حل البرلمان التونسي يحظى بترحيب الشارع والقوى السياسية الفاعلة
دعوات لإجراء انتخابات برلمانية مبكرة في غضون ثلاثة أشهر
حظي قرار الرئيس التونسي قيس سعيد حل البرلمان، ترحيباً واسعاً في الأوساط الشعبية التونسية وعدد من الأحزاب السياسية الفاعلة، واعتبروه “قرارا صائبا”، وطالب بعضهم بضرورة أن يعقبه الإعلان عن تنظيم انتخابات برلمانية سابقة لأوانها خلال 3 أشهر، بينما وصفت الأطراف المعادية للرئيس تلك الخطوة بـ “غير دستورية”.
وفي السياق، عبّرت زعيمة الحزب الدستوري الحر في تونس عبير موسي، عن سعادتها بالقرار، ودعت التونسيين إلى الفرح والاحتفال بالخروج المذّل للإخونجية، مشيرة إلى أن هذا التنظيم تسبب في إفلاس البلاد، داعية إلى ضرورة محاسبته.
كما طالبت بضرورة الإعلان عن تنظيم انتخابات برلمانية مبكرة في غضون 90 يوما من تاريخ حل البرلمان، مثلما ينص على ذلك الدستور، والبدء في تنقية المناخ الانتخابي، عبر وقف التمويلات الأجنبية لحركة النهضة الإخونجية وغلق الجمعيات الداعمة له.
في حين رأى أمين عام “حركة الشعب” زهير المغزاوي أن حل البرلمان جاء متأخرا، مضيفا أنه قرار سليم في اتجاه الذهاب إلى انتخابات تشريعية ورئاسية مبكرة.
واعتبر أن ما قام به راشد الغنوشي وبقية النواب الذين شاركوا في الجلسة العامة لإلغاء العمل بالتدابير الاستثنائية هي “محاولة لتقسيم الدولة بعد أن أنهكها طيلة سنوات، وهي محاولة تقتضي قرار حل البرلمان”، داعيا سعيد إلى الخروج للشعب وتقديم خارطة طريق مدققة يوضح من خلالها تاريخ إجراء الانتخابات البرلمانية.
بدوره، عبّر حزب “التحالف من أجل تونس” في بيان، عن دعمه لقرار حل البرلمان، مطالبا رئيس الجمهورية بالإبقاء على رزنامة التصحيح المعلن عنها لإنهاء الحالة الاستثنائية، والتي تنص على إجراء انتخابات برلمانية في 17 ديسمبر بعد تنظيم استفتاء على النظام السياسي وتعديل القانون الانتخابي.
ودعا الحزب رئيس الجمهورية إلى الإعلان قريبا عن حوار وطني يشمل المنظمات الاجتماعية والأطراف السياسية التي لم تتورط مع منظومة الحكم السابقة، وتوسيع فرص التشاركية في صياغة مستقبل تونس وشعبها.
قرار مشروع
نفس الموقف تبنّاه حزب “التيار الشعبي”، الذي أكد أن قرار حل البرلمان نهائيا “قرار مشروع”، مشيرا إلى أنه كان على رسعيد اتخاذه منذ البداية خاصة بعد تحوّله إلى “وكر للتآمر على تونس من قبل بقايا منظومة الإرهاب والعمالة”.
كما طالب بفتح ملف المحاسبة باعتبارها الممر الإجباري لقطع الطريق أمام كل محاولات الاستيلاء على السلطة من قبل جماعات الإرهاب والفساد ولتنقية الحياة السياسية من كل الشوائب التي علقت بها.
كذلك، جاء موقف الاتحاد العام التونسي للشغل، المنظمة النقابية ذات النفوذ الواسع في البلاد، متناغما مع موقف الأغلبية السياسية المؤيدة لقرار حلّ البرلمان، حيث أكد الناطق الرسمي باسم الاتحاد العام للشغل سامي الطاهري، أن هذه الخطوة “جاءت متأخرة لكنها ضرورية”، مؤكدا أن الموقف الرسمي للاتحاد سيصدر مساء الخميس بعد اجتماع مكتبه التنفيذي.
الفصل 72 من الدستور
من جهته، اعتبر العضو السابق في الهيئة العليا المستقلة للانتخابات سامي بن سلامة، أن الفصل 72 من الدستور الذي استند إليه القرار الرئاسي، يخوّل رئيس الجمهورية حل البرلمان، قائلا “بما أنه صارت محاولة تمرّد ومحاولة للانقلاب على المرسوم 117، فإن هذا الفصل من الدستور هو الذي يمكن من الحفاظ عمليا على وحدة الدولة واستقلالها واستمراريتها، بعدما أرادوا تقسيمها والقضاء عليها ورهنها لأطراف أجنبية”.
وبخصوص الداعين إلى تنظيم انتخابات خلال 90 يوما، أوضح بن سلامة في بيان، أنّ الفصل 72 الذي اعتمد عليه الرئيس لا يتحدّث إطلاقا على انتخابات مبكرة، مشيرا إلى أن البلاد لا تزال تحت طائلة الفصل 80 من الدستور الذي يخول للرئيس اتخاذ جميع التدابير الاستثنائية التي يراها ضرورية، لافتا إلى أنّ الانتخابات البرلمانية ستكون في موعدها الذي أعلن عنه الرئيس وهو 17 ديسمبر المقبل.
“خرق للدستور”
في المقابل، اختلف موقف حزب “التيار الديمقراطي” المعارض للرئيس قيس سعيّد، وأعلن رفضه لقرار حل البرلمان، وقال إن هذه الخطوة تعدّ “خرقا آخر للدستور” وتمثّل ”تأكيدا لنزعته نحو الاستبداد”، وأبدى دعمه لقرار البرلمان المجمّد إنهاء العمل بالإجراءات الاستثنائية.
وجدّد دعمه لحوار وطني “هادئ وعقلاني” حول خارطة طريق تحترم الشرعية الدستورية وتفضي إلى انتخابات تشريعية ورئاسية مبكرة وفق قانون انتخابي يضمن أخلقية المشهد السياسي وعقلنته.
يذكر أن سعيّد كان حل البرلمان، مساء الأربعاء، بعد أشهر من تجميده، وذلك عقب قيام أعضاء بالبرلمان المجمّد بتشريع قانون يلغي الإجراءات الاستثنائية التي أعلنها الرئيس صيف العام الماضي، وهو إجراء اعتبره سعيد “محاولة فاشلة للانقلاب على الدولة وتآمرا مفضوحا على أمنها ومؤسساتها”. واستند الرئيس التونسي في قراره هذا إلى الفصل 72 من الدستور الذي ينص على أن “رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة، ورمز وحدتها، يضمن استقلالها واستمراريتها، ويسهر على احترام الدستور”.