جسر جوي لدعم المقاومة في إقليم بنجشير ضد طالبان
ذكرت وسائل إعلام روسية وهندية عن إقامة جسر جوي بين طاجيكستان وإقليم بنجشير في أفغانستان، لدعم الإقليم المحاصَر من حركة طالبان الإرهابية بالأسلحة والإمدادات الغذائية.
وأفاد تقرير لتلفزيون “روسيا الاتحادية”، صباح الأربعاء، بأن جسراً جوياً من الطائرات المروحية أقيم لتوريد الذخيرة والأسلحة من طاجيكستان إلى إقليم وادي بنجشير، حيث الأقلية الطاجيكية الأفغانية، وحيث يتحصن قائد “تحالف الشمال الجديد” أحمد مسعود.
وكشف تقرير لموقع “ريبابليك ورلد” الهندي عن أن “تحالف الشمال الجديد” تلقى، صباح الاثنين الماضي، معدات عسكرية وبنادق وذخيرة وإمدادات غذائية من طاجيكستان عبر طائرات مروحية، ما يشكل “أول دعم للمقاومة الأفغانية المتصاعدة ضد طالبان”، بحسب الموقع.
وأظهرت لقطات نشرها التلفزيون الروسي والموقع الهندي، مروحيات “من طاجيكستان تلقي السلاح في بنجشير”.
ولم يتسنَّ الحصول على أي توضيحات من الحكومة الطاجيكية في العاصمة دوشنبيه بشأن تفاصيل شحنات الأسلحة.
حصار الإقليم
جاءت أنباء نقل الأسلحة والمعدات إلى بنجشير في وقت تحاول فيه حركة طالبان الإرهابية فرض حصار على الإقليم، وهو الوحيد الذي لم تطبق سيطرتها عليه.
وبعد أن سيطرت طالبان على معظم أراضي أفغانستان تزامناً مع انسحاب القوات الأجنبية، لا تزال الحركة تواجه مقاومة في بنجشير، وهي منطقة نائية على بُعد 140 كيلومتراً شمال شرقي كابول، تسيطر عليها “جبهة المقاومة الشعبية” بقيادة أحمد مسعود، ولطالما كانت المنطقة معقلاً مناهضاً لطالبان.
ويسمي أحمد مسعود تشكيلاته المسلحة بـ”جبهة المقاومة الشعبية”، فيما يطلق عليه الأفغان تسمية “تحالف الشمال 2″، نسبة إلى “تحالف الشمال” الذي قاده والده أحمد شاه مسعود في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي ضد القوات السوفيتية التي اجتاحت أفغانستان في حينه.
وتقول الجبهة إن الاستسلام أمام “طالبان” ليس خياراً ممكناً، لكنها باتت محاصرة حالياً من قبل قوات “طالبان” بعدما استعادت الحركة السيطرة على 3 مناطق في شمال البلاد كانت قد سقطت في أيدي فصائل مسلحة محلية.
وكانت الفصائل سيطرت، الجمعة، على مناطق “بنو” و”ده صالح” و”بل حصار” في إقليم باغلان، في أول مؤشرات على وجود مقاومة مسلحة لحركة طالبان منذ سيطرتها على العاصمة كابول في 15 أغسطس الجاري.
والاثنين، أعلنت طالبان، ما صوفته بـ”تطهير” تلك المناطق، وأن قواتها متمركزة في بدخشان وطخار وأندراب قرب وادي بنجشير.
وقال الناطق باسم الحركة ذبيح الله مجاهد على تويتر، إن “القوات المعادية محاصرة في وادي بنجشير”.
حل سلمي
ووفقاً للمصادر في كابول وبنجشير، فإن اتصالات مكثفة تجري بين قادة طالبان من جهة، وأحمد مسعود من جهة ثانية، بشكل مباشر وعبر وسطاء أفغان وإقليميين، للتوصل إلى حل سلمي بشأن ولاية بنجشير وموقف أحمد مسعود من حكم طالبان.
