خبراء يحذرون من إنتقال المجموعات الإرهابية إلى ليبيا بعد اتفاق وقف النار في سوريا

حذر خبراء  وباحثون من إمكانية إنتقال المجموعات الإرهابية إلى ليبيا بعد اتفاق وقف النار في سوريا.

ويرى كثير من المراقبين السياسيين أنّ اتفاق وقف إطلاق النار الأخير في إدلب، إنما جاء لصالح كل من الحكومة السورية وروسيا، حيث حصلا أكثر مما كانت تنصّ عليه اتفاقية سوتشي، فقد أصبح طريق دمشق- حلب الدولي بشكل كامل تحت سيطرة دمشق إلى غير رجعة قريبة، فضلاً عن السيطرة على ما يزيد عن 300 مدينة قرية وبلدة في أرياف حلب وإدلب وحماة.

وقد يكون رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان نجح بانتزاع وقف إطلاق نار في إدلب من الروسي فلاديمير بوتين، لكن الاتفاق يتجاهل نقاطا تشكّل مصدر قلق رئيسي بالنسبة لأنقرة، لا سيما مصير مئات آلاف اللاجئين المتكدسين على حدودها.

كما أنّ الاتفاق الذي تمّ التوصل إليه بعد لقاء دام ست ساعات بين الرجلين في موسكو لا يتضمن انسحاباً لقوات الجيش السوري إلى ما وراء نقاط المراقبة العسكرية التركية الموجودة في مناطق سيطر عليها الجيش السوري مؤخراً.

ووعد أردوغان فلاديمير بوتين بأن يحل مسألة الإرهابيين الذين يقدر عددهم بنحو 8 آلاف مقاتل من جنسيات غير سورية، قد يرسلهم إلى ليبيا أو منطقة جغرافية أُخرى، وفقاً لما يؤكده رامي عبدالرحمن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان.

تقول جنى جبور الخبيرة في الشؤون التركية في معهد الدراسات السياسية في باريس إلى أن “وقف إطلاق النار هش ومؤقت، لأن الحكومة السورية، عازمة على استعادة إدلب والقضاء على الإرهابيين هناك” أن النظام التركي سبزيد عمليات نقل المجموعات الإرهابية إلى ليبيا لدعم حكومة السراج في طرابلس.

وقد أرسل أردوغان خلال الأسابيع الماضية ما يُقارب الـ 7000 من المرتزقة السوريين من إدلب نحو ليبيا للقتال مع الميليشيات المتطرفة تحت راية حكومة السراج في طرابلس، وينتمي مُعظم هؤلاء لأقلية التركمان الموالية له، مع تقديم وعود لهم بالجنسية التركية والأموال القطرية.

وأطلقت تركيا عملية واسعة النطاق ضد القوات السورية، أسفرت حتى الآن عن مقتل العشرات في صفوفها، بعد مقتل أكثر من 50 عسكرياً تركياً في سلسلة هجمات شنّها النظام في فبراير.

وخلال الأيام التي سبقت القمة مع بوتين الداعم للحكومة السورية، طالب أردوغان الذي تدعم بلاده مجموعات مسلحة، بانسحابٍ لقوات الجيش السوري من إدلب وإنشاء منطقة آمنة على الأراضي السورية لإيواء نحو مليون نازح لتفادي تدفق جديد إلى تركيا.

قال المحلل السياسي علي باكير “أعتقد أن هذا الاتفاق تكتيكي لا يحلّ كل الخلافات بين أنقرة وموسكو”، مضيفاً “من غير الواضح ما إذا كانت قوات الجيش السوري ستنسحب بموجب هذا الاتفاق وكيف سيعود النازحون إلى منازلهم ما لم يتم هذا الانسحاب”.

يرى من جهته الباحث إيمريه كايا من مركز أبحاث “إيدام” في إسطنبول أن الاتفاق “على الأقل في هذه المرحلة، لا يحقق هدف تركيا بإنشاء منطقة آمنة لإيواء نازحي إدلب”.

وأضاف “ويعني ذلك بالنسبة لتركيا، التي لم تتمكن من الاعتماد على الدعم الذي كانت تأمله من حلفائها الغربيين، أن التوصل لوقف إطلاق نار يعدّ مخرجاً مقبولاً”.

يشدّد أردوغان على الجوانب الإيجابية من الاتفاق في تصريحات للصحافيين على متن الطائرة التي أعادته من موسكو.
وتتعاون أنقرة وموسكو بشكل وثيق في الملف السوري منذ عام 2016 رغم مصالحهما المتباينة في هذا البلد، لكن التصعيد الأخير في إدلب هدّد بوقوع قطيعة بين البلدين تم تفاديها في نهاية المطاف.

ويوضح كايا “يتعاونان في مجالات مهمة، لا سيما الطاقة. ربما انتهى شهر العسل بينهما، لكن زواجهما لا يزال قائماً”.
وأكد أن “وقف إطلاق النار يحقق العديد من المكاسب في عدة مجالات”، معتبراً أنه “يعزز أمن تركيا الحدودي أمام هجمات الجيش السوري” و”يشكل اساسا لإعادة الاستقرار إلى إدلب”.

تتيح الهدنة الجديدة أيضاً لتركيا أن تكسب بعض الوقت بانتظار دعم غربي مفترض.

ويحضّ أردوغان مراراً الدول الغربية على دعم مشروعه بناء مدن في شمال سوريا لإعادة إسكان النازحين السوريين.
وأدى التصعيد الأخير في إدلب إلى انهيار اتفاق سابق بين تركيا وروسيا تم التوصل إليه في عام 2018 في سوتشي بهدف وقف المعارك في المحافظة التي تشكّل المعقل الأخير لمجموعات إرهابية وفصائل مسلحة في سوريا.

وقد يواجه الاتفاق الجديد المصير نفسه لا سيما أنه لا يقدّم حلاً دائماً لإدلب بل مجرد تجميد للمعارك.

بدورها، اعتبرت الرئاسة الفرنسية الجمعة أن الاتفاق يتضمن عدداً من “النقاط الغامضة”. وتابعت “الأجندة الروسية تبقى واضحة جداً، أي السيطرة على كامل سوريا لصالح نظام بشار الأسد”.

 

الأوبزرفر العربي