حرب العملات بين الروبل والدولار
عبد اللطيف المناوي
من الذى تأثر من العقوبات التى فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية والغرب على روسيا؟ هل موسكو فعلًا التى تأثرت، أم الغرب الذى خسر الغاز الروسى، وبات على موعد مع فترة قادمة صعبة بسبب نقص إمدادات الطاقة؟ المؤكد أن الجميع خاسر، وأن أى حرب مهما كانت نتيجتها فإنها تخلّف خسائر على الأطراف المتحاربة.
الحرب الدائرة (أرضًا) فى أوكرانيا، وهناك حرب أخرى موازية لها تدور رحاها فى بورصات وأسواق وبنوك العالم، وهى حرب عملات، ربما بدأتها موسكو منذ 2014 عندما ضمت شبه جزيرة القرم، وذلك لمواجهة الهيمنة الدولارية على أسواق العالم، كما اتخذت الحكومة الروسية خطوات أكثر جدية للحد من استخدام الدولار فى معاملاتها الدولية، مقابل زيادة استخدام عملتها الرسمية، الروبل.
روسيا خفضت حصة الدولار من احتياطيها النقدى واستبدلته بالعملة الصينية اليوان، كما قلصت كذلك حصة الدولار فى التجارة الروسية مع الدول الصديقة، عبر دفع موسكو إلى إبرام اتفاقيات متنوعة مع عدة حكومات أخرى لإعطاء الأولوية لاستخدام العملات المحلية فى التجارة الثنائية.
الروبل بدلًا من الدولار واليورو
وقد أصدرت موسكو مرسومًا فى مارس 2022 يقضى ببيع الغاز والنفط الروسى إلى الدول غير الصديقة، وفقًا لـ«التعبير الروسى»، بالعملة الروسية الروبل بدلًا من الدولار واليورو، وهو شرط أساسى لاستمرار عقود الغاز مع تلك الدول، وبخلاف العملاء الأوروبيين، اتفقت موسكو أيضًا مع كبار مشترى الغاز الروسى الآخرين مثل الصين وتركيا على تسوية مباشرة لجزء من مدفوعات مستحقات الصادرات بالروبل واليوان الصينى، وبذلك تتحول روسيا تدريجيًّا نحو تسوية مبادلات الطاقة الخارجية من خلال عملات أخرى بخلاف الدولار واليورو، عملتى الدول المعادية للروس.
ذلك فضلًا عن سعى موسكو للحد من الاعتماد على البنية التحتية لنظام المدفوعات الدولية، حيث أنشأت نظام دفع إلكترونيًّا محليًّا جديدًا «مير»، كما أطلقت فى السنوات الماضية نظام «SPFS» لتبادل الرسائل بين البنوك كبديل لنظام «سويفت».
ولكن يبدو أن الإجراءات الروسية- حتى الآن- لم تؤت ثمارها، رغم أن الولايات المتحدة مقدمة على فترة صعبة، وفيما يبدو أن الروبل لن يتمكن من أن يصبح عملة دولية فى المستقبل القريب؛ نظرًا لعدم قدرته على التنافس مع العملات المُهيمنة على الاقتصاد العالمى، خاصة الدولار، لكن دخول بعض الدول على خط المواجهة مثل أرمينيا وإيران بخلاف تركيا والصين، والتى أعلنت عن نيتها تبنى آلية سداد للسماح باستخدام الروبل الروسى فى التبادل التجارى مع موسكو؛ بهدف تعزيز علاقاتهما التجارية- ربما يقلب الأوضاع فى الفترة المقبلة التى قد تشهد مواجهات أقوى فى ساحة حرب العملات.