تحريك لائحة بسحب ثقة منه، بحسب أستاذة القانون التونسية “ألفة العكروت”.
العكروت أكدت في تصريحات لوسائل الاعلام، أنه في حال عدم قبول الرئيس قيس سعيد بوزراء المشيشي وعدم السماح لهم بأداء اليمين ستكون سابقة في تاريخ السلطة السياسية.
وتابعت، أن الصراع بين رأسي السلطة التنفيذية (قرطاج والقصبة)، هو واجهة لصراع بين سعيد والغنوشي.
المشيشي الذي اختاره رئيس الجمهورية قيس سعيد، وفق قاعدة “الشخص الأنسب”، أعلن العصيان مباشرة بعد أداء اليمين واختار الارتماء في براثن حركة النهضة الإخوانية وحلفائها.
فبعد أقل من 5 شهور تكشفت جولات الحرب الدائرة بين سعيد والمشيشي، وهي حرب بدأت تتبين ملامحها منذ أول أيام عمل فريق رئيس الوزراء لكن رائحتها فاحت بشكل كبير.
الكاتب السياسي محمد بوعود يؤكد أن مصادقة البرلمان على التعديلات الوزارية ستعمق الصراع بين قصر قرطاج والقصبة.
وقال في تصريحات صحافية، إن التوازنات المختلة في بنية السلطة التونسية ستؤثر على قدرة البلاد على مواجهة فيروس كورونا، وإنقاذ الاقتصاد التونسي أو حتى إخماد بركان الحرائق الاجتماعية التي انتشرت في كل المحافظات.
وانتقد سعيد التركيبة الجديدة التي طرحها المشيشي، قائلا: “من تعلقت به شبهات فساد لن يؤدي اليمين أمامي”، موضحا أن الحكومة أجهضت عددا من المبادرات التي طرحها لإنقاذ الوضع.
الرئيس قال أيضا إن دستور 2014 أعد على المقاس، في إشارة جلية إلى حركة الإخونجية التي كانت تسيطر على المجلس التأسيسي، مؤكدا في علاقة بالتعديل الوزاري المقترح، أن رئيس مجلس نواب الشعب كان عليه توجيه الرسالة إلى الرئيس وهو ما لم يحدث، نافيا أن يكون تم إعلامه بنية التعديل.
وشمل التعديل الوزاري حقائب، الصحة، والداخلية، والطاقة، والعدل، والصناعة، وأملاك الدولة، والبيئة، والتكوين المهني، والرياضة، والثقافة، والفلاحة، وإقصاء كل الوزراء المحسوبين على قصر قرطاج.
التعديل الوزاري هو الأول لحكومة المشيشي منذ حصوله على الثقة مطلع سبتمبر /أيلول الماضي.
وعرقلت المشاكل التي يفتعلها المشيشي والنهضة الإخونجية في تونس جهود علاج المشكلات الاقتصادية المتفاقمة، في الوقت الذي يطالب فيه المقرضون الأجانب والاتحاد التونسي العام للشغل بإجراء إصلاحات سريعة.
والعام الماضي، ومع تفشي جائحة كورونا، انكمش الاقتصاد التونسي بنسبة أكبر من 8% وارتفع العجز المالي إلى ما يزيد على 12 % من الناتج المحلي الإجمالي، مما دفع الدين العام للارتفاع إلى أكثر من 90% من إجمالي الناتج المحلي.