وقال ذبيح الله مجاهد، المتحدث باسم طالبان الإرهابية، في تصريحات، نقلها تلفزيون أفغاني محلي، الأربعاء، إن المحادثات مع قادة بنجشير وصلت إلى نقطة مهمة، مرجحاً حل القضية بدون قتال.
وأضاف متحدث طالبان، في تصريحاته، “نرجح التوصل لاتفاق سلام مع المقاومة في إقليم بنجشير”، وتابع “القتال ليس حلاً ولكن اذا اختارت القوات المتمركزة في بنجشير القتال فنحن أغلقنا الإقليم من 4 جهات”.
وكانت مجلة “فورين بوليسي” الأميركية نقلت عن مصدر مقرب من قيادة طالبان، قوله إن الحركة ترغب في ضم أحمد مسعود إلى حكومة ائتلافية تحكم البلاد خلال الفترة المقبلة، كما أكد الناطق باسم طالبان أن الحركة تريد حلاً سلمياً في بنجشير.
لكن المجلة أشارت إلى أن انضمام مسعود إلى طالبان، “يبدو غير مرجح”، ونقلت عن مصادر مقربة من مسعود أنه مصمم على إبقاء بنجشير خارج سيطرة طالبان.
وكان مسؤول العلاقات الخارجية في “جبهة المقاومة الشعبية”، علي نظري، قال إن “الاستسلام لم ولن يكون أبداً جزءاً من قاموسنا”.
وشدد على أن “شروط إبرام اتفاق سلام مع طالبان، هي اعتماد اللامركزية، أي اعتماد نظام يضمن العدالة الاجتماعية، والمساواة، والحقوق والحرية للجميع”.
9 آلاف مقاتل
وفي مقالة نشرتها صحيفة “واشنطن بوست” الخميس، طلب مسعود من الولايات المتحدة والغرب تزويده بالأسلحة، مشدداً على أن المقاومة التي يقودها هو وغيره في مختلف أنحاء أفغانستان، تكتسب أهمية كبرى على صعيد تحقيق التغيير.
وقال إن قواته تضم جنوداً سابقين في الجيش النظامي الأفغاني وقوات أفغانية خاصة، إضافة إلى مواطنين عاديين استجابوا لدعوته للانضمام إلى المقاومة.
وأضاف، “لدينا مخازن من الذخيرة والأسلحة جمعناها بصبر منذ عهد والدي لأننا علمنا أن هذا اليوم قد يأتي”، يوم مهاجمة طالبان للإقليم.
ويحشد مسعود في وادي بنجشير قوة مقاتلة تصل إلى 9 آلاف عنصر، بحسب الناطق باسم الجبهة علي نظري.
تفوق عسكري لطالبان
وتأتي الإمدادات بالعتاد والغذاء من طاجيكستان، لمواجهة التفوق العسكري لطالبان الإرهابية والحصار الذي تفرضه الحركة على دخول الطعام إلى منطقة تتاخم بنجشير.
وبحسب صحيفة “تليجراف” البريطانية، فإن طالبان تتمتع بـ”تفوق عسكري ساحق”، فيما الموارد التي يمكن لمسعود الاستفادة منها قليلة، سواء من المقاتلين الأفغان أو الدفاعات الطبيعية لوادي بنجشير المتمثلة بالجبال الشاهقة والمداخل الضيقة، والتي تم تعزيزها بالأنفاق والمخابئ على مدى عقود.
والاثنين، قال نائب الرئيس الأفغاني السابق على تويتر، إن “طالبان لا تسمح بدخول الطعام والوقود إلى وادي أندراب”، في إشارة إلى منطقة خاضعة لسيطرة الحركة وتتاخم بنجشير من الشمال الغربي.
وذكرت الصحيفة أن هذا الحصار يعرّض المقاتلين والمدنيين في الوادي لخطر حقيقي هو احتمال الجوع”، فضلاً عن معضلة أخرى تواجههم هي برد الشتاء الذي يلوح في الأفق.