جدل قانوني حول إلزامية تنفيذ قرار مجلس الأمن بشأن غزة
خبراء ومختصون في القانون الدولي يؤكدون أن القرار 2728 ملزم
زعمت الولايات المتحدة، أن قرار مجلس الأمن الدولي الصادر، أمس الإثنين، بشأن الحرب على قطاع غزة غير ملزم، على نحو أثار جدلاً قانونياً عن إلزامية تنفيذ القرار، فيما أكد خبراء ومختصين في القانون الدولي على أن القرار 2728 ملزم.
وكسرت تلك التصريحات حالة التفاؤل النسبي التي سادت الأجواء الإقليمية والدولية بشأن إمكانية وقف إطلاق النار خلال شهر رمضان، لا سيما أن هذا أول قرار يصدر عن المجلس يطالب بـ”وقف فوري” لإطلاق النار بعد امتناع الولايات المتحدة عن التصويت وعدم استخدامها حق النقض (الفيتو).
وعلى عكس ما أعلنت الأمم المتحدة بأن القرار 2728 ملزم، قال ماثيو ميلر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، خلال مؤتمر صحفي، إن القرار غير ملزم، وأضاف: “سأترك لخبراء القانون الدولي التعليق بالتفصيل على هذه المسألة”.
المادة (25) من ميثاق الأمم المتحدة
ودفعت تلك التصريحات البعض إلى التساؤل حول البند الذي استند إليه القرار في ميثاق الأمم المتحدة، وهل هو البند السادس أم السابع؟، وكذلك التساؤلات بشأن إلزامية القرار إن كان استند إلى أي منهما، في ظل ما يشاع بأن ما يصدر عن الأول مجرد توصيات.
لكن الأمر لا يبدو هكذا، بحسب خبراء ومختصين في القانون الدولي، اتفقوا على أن القرار 2728 ملزم، ويجب على الطرفين المخاطبين به تنفيذه مباشرة.
وتعليقا على الموقف الأمريكي، قال الدكتور أيمن سلامة، خبير القانون الدولي، إن القرار الصادر، أمس، بشأن غزة لا يمكن التقليل من إلزاميته، كونه يستهدف حفظ السلم والأمن الدوليين، وصيانتهما وإعادتهما لنصابهما حين يحدث إخلال بهما، مشددا على أن هذه النوعية من القرارات ملزمة لكافة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وغير الأعضاء، إنفاذا لنص المادة (25) من ميثاق الأمم المتحدة.
وتنص المادة المذكورة على أن أعضاء الأمم المتحدة يتعهدون بقبول قرارات مجلس الأمن وتنفيذها وفق هذا الميثاق، مؤكدا أن هناك شرطا موضوعيا لقبول الدول الأعضاء، وعددهم 193، في منظمة الأمم المتحدة، هو تنفيذ كافة القرارات التي تصدر عن هذه الهيئة الدولية.
وأضاف خبير القانون الدولي، لـ”العين الإخبارية”، إن القرارات الإنفاذية التي صدرت عن المجلس في ضوء الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة تأتي استثنائية، كما حدث في العراق حين قام بغزو الكويت عام 1990.
واستطرد سلامة، ساخرا، إن القرار 2728 “لم يصدر عن مقهى ستاربكس بعد مداولات رومانسية استمرت نصف عام منذ أكتوبر/كانون الأول العام الماضي وحتى الآن، ولكنه صدر بعد مداولات ومنازعات حامية الوطيس في مجلس الأمن وكر وفر، شهدته غرفة مجلس الأمن مفتوحة الأبواب على مدار الساعة”.
لذلك يرى سلامة أن المزاعم الأمريكية بأن القرار غير ملزم غير صحيحة، معتبرا أن موقف واشنطن مبرره التحلل من المسؤولية تجاه إسرائيل، وحفظ ماء وجه الإدارة الأمريكية.
الصياغة اللغوية
وقال سلامة إنه “حتى التشبث بالصياغة اللغوية التي صدر بها قرار مجلس الأمن وتفسيرها يكشف عن الفروقات اللغوية والقانونية التي صدر بها، فالمجلس “لم يناشد أو يتوسل أو يحث”، ولكن طالب بوقف إطلاق نار وفوري”.
وشدد على أنه وفق تلك الصياغة، فإن المجلس، وفي الصدارة منه الولايات المتحدة، يدرك تماما الكوارث والعواقب الإنسانية والمآل الخطير التي تهدد بالسلم والأمن الدوليين في الشرق الأوسط، إن لم يمتثلا طرفا النزاع المسلح – إسرائيل وحماس– لذلك القرار الذي بمثل هذه الصياغة القوية.
وكان بيدرو كوميساريو أفونسو مندوب موزمبيق لدى مجلس الأمن الدولي رد على المزاعم الأمريكية بأن القرار غير ملزم، إذ شدد على أن كل قرارات المجلس ملزمة، وكل دولة عضو ملزمة بتنفيذه، و”بنية حسنة”، بحسب تصريحات في مؤتمر صحفي.
القرار لم يحمل أية شروط
بدوره، قال الدكتور مجيد بودن المحامي المختص في القانون الدولي بباريس، إن قرارات مجلس الأمن ليس من الضروري أن تستند إلى أي من بنود النظام الأساسي سواء الفصلين السادس أو السابع من الميثاق، مؤكدا أن كل ما يصدر عن المجلس ملزم.
وأوضح بودن، أن “ما يقال أن ما يصدر عن المجلس في إطار الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة مجرد توصية غير ملزمة أمر غير صحيح، لأن التوصية وفق القانون الدولي ملزمة، طالما صدرت عن مجلس الأمن لأن مهمته حمايته السلم والأمن الدوليين، أيا كانت العبارات المستخدمة ومهما كان التوصيف”.
ويلفت بودن إلى أن هناك مراوغات في تفسير القرار، لا سيما من قبل إسرائيل، التي أرادت أن تشترط تنفيذ وقف إطلاق النار بإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين لدى حركة حماس، وهذا غير صحيح، فنص القرار لم يحمل أية شروط بشأن وقف إطلاق النار.
وأضاف أنه لو كان هناك شروط، لنص القرار على ذلك، كما أن القرارات الصادرة عن مجلس الأمن تلزم جميع الأطراف بتنفيذها، حتى لو لم يلتزم أحد الأطراف، أي أن تل أبيب ملزمة بوقف إطلاق النار، حتى لو لم تفرج حماس عن الرهائن، وكذلك الأخيرة ملزمة بإطلاق سراح الرهائن، حتى لو لم تلتزم الأولى.
وشدد المحامي المختص في القانون الدولي على أن عدم إفراج حماس عن الرهائن لا يشكل حجة على الإطلاق أمام الجانب الإسرائيلي تبرر التنصل من تنفيذ القرار الصادر عن مجلس الأمن، الذي جاء واضحا وصريحا.