تونس: النهضة الإخونجية على مشارف انشقاق بسبب الغنوشي
قيادات تاريخية في الحركة تهدد بتأسيس حزب جديد
أفادت مصادر مقربة من حركة النهضة الإخونجية في تونس إن أعضاء قائمة الـ100 معارض التي ترفض تمديد دورة جديدة لراشد الغنوشي، يهددون بالانشقاق وتأسيس حزب جديد، وذلك بالتوازي مع تصريحات قوية دأب على إطلاقها عناصر هذه المجموعة ضد الغنوشي وأدائه وتحميله إخفاقات الحركة وتراجع شعبيتها وكذلك مسؤولية فشل الحكومات التونسية المتتالية منذ 2012.
ولم تستبعد المصادر أن يتم انشقاق هذه المجموعة التي تضم قيادات تاريخية، فضلا عن قيادات تمثل أغلب المحافظات والمحليات، ما يساعدها على تأسيس حزب جديد قد يضم إليه بعض القيادات التي سبق وأن استقالت في السابق مثل عبدالحميد الجلاصي.
لكن المصادر تميل إلى أن الهدف من هذا التلويح هو إجبار الغنوشي على التراجع عن خياره في الاستمرار على رأس الحركة والدفع نحو استفتاء داخلي للالتفاف على قرار المؤتمر العاشر، الذي ضمّن بندا يحدد المدة الرئاسية بشكل لا يحتمل أيّ تأويل.
وينصّ الفصل الـ31 من النظام الداخلي لحركة النهضة على أنه “لا يحق لأيّ عضو أن يتولى رئاسة الحركة لأكثر من دورتين متتاليتين”.
وفيما راج أن الغنوشي دفع بمقرّبين منه لترويض الغاضبين واستمالة قيادات منهم للانسحاب من قائمة الـ100، فإن ظهور القيادي عماد الحمامي على التلفزيون الرسمي، الخميس، وتصريحاته القوية ضد الغنوشي أكدا أن “التمرد” لم يتم تطويقه، وأن قياداته مستمرون بالتصعيد.
وقال الحمامي إنه يأمل أن يتراجع الغنوشي عن رغبته في البقاء على رأس الحركة، ملمّحا إلى أن المجموعة تضم قيادات لها وزن، وأن وراءها ثقل كبير بين الأنصار. لكنه تكتم عن أفق التحرك فيما لو تمسك الغنوشي بقراره، مراهنا على أن رئيس الحركة سيلتقط الرسالة.
لكن أخطر تصريحات الحمامي، الوزير السابق للصحة، وأحد قيادات المكتب التنفيذي في النهضة، أنه أماط اللثام عن الدور الذي لعبته الحركة في إفشال حكومة إلياس الفخفاخ. وقال إن النهضة تسرعت في “عريضة سحب الثقة من الفخفاخ” وإنه “تم تهويل قضية تضارب المصالح، كما أن قرار الإطاحة به كان مقررا مسبقا”.
وشدد على أن “إسقاط حكومة الفخفاخ كان (مخططا له) منذ البداية ولا أستثني حركة النهضة الإخونجية خاصة تلك الأطراف التي تقرر السياسات داخلها في التورط في هذا الأمر منذ البداية إضافة إلى حزب قلب تونس”.
وأشار الحمامي إلى أنه إلى حد اليوم لم يثبت القضاء شبهة تضارب المصالح التي يتهم بها الفخفاخ.
ومن الواضح أن الحمامي يريد النأي بنفسه عن أخطاء الغنوشي وعن المتنفذين من حوله وتحميلهم لوحدهم مسؤولية إسقاط حكومة كان التونسيون يرفعون من سقف تفاؤلهم تجاه أدائها خاصة ما تعلق بالحرب على الفساد، بالرغم من أن الحمامي كان يوصف خلال السنوات الأخيرة بأنه الذراع اليمنى للغنوشي، وأنه واحد من التيار البراغماتي ممّن دفعوا إلى التحالف مع قلب تونس.
ويقول مراقبون إن تيار المئة تشقّه خلافات جوهرية بشأن إدارة الملفات السياسية خاصة ما تعلق بالتحالفات، ففيما يميل الحمامي إلى البراغماتية، هناك شق كبير من “الغاضبين” يحمل أفكارا راديكالية في التحالفات، خاصة في الدفع نحو القطيعة مع القوى المحسوبة على النظام القديم ويشكك في خيار المصالحة مع رجال الأعمال ومع قيادات نشطت في حزب التجمع الحاكم سابقا، ويدفع نحو التصعيد تحت عنوان حماية شعارات الثورة.
وكان الغنوشي قد وصف تيار المئة بالانقلابيين و”زوار الليل”، واحتمي بمواجهة تهديداتهم بـ”الشرعية التاريخية” والزعامة لإظهار فضله على الحركة وتبرير بقائه على رأس التنظيم الإسلامي ذي الخلفية الإخونجية.
الأوبزرفر العربي