حكومة أردوغان توظف قوانين الإرهاب ضد معارضيها
علي يلدز
في 22 ديسمبر 2020، أصدرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان حكماً تاريخياً بشأن طلب صلاح الدين دميرطاش، السياسي المسجون والرئيس المشارك السابق لحزب الشعوب الديمقراطي.
يستحق هذا الحكم دراسة متأنية، وتبحث هذه المقالة في قرار المحكمة بشأن بند مكافحة الإرهاب الرئيسي في تركيا، أي المادة 314 من قانون العقوبات التركي:
“- يعاقب بالسجن لمدة تتراوح بين عشر سنوات وخمس عشرة سنة كل من شكل أو قاد تنظيم مسلح بغرض ارتكاب الجرائم المذكورة في الجزأين الرابع والخامس من هذا الفصل.
يعاقب أي شخص ينضم إلى منظمة مشار إليها في الفقرة الأولى من هذه المادة بالسجن لمدة تتراوح بين خمس وعشر سنوات.
تنطبق الأحكام الأخرى التي تحكم تأسيس منظمة لأغراض إجرامية في هذا السياق.”
تم اعتقال دميرطاش، مثل مئات الآلاف غيره، بموجب المادة 314، وأدين في النهاية بتهمة ممارسته للنشاط الإرهابي. ومنذ عام 2013، تستخدم الحكومة التركية بشكل متزايد المادة 314 لمقاضاة من ترى أنهم أعضاء في مجموعات معينة أو ينتقدون سياساتها. ووفقًا لأحدث البيانات، بين عامي 2013 و 2019، تم توجيه التهم إلى 392 ألف شخصًا وإدانة 220 ألف شخصاً بوجب المادة 314.
كانت هناك زيادة كبيرة في مثل هذه الاتهامات حيث حدث أكثر من 80 بالمئة منها بعد محاولة الانقلاب عام 2016.
لا يحتوي قانون العقوبات ولا قانون مكافحة الإرهاب على تعريف لمنظمة إرهابية مسلحة أو جريمة الانتماء إليها، مما يجعل هذه المواد عرضة للتطبيق التعسفي والانتهاكات. وعلى الرغم من أن محكمة النقض حاولت في مناسبات مختلفة معالجة عدم وجود تعريف قانوني، إلا أن نهجها غير المتسق وقيادتها الواضح للسلطة التنفيذية جعل الوضع يتحول من سيئ لأسوأ.
ومع تزايد خضوع السلطة القضائية للسلطة التنفيذية، فإن مسألة من يمكن اعتباره إرهابياً تحددها التيارات السياسية في ذلك الوقت.
وقد أكدت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، في قضيتي إيشيكيريك (2017) وإمريت (2018)، أن البند الفرعي لمكافحة الإرهاب، أي المادة 220 من قانون العقوبات، لا يوفر الحماية القانونية ضد التدخل التعسفي مع المادة 11، الحق في حرية التجمع وتكوين الجمعيات، لأنها لا توفر اليقين القانوني وبالتالي لم تكن “متوقعة”.
وبخصوص قضية بارماك وبكير في عام 2019، تعاملت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان مع المادة 314 من حيث التعديلات التي أُدخلت على قانون مكافحة الإرهاب (رقم: 3713) بين عامي 2013 و 2017. وفي هذا الحكم، رأت المحكمة أولاً أن “جوهر جريمة الانتماء إلى منظمة إرهابية هي الانضمام إلى جمعية كان هدفها وطريقة عملها اللجوء إلى الاستخدام الإجرامي للقوة والعنف والترهيب الجماعي من أجل تعزيز أسباب سياسية أو أيديولوجية معينة. واستخدام العنف الفعلي، أو نية استخدام مثل هذا العنف، أمر محوري في تعريف الجريمة”. ثم تابعت المحكمة لتقول إن المحاكم المحلية في تركيا وسعت نطاق الوصول بشكل غير مبرر من القانون الجنائي إلى حالة مقدم الطلب بما يخالف ضمانات المادة 7.
وعلى الرغم من أن حكم بارماك وبكير كان مهمًا للغاية، إلا أنه لم يتعلق بالحق في الأمن والحرية أو حرية التعبير، ولكن الآثار والشكوك الناجمة عن التعديلات التي أدخلت على قانون مكافحة الإرهاب.
وفي حالة دميرطاش، فحصت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان المادة 314 فيما يتعلق بشرعية التدخل في المواد 5 و10 من الاتفاقية.
وقد طبقت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان اختبارها الخاص بجودة القانون على المادة 314 من قانون العقوبات. ومن خلال الإشارة أيضًا إلى رأي لجنة البندقية بأن “المحاكم المحلية غالبًا ما تميل إلى اتخاذ قرار بشأن عضوية شخص ما في منظمة مسلحة على أساس أدلة ضعيفة للغاية”، اعتبرت أن “مجموعة الأعمال التي ربما تكون قد بررت الاعتقال على ذمة التحقيق قبل المحاكمة تتعلق بالجرائم الخطيرة التي يعاقب عليها بموجب المادة 314 من القانون الجنائي واسعة للغاية لدرجة أن محتوى تلك المادة، إلى جانب تفسيرها من قبل المحاكم المحلية، لا يوفر الحماية الكافية ضد التدخل التعسفي من قبل السلطات الوطنية”.
وبناءً على ذلك، خلصت المحكمة الأوروبية إلى أن التدخل في حرية التعبير لمقدم الطلب بموجب المادة 314 لا يتوافق مع متطلبات جودة القانون، وبالتالي يشكل انتهاكًا للمادة 10.
وبعد أن أثبتت المحكمة الأوروبية انتهاك المادة 10 من الاتفاقية ومع إشارة محددة إلى رأي لجنة البندقية المذكور أعلاه، فأن “مجموعة الأفعال التي يمكن أن تبرر احتجاز مقدم الطلب قبل المحاكمة بموجب المادة 314، لا يوفر الحماية الكافية ضد التدخل التعسفي من جانب السلطات الوطنية. وبناءً على ذلك، وجدت أن الجرائم ذات الصلة بالإرهاب، كما فُسرت وطُبقت في هذه القضية ، ليست “متوقعة”. وبالتالي ، خلصت المحكمة الأوروبية إلى حدوث انتهاك للمادة 5 الفقرة 1 من الاتفاقية.
الاستنتاجان اللذان توصلت إليهما المحكمة الأوروبية مهمان للغاية حيث وجدت المحكمة، لأول مرة، أن المادة 314 لم تكن متوقعة ولم تمتثل لمتطلبات جودة القانون. لا يمكن أن تكون الاستنتاجات التي توصلت إليها المحكمة أكثر دقة حيث يتم إدانة الناس في تركيا بموجب قوانين مكافحة الإرهاب بسبب هويتهم، وليس ما قد يفعلونه.
إن تفاصيل حياتهم الخاصة تكفي لإدانتهم بالإرهاب في نهاية المطاف. يمكن اعتبار تغريدة ربما نشرها شخص ما، أو كتابًا أو صحيفة اشترك فيها، أو مكالمة هاتفية ربما تكون قد تلقاها من رقم غير معروف دليلاً على نشاط إرهابي.
لذلك يمكن القول إن دميرطاش ومحاميه لم يكتفوا بإصدار حكم مهم للغاية لقضيتهم فحسب، بل فعلوا ذلك أيضًا لمئات الآلاف من الأشخاص الذين أدينوا بموجب نفس الحكم والذين أصبحوا الآن قادرين على استخدامه كسابقة.
الأوبزرفر العربي