حركة النهضة الإخونجية من التراجع إلى العزلة والملاحقات القضائية
الرئيس التونسي يتخذ خطوات قانونية وضرورية لإنقاذ تونس
أصدر القضاء التونسي الاثنين الماضي، حكماً بالسجن عاما وبغرامة مالية قدرها ألف دينار (حوالي 300 يورو) ضد رئيس حركة النهضة الإخونجية راشد الغنوشي الموقوف منذ نحو شهر على ذمة عدة قضايا متعلقة بالإرهاب والتحريض على العنف والإرهاب والدعوة للحرب الأهلية، فيما يواصل الرئيس قيس سعيد خطواته القانونية والضرورية لإنقاذ البلاد من الفوضى والخراب.
وتؤكد الأوساط السياسية التونسية أن الغنوشي يتم التعامل معه حاليا كأي متهم تتعلق به قضايا سيتم البت فيها بالحكم له أو عليه دون تدخل سياسي، لا من السلطة التونسية ولا من أيّ جهة خارجية تفكر في الضغط على القضاء تحت عناوين فضفاضة.
وخسر إخونجية تونس وضعهم كقوة نافذة في السلطة ومؤسسات الدولية بعد إجراءات 25 يوليو 2021 التي اتخذها الرئيس قيس سعيد، وهو ما جعل بعض القوى والشخصيات تنأى بنفسها عن الحركة، كما تخلى عنها من كانوا يتقربون إليها من أجل مصالحهم، وفقدت تحالفاتها التقليدية.
وامتدت العزلة الداخلية لحركة النهضة خارجيّا أيضا بعد أن تخلّى عنها الكثير من الداعمين لها سياسيا وإعلاميا. ومن المتوقع أن تتسع دائرة العزلة أكثر على خلفية الوضع الصعب الذي يعيشه رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان حليف الحركة المعلن.
عزلة الإخونجية
ويعتقد محللون سياسيون أن عزلة النهضة والغنوشي مفهومة، وأن الأمر مرتبط بتطورات إقليمية ودولية أفضت إلى بروز خطاب المصالحات إقليميا والسعي لتجاوز أسباب الخلافات السابقة وعلى رأسها الإسلام السياسي.
واعتبر أيمن العلوي، القيادي في حزب الديمقراطيين الموحّد، أن “مشروع الإسلام السياسي الذي أعطي له الضوء الأخضر في العشرية الماضية للهيمنة على المشهد السياسي، يشهد تراجعا كبيرا في الفترة الأخيرة لعدة اعتبارات إقليمية ودولية”.
وقال العلوي إن “الوزن السياسي للغنوشي تراجع بشكل كبير، وحركة النهضة أصبحت هامشية على المستوى السياسي وفقدت مكانتها في المشهد”.
قضية الطواغيت
والقضية التي اتهم فيها الغنوشي (81 عاما) تتصل بـ”تمجيد الإرهاب” وبوصف عناصر الأمن بأنهم “طواغيت”.
وفي 21 فبراير الفائت مثل الغنوشي أمام القطب القضائي لمكافحة الإرهاب في دعوى مقامة ضدّه وتتّهمه بوصف الشرطيين بـ”الطواغيت”. وظل في حالة سراح على ذمة التحقيق.
وقبل نحو شهر أوقفت قوات أمنية الغنوشي في تونس العاصمة بعدما حذر من “إعاقة فكرية وأيديولوجية في تونس تؤسّس للحرب الأهلية” في حال القضاء على الأحزاب اليسارية أو تلك المنبثقة من التيار الإسلامي مثل النهضة، ما اعتبرته السلطات بمثابة حضّ على الحرب الأهلية.
لا إفلات من العقاب
وقال عبد الرزاق الخلولي، رئيس المكتب السياسي لمسار 25 يوليو، إن محاكمة الغنوشي ينبغي لها أن تتم في إطار مبدأ “لا إفلات من العقاب”، وإن “مسار القضاء أصبح مستقلا وله اتجاه واضح وهو إتمام عدد من المحاكمات”.
وأضاف الخلولي أن “تأثير حركة النهضة، ومن ورائها الغنوشي، تراجع كثيرا. وهذه المحاكمة تعلن فعليا نهاية الغنوشي سياسيا، بعد أن انتهى في أذهان الشعب التونسي وعبّر الكثير عن عدم قبولهم له في المشهد منذ فترة”.
ويقبع رئيس الحركة الإخونجية الغنوشي في السجن منذ أبريل الماضي بعد أن قبضت عليه الشرطة في بيته بشبهة التآمر على أمن الدولة.
ورفض الغنوشي هذا الشهر المثول أمام القضاء مرة أخرى، رافضا ما وصفه بأنه “محاكمات سياسية ملفقة”.
وألقت الشرطة في وقت سابق هذا العام القبض على عدة شخصيات سياسية بارزة اتهمت قيس سعيد بالانقلاب بسبب تحركاته التي شملت حل البرلمان والحكم بمراسيم قبل إعادة صياغة دستور جديد.
خطوات قانونية
ولم يصدر القضاء إلى حد اليوم بشكل رسمي التهم الموجهة إليهم، لكن الرئيس سعيّد يقول إن خطواته قانونية وضرورية لإنقاذ تونس من الفوضى وعقد من “الخراب”، واصفا خصومه بالمجرمين والخونة والإرهابيين، وحث السلطات على اتخاذ إجراءات ضدهم.
وحظرت السلطات التونسية الشهر الماضي الاجتماعات في جميع مكاتب النهضة وأغلقت الشرطة أيضا مقر جبهة الخلاص، وهي حليف حركة النهضة الإخونجية الرئيس.
ونددت حركة النهضة في تونس الثلاثاء بالحكم الذي يقضي بسجن الغنوشي مدة عام واعتبرت أنه يأتي في إطار “محاكمات سياسية”.
وقال الحزب في بيان إنه “يندّد بالحكم الصادر في حق الأستاذ راشد الغنوشي ويعتبره حكما سياسيا ظالما، ويدعو إلى إطلاق سراحه فورا”.