حكومة الفخفاخ تحصل على ثقة البرلمان التونسي
بعد نقاش ماراثوني وتجاذبات سياسية حادة دامت لأكثر من 14 ساعة حصلت حكومة إلياس الفخفاخ على ثقة 129 نائباً مقابل 77 حجبوا ثقتهم عنها بينما امتنع نائب واحد عن التصويت.
أسدل البرلمان التونسي فجر الخميس الستارة على أربعة أشهر من المفاوضات الشاقة والمخاض العسير لولادة هذه الحكومة التي يتعيّن عليها الآن التصدّي لملفّات اجتماعية واقتصادية بالغة الصعوبة والتعقيد.
وأكد الفخفاخ في كلمة ألقاها خلال جلسة التصويت، أن حكومته تضم تنوع حزبي يعكس التنوع السياسي والأيديولوجي في البرلمان، مشيرا إلى أنه سيمضي في الاصلاحات بعد نيل الحكومة ثقة البرلمان.
وكان الرئيس التونسي قيس سعيد قد كلّف الفخفاخ وزير المالية السابق تشكيل حكومة جديدة، وذلك بعد فشل حكومة سلفه حبيب الجملي مرشّح النهضة الإخونجية في نيل ثقة البرلمان.
وسيؤدّي الفخفاخ وأعضاء فريقه الحكومي اليمين الدستورية خلال حفل سيقام الخميس في قصر قرطاج الرئاسي، بحسب ما أعلن لوكالة فرانس برس المكتب الإعلامي لرئاسة الجمهورية.
وبذلك يصبح الفخفاخ (47 عاماً) ثامن رئيس للوزراء في تونس منذ ثورة 2011 التي أطاحت بالرئيس الراحل زين العابدين بن علي.
وعُيّن الفخفاخ وزيراً للسياحة في أواخر 2011 قبل أن يصبح وزيراً للمالية في كانون الأول/ديسمبر 2012 وهو منصب استمرّ فيه لغاية كانون الثاني/يناير 2014.
وفي مستهل جلسة التصويت على الثقة قال الفخفاخ إنّ فريقه الوزاري سيعمل “لكي يسترجع الثقة في قدرة تونس على النهوض والشموخ والرقيّ”.
وتضم الحكومة التي قدمها الفخفاخ منذ أسبوع 32 عضواً ما بين وزير وكاتب دولة من بينهم 17 مستقلاً وستة عن حركة النهضة الإخونجية الأول في البرلمان من حيث عدد المقاعد (54 مقعداً من أصل 217).
ويشارك في الحكومة كل من حزب “التيار الديمقراطي” بثلاثة وزراء و”حركة الشعب” بوزارتين وبمثل ذلك لكل من حركة “تحيا تونس” حزب رئيس حكومة تصريف الأعمال يوسف الشاهد ولكتلة “الاصلاح الوطني” في البرلمان.
أسند الفخفاخ وزارات السيادة إلى شخصيات مستقلة هم رئيسة المحكمة الابتدائية والقاضية ثريا الجريبي (العدل) والمستشار القانوني في رئاسة الجمهورية الذي تم تعيينه مؤخرا وهو خبير في اللجنة الوطنية لمقاومة الفساد هشام المشيشي (الداخلية) والخبير في القانون الدولي عماد الحزقي (الدفاع) وخريج المدرسة القومية للادارة بباريس والسفير السابق بسلطنة عمان نور الدين الريّ (الخارجية).
وبقدر ما تضم حكومة الفخفاخ من تنوع حزبي يعكس التنوع السياسي والاديولوجي في البرلمان، بقدر ما يُخشى عودة التجاذبات السياسية وانتقالها من البرلمان الى المجالس الوزارية خصوصا وان أمام التشكيلة الوزارية تحديات اقتصادية واجتماعية شكلت معضلة لم تتمكن الحكومات المتعاقبة على البلاد منذ ثورة 2011 من حل او حتى التخفيف من حدتها.
وقدّم الفخفاخ أولويات برنامج عمل حكومته “القوية والقادرة والمستعدّة للتضحيات” والذي يرتكز أساساً على محاربة الجريمة ومقاومة غلاء الأسعار وانعاش الاقتصاد وتفكيك منظومة الفساد وإصلاح قطاعات الادارة العمومية والصحة والتعليم.
ويأتي في صدارة الاهتمامات ملف التشغيل والتضخم والشروع في تنفيذ المشاريع الكبرى. وتبدو المهمة عسيرة مع تسجيل نسبة بطالة في حدود 14,9 في المئة وتضخم من 5,9 في المئة. في حين لم يتجاوز اجمالي النمو الاقتصادي 1% في 2019 في مجتمع يبلغ عدد سكانه 11,8 مليون شخص.
ويحذر خبراء من ان استمرار هذه المؤشرات قد يقود إلى احتجاجات اجتماعية خصوصاً داخل المناطق التي تشكو من تهميش تنموي منذ عقود ما يجعل الحكومة في مواجهة مطالب الشارع بدلاً من الدخول مباشرة في انجازات تستجيب بها لتلك المطالب.
كما ان الاستقرار السياسي عبر تشكيل حكومة يمثل مؤشرا مهما بالنسبة للمانحين الدوليين لتونس، الديمقراطية الفتية التي تسعى عبر القروض الى تجاوز تعثر الاقتصاد. ومن المتوقع ان تحصل البلاد في نيسان/أبريل على آخر دفعة مساعدات اقتصادية من صندوق النقد الدولي (بدأت عام 2016)، على ان تبدأ بتسديدها في 2020.
ولم يستقر الوضع الأمني في البلاد بعد، إذ لا تزال السلطات تدعو الى اليقظة من هجمات مسلحين متمركزين في المناطق الغربية والحدودية مع الجزائر نفذوا هجمات استهدفت رجال أمن وسياحا.
وليل الثلاثاء الأربعاء أعلنت السلطات التونسية انها قتلت “إرهابياً” في المنطقة الجبلية في محافظة القصرين غرب البلاد